لم أستطع النوم بالامس من الام الظهر ..وهي تصيبني عادة عندما أرتكب ذنب ارتداء (الكعب العالي)…في كل مرة ارتديه اقول لنفسي (دي اخر مرة )..ولكن تجدني عندما تأتي أي مناسبة اخرى أختار من الاحذية اعلاها (كعبا) ولا اهتم بما تحدثه من الام ..انظر الى قدمي فأجدها منحدرة من الاعلى للأسفل منجذبة الى الأرض حسب قانون نيوتن ..وعندما أعود الى منزلي يصعب علي اخراج الحذاء من أثار التورم الذي أصاب قدمي …فأقسم مرة اخرى الا اعاود الكرة ..ووولكن كل مرة ( ترجع حليمة الى عادتها القديمة)…
ذات مساء كنت أشاهد فيلما كوميديا يتحدث عن رجل أمريكي ..انتزعت زوجته حضانة ألاطفال منه والزمته بعدم الاقتراب منهم..فاضطر الى استعمال الحيلة لرؤيتهم ..فتنكر في زي سيدة ونجح في الفوز بوظيفة مدبرة منزل لدي زوجته …في اول يوم وهو عائد من وظيفته الجديدة ..كان يسير متعثرا بحذائه عندما تساءل وهو يسوق كل الشتائم الامريكية المعروفة امامه (من هو عدو المراة هذا الذي أخترع الكعب العالي؟)….
فقفز السؤال الى رأسئ مباشرة ..فعلا من هو هذا العدو ؟؟؟بحثت ونقبت واستعنت بكتب التاريخ ..لأعرف من هي اول من ارتدت الكعب العالي تلك التي اتعبتنا واتعبت ظهورنا وأرجلنا معها ..فاذا بي أفاجا بان أول من ارتدى الكعب العالي كان رجلا..أي والله ..رااااااجل.. وكمان ملك ..فالخبر يقول يا سادة يا كرام أن الملك لويس الرابع عشر هو اول من ارتدى الكعب العالي لأنه كان قصير القامة وكان يريد ان يكون في طول وزرائه…(طيب واحنا مال اهلنا ..؟؟) ..أذن من هذه (الشليقة) التي اخذت الفكرة وطبقتها ومن ثم تداولتها النساء كشئ مسلم به حتى يومنا هذا؟؟؟؟
أغلب الظن ان السيناريو حدث كالاتي … الكعب العالي اول من لبسه رجل ..حاول بعض الرجال تقليده ..فلا أعتقد ان شيئا يرتديه الملك لا يحاول رجال الحاشية الاقتداء به ولو من باب (كسير التلج)…بعد محاولات قصيرة المدى اكتشف الرجال أن الكعب العالي وان كان يعطيهم طولا زائفا لفترة قصيرة ولكن الامه مبرحة ..فقرروا ذات ليل أن يقنعوا احدهم بتصميم حذاء نسائي بكعب عالي ..ومن ثم أقنع احد الذين يملكون (حنكا سنينا) زوجته بانه يحبها (طويلة)…فشربت المقلب ولبست الكعب العالي وتدبسنا نحن واللي كان كان…
وعلى ذات النسق تسري علينا قصة الموضة والملابس الضيقة التي تحرمك من التنفس الطبيعي ..أغلب مصممي الأزياء رجال …يرتدون المريح من الثياب ..ويصممون المريح والمناسب لبيئة العمل للرجال …ثم ياتون الى النساء ويكون الجمال هو ان ترتدي من الثياب ما يمنعك من الحركة السليمة ومن الاحذية ما يورثك ألما لا تزيله كل مسكنات الالم ….وهنا يحضرني الدعاء (اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا)…..وها نحن نسالك اللهم تخفيف تسلط أرباب الموضة ومصممي الاحذية العالية .ومختاري الألوان الغريبة …ومن باب جهد المقل ..
لن أستسلم لفرضيات هؤلاء المصممين ….واطالب بحركة نسوية يكون همها ان ترتدي النساء ملابس جميلة ولكنها مريحة وتسمح بالحركة ..ان تصمم احذية غير مرهقة للاقدام وفي ذات الوقت ترضي الانثى المهووسة بالاناقة ….أختي الحبيبة …معا لمحاربة الام الظهر الناتجة عن الكعب العالي…معا لمحاربة الملابس الضيقة التي تورث تصلب الشرايين ….معا لجعل الجمال والاناقة تعنى الراحة وسهولة الحركة ..معا نحو تحرر ذهني كامل للمراة …. …ووصباحكم خير
د. ناهد قرناص
كاتبة صحفية بصحيفة السوداني
تعمل بالمعمل المركزي رئيس قسم الكيمياء
دكتورة في الوراثة
متزوجة
وام لثلاثة ابناء
عبدالقادر – احمد – هند
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق