ما تعرض له “المشير عمر البشير” من مهانة بـ”جنوب افريقيا” يجعل المرء يتساءل ما إذا كان الرجل يحمل “ضمير” بين جوانحه .. لأن ما رأيناه من كمية “العار” و”الذل”
و”الإحتقار” التي التفت حوله وطوقته .. يجعلنا نجزم بان “عمر البشير” لم يسمع -في كل حياته- بشيئ اسمه الكرامة والكبرياء وعزة النفس .. بل وليس له أدنى علاقة بجنس البشر .
نعم ، أفلت المُشير الهارب من “الزنزانة” التي جهزتها له السلطات العدلية بجنوب افريقيا .. ولكنه عاد إلى “الخرطوم” أسيفاً كئيباً كسيفاً يجر أذيال الخيبة والعار خلفه .. .. لأنه وان استطاع الإفلات من زنزانة المحكمة الفسيحة إلا انه حبس نفسه في زنزانة نفسية مُظلمة .. تلك “الزنزانة” التي ظل يهرب من مواجهتها طويلاً .. تارة بـ “الجعجعة” والكذب والصراخ .. وأخرى بالرقص و”المياعة” والخلاعة ..
وحقيقة تنازعتني مشاعر كثيرة ومتناقضة طوال الـ (48) ساعة الماضية .. فإحساسي ساعة الإعلان عن قرار المحكمة بمنعه من مغادرة “جنوب افريقيا” كان مزيجاً من الفرح والحزن .. الفرح : لأن القرار جعلني أحس بحرية لم أشعر بها من قبل .. وحرر مشاعر مكبوتة بدواخلي .. والحزن : لأن ثيابنا إتسخت بقذارته .. وتدنست “أرداننا” بدنسه .. وتلطخت سمعتنا بـ”رذاذ” عاره و”شناره” .. حتى أصبحنا نمشي في الشوارع مطأطئ الرؤوس خجلاً له ومنه .. لأن السؤال المُصاحب لنشرات الأخبار ، كان : كيف استطاع جبان وخسيس بسوية أخلاقية وسياسية مُنحطة كهذه ان يتربع على رؤوسكم لمدة (26) عاماً؟
المُضحك المُبكي في القصة ، ان “ثلة” من الجماعة التي يحتقر رئيسها بذلك الشكل المُخجل الذي يدعو للإنتحار .. أقامت الإحتفالات ورفعت الرايات بمناسبة أوبته (سالماً) .. وكأنه عائد من معركة من معارك التحرير ، وليس “خاسئاً وهو حسير” .. ولحسن الحظ كان إحتفالهم باهتاً كوجه “المُحتفى به” .. وبائساً مثله .. لدرجة انها المرة الأولى التي لم يمتّعنا فيها “الرجل الذليل” بفواصل من “رقصه” الماجن .. حيث ظهر عند وصوله هزيلاً على حقيقته كما جماعته التي أصبحت لا تثير عند الناس حتى شهية “البصق” عليها .. لأن جماعة تحتفي بالإهانة والعار والإحتقار هي جماعة وضيعة وسافلة وتافهة .. يجب أن يُهال التراب عليها وتُدفن .. كما تفعل “القطط” مع ما يخرج من بطونها !
بئس هذا الزمن البائس .. وبئس المُحتفي والمُحتفى به .. وبئس ذلك الحزب التافه .. وبئس تلك الأعلام المرفوعة .. وبئس الصور المرسومة .. وبئس الوزارة وزارة الخارجية .. وبئس وزيرها الباكي .. وبئس الجماعة التي تحتفي بالإهانات .. وبئس “الرئيس” الذي وهب وجهه لتلقي لصفعات .. وبئس قوم ولو أمرهم “صنم” لا يملك طُهر الأصنام .
وكما رددنا من قبل كثيراً ، كذلك نردد الآن مع الشاعر القديم ، ونقول : إن الهوان حمار البيت يألفه ** والحر ينكره والفيل والأسد .
الفيل والأسد .. وكل حيوانات الغابة تعرف معنى الكرامة والشرف وعزّة النفس وترفض الهوان ، ومشيرنا الذليل يألفه ويتمرغ فيه !
عبد المنعم سليمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق