يبدو انني ساضيف أصدقاء جدد الى طريقي الصباحي ..فقد لاحظت منذ مدة قصيرة ان هناك زوجان يسيران معي باكرا في ذات الشارع يوميا ..ما يميز هذين الزوجين ..هو انهما عبارة عن خليط بين الشرق والغرب فالرجل سوداني ..داكن البشرة… والمرأة خواجية بيضاء فاقع لونها تسر الناظرين … صرت التقيهما كل صباح عند محاذاتي بيت المستشار ..يسيران وهما يتحدثان كعصفورين صغيرين غير ابهين… بالنظرات المستنكرة للامين (صاحب البقالة الفي الناصية ) ..فلا شك ان الامين يرى ان هذا السوداني كامل الدسم ينتقص من رجولته عند سيره جنبا الى جنب مع زوجته ..لا (وكمان جابت ليها ونسة دقاقة)….
اليوم رأيتهما وهما يقفان في انتظار الحافلة …. عندما مررت بهما ..كانت الزوجة تلتقط شيئا من وجه زوجها بطرف اصبعها وهي تبتسم وهو يبادلها الضحك والابتسام ..هذه الحركة التلقائية ..أثارت موجة من الهلع بين المنتظرين ..فاتسعت العيون دهشة ..وتوارت الابتسامات وتوتر الجو فجاة … وانا اتأمل هذا المنظر قلت لنفسي …هل ترى لو كانت سودانية ..كان سيكون هذا الزوج معها بذات الاريحية هذه؟ ؟ أم ان لكل مقام مقال ولكل زوجة معاملة خاصة حسب لون الجواز؟؟..هل يغير السوداني جلده عند الزواج باجنبية؟؟؟ ..فيدفع بكل موروثاته ثمنا لعبور حاجز اللغة والمفاهيم ؟؟ ..كل التقاليد التي يلتزم بها الرجل السوداني عند زواجه باحدى بنات بلده..تصير هباء منثورا ..عند عزمه الزواج باجنبية …فيصير منفتحا ..واسع الصدر ..بل يتقبل مداعبتها علنا له امام أهله ..وذات الأهل الذين ينعتونك بالخفة والطيارة وانت تبدين قلقا خفيفا على زوجك ..هم نفسهم من يتهيون اعجابا بالخواجية التي تضاحك زوجها وتداعبه (عيني عينك ) بدون وضع اعتبار لتواجدهم ….
في المانيا التقيت مجموعة من الشباب السودانيين المتزوجين من المانيات ..كنت دائما ما ادخل في نقاشات حادة معهم ..بتساؤلي عمن سيتزوج السودانيات اذا كانوا هم يتزوجون الخواجيات؟؟؟ ..كانت ردودهم متباينة ..ولكن لفت نظري قول احدهم (السودانية زي شوال الملح ..دايراك تشيلها من هنا ..وتختها هنا …الالمانية متحركة لوحدها ..شوفي انا شغال في برلين وزوجتي في ميونيخ ..نتلاقى نهاية الاسبوع ..ياتو سودانية بتعمل كدا؟)..قلت له (كن صادقا مع نفسك ..لو سودانية لما سمحت لها بالعمل بعيدا عنك ..ولو خرجت عن طوعك واصرت على العمل بعيدا…تلفون صغير لأصغر اخوتها ليعيدها الى رشدها بطاعتك والجلوس كما تقول كشوال الملح ..اما الخواجية فلا تستطيع لا انت ولا جميع اهلك اثناءها عما تريد فعله ..فسيقف امامك قانون بلادها وسطوته قبل كل شئ )…كان من الممكن ان احترم خياره أذا قال لي انه احبها او وجد شيئا ما يشده اليها ولكن المني حقا ان ينتقص من قدر اخوات له …تحاصرهن البيئة والتقاليد…. وبدلا عن ان يتفهمهن ابناء بلادهم .يكونون هم اول من يلقي الاحجار عليهن…
لست ضد الزواج من اجنبيات ..بل العكس انا أعتقد بان ادخال جينات بعيدة سيحسن الموروث الجيني ويضفي حيوية على القادمين للحياة ..وكذلك ستضيف معارف وخبرات بلاد اخرى ..فاصل الحياة ان تتعارف الشعوب وتتالف…ولكني ضد ان تروج سلبا ضد بنات بلدك … فزواجك من السودانية ايا كانت قبيلتها يجعلك بكل أريحية تدعو من تشاء الى بيتك وانت تعلم انها (زولة حارة وضيوف)..فهي لن تتذمر من كثرتهم …وستلقاهم بوجه طلق…زواجك من السودانية سيجعل اهلك ياتون لزيارتك غير متحسسين ولا متخذي مواقف .فالبيت بيتهم …….واخيرا وليس اخرا بزواجك من السودانية ستشجع الصناعة الوطنية وتغني (بنحب من بلدنا مابرة البلد..سودانية تهوى عاشق ود بلد)..وصباحكم الف خير وعافية .
د. ناهد قرناص
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق