طارق الشيخ
ذاعت قصة الطالب الأميركي، السوداني الأصل، أحمد محمد الحسن في الإعلام، وأصبح الصبي أحد نجوم المجتمع الأميركي. وسأل موقع إلكتروني أميركي: "ماذا جرى: الصبي ذو الأربعة عشر عاماً من تكساس جلب ساعة صنعها بنفسه إلى المدرسة لإطلاع أستاذه عليها، وانتهى الأمر باعتقاله من سلطات إيرفينج، حينما أساء بعض الأساتذة التقدير وحسبوها قنبلة. بينما كل ما فعله أنه صنع ساعة رقمية. حدث ذلك يوم الإثنين، واستمر الثلاثاء، ووصلت القصة إلى الإنترنت".
تابعت الخبر شبكة "سي إن إن" وقناة "الجزيرة أميركا" في الصباح نفسه. واستمرت شبكات التلفزة الأميركية، كلٌّ على طريقتها، في متابعة دقيقة للحدث وتطوراته. وبدا الطالب أحمد، في أحاديثه، متماسكاً وواثقاً من نفسه وقدرته على التعبير الدقيق عما جرى له، وتبدت لباقته وثباته في مخاطبة صحافةٍ، تبحث عن كلمة لعثمة أو ارتباك، لتنسج حولها رواية أخرى.
وبمتابعة أكثر من موقع إلكتروني أميركي، وبمتابعة "تويتر" أيضاً، وبرصد تعامل الجمهور السوداني خصوصاً، والعربي عموماً، مع الحدث من وسائل الإعلام وشبكة الإنترنت، يتبدى أنه غلبت على تناول الميديا الأميركية الموضوع روح التضامن والتشجيع بأشد العبارات المخلصة والقوية، من قمة السلطة، ممثلة في الرئيس باراك أوباما، إلى المرشحة للرئاسة هيلاري كلينتون. ونجد روح التضامن والخطوات العملية والدعوات بالانضمام إلى مختلف المؤسسات
انطلق هذا الموقف الأميركي تجاه أحمد، بدايةً، من حالة فوبيا عامة من الاستهداف، ومن فوبيا خاصة تجاه الإسلام والمسلمين. من هذه الزاوية، يجسد الأمر حالة المزاج والواقع في أميركا ما بعد "11 سبتمبر". وعلى الرغم من ذلك، شهدنا تماسكاً سريعاً وتناغماً وتضامناً من أعلى الهرم السياسي إلى الناس العاديين الذين تضامنوا وجهروا بدعمهم صبياً نابغة. ولمسنا جانباً من تطورٍ مهم في المجتمع الأميركي، فالولايات المتحدة عبرت من عصر ما بعد الثورة الصناعية إلى عصر جديد للثورة التكنولوجية. هنا، حيث تتشكل وبصفة عامة بذرة رأسمالية جديدة تطغى عليها الجوانب الإنسانية، والفكر والمعرفة والتجديد، واهتمام بمخرجات الإبداع البشري ونتاج العقل، تسمو بها عن النظر إلى الجنس والعرق والدين.
عربياً وسودانياً، احتفت الميديا الاجتماعية بأن عربياً مسلماً من أصول سودانية اعتُقل لأنه
تخيّل شبّانٌ أحمد السوداني سائقاً للركشة، أو بائعاً في سوق أو عاطلاً جالساً، يحتسي كوباً من الشاي على شارع النيل. وحيث أننا في شهر سبتمبر/أيلول، وشباب كثيرون في السودان يستعيدون ذكرى أحداث سبتمبر من العام 2013، حيث قتلت السلطات وقتها شبّاناً في مظاهرات احتجاجية. قال أحدهم إن أحمد الأميركي لو كان في السودان في تلك الأيام من سبتمبر، لكان من الشهداء. وشتان ما بين أحمد الأميركي وأحمد السوداني، وشتان ما بين الرؤى من هوة شاسعة واسعة. الواضح أن أسلوب نظرة أميركا وتعاملها، الرسمي والمهني والشعبي، هما ما يجعلان أميركا ما هي عليه. والشيء نفسه ينطبق على الواقع، سودانياً وعربياً، وعلى نحو مأساوي.
العربي الجديد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق