مثلما صور صدام حسين هروب قواته المذل من احتلال الكويت انتصاراً يشبه انتصار المسلمين الاوائل وسماه (قادسية صدام) ، ثم قال انها (أم المعارك)، وكما كان وزير دعايته يتحدث عن هزائم (العلوج!) فيما طلائع قواتهم تقتحم العاصمة بغداد ، كذلك يتحدث عمر البشير – أسد افريقيا ! – عن انتصاره على المحكمة الجنائية الدولية ، اثر هروبه مذعوراً ومهاناً ، بعد ان حولت سلطات جنوب افريقيا سفره من المطار المدنى الى القاعدة الجوية العسكرية فى ووتركلوف وحذفت اسمه من قائمة المسافرين !
والنظم الشمولية واحدة وان اختلفت شعاراتها ، كلها تعتاش على الاكاذيب . وأى كذبة أكبر من تصوير هروب رئيس دولة الى بلده كانتصار ! لأول مرة فى تاريخ افريقيا تأمر محكمة افريقية بالقبض على رئيس دولة اثناء توليه السلطة ! وبذلك يكون عمر البشير هارباً من العدالة الدولية ومن عدالة جنوب افريقيا ! وسيواجه نفس المآل فى أى بلد افريقى ذى قضاء مستقل ! ورغم حشد الرؤساء الافارقة فى جوهانسبيرج لم يتفوه أى رئيس افريقى بكلمة تضامن واحده لصالح عمر البشير !! فيما عدا الرئيس المضيف جاكوب زوما الذى يواجه عاصفة من الانتقادات ربما تطيح به فى الانتخابات القادمة .
والأخطر ان الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون دعا علناً للقبض على عمر البشير . وكذلك فعلت الولايات المتحدة الامريكية ودول الاتحاد الاوروبى .
وفى بلاد يحتاج حوالى 6 مليون من مواطنيها الى مساعدات انسانية ، ويعانى أكثر من 23 % من شبابها من البطالة ، مما يستوجب ضخ استثمارات خارجية ضخمة لتوفير فرص العمل ، وترزح تحت وطأة الديون التى تستجدى لاعفائها ، وتشهد حالياً ازمة فى العملة الصعبة اعاقت استيراد الكميات اللازمة من وقود الكهرباء والجازولين والقمح والادوية وغاز الطبخ ، فى مثل هذه الظروف فان العزلة الدولية التى كشفت عنها تصريحات أمين عام الأمم المتحدة والدول الاوروبية والولايات المتحدة ليست عزلة مجانية ، وانما عزلة ترتبط مباشرة بلقمة عيش السودانيين !!
ولأن وزير خارجية النظام ابراهيم غندور يعلم كل ذلك ، فرغم تكراره كليشيهات (الانتصار) فى (غزوة) جوهانسبيرج الا انه حين كان بعيداً عن مايكرفونات الدعاية بكى حزناً على (الانتصار) المزعوم !! وهى دموع تختلط فيها مشاعر الهزيمة مع الخوف من تحميله المسؤولية !! ومع ذلك ، فانها دموع ، ومن هذه الزاوية تشبه دموع الضحايا . وان كانت قيادات النظام قد بدأت تبكى الآن فان غالبية أهل السودان ظلوا لأكثر من ربع قرن فى مخاضات الدم والدموع!!
وسبق وأشارت (حريات) الى ان عمر البشير اذ نفد بجلده فقد كرس صورته كهارب من العدالة الدولية ، وانتهى كرئيس دولة يحظى بالشرعية أو الاعتراف ، ولم تعد سوى مسألة زمن حتى يدفن شعب السودان جثة سلطته .
حريات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق