عبد الرحمن أبو الغيط-أم درمان
قبل 150 عاما جذبتهم التجارة إلى السودان، إلا أن الهنود القادمين من كوجرات المعروفة بالتجارة وجدوا ما يجذبهم في السودان، فاستقروا منذ مطلع القرن الماضي في عدد من المدن السودانية، ولكنهم لا يزالون يحتفظون بتقاليدهم الاجتماعية ويورثونها لأبنائهم.
قبل 150 عاما، أي في عام 1865، بدأ أبناء ولاية كوجرات الهندية المشهورة التجارة بالتوافد على السودان، بغرض التجارة في التوابل والأقمشة والعطور، لكنهم استقروا فيه لاحقا ولم يعودوا إلى بلادهم.
ومع مرور الزمن توارث الأبناء -الذين ولدوا في السودان واستوطنوا مدن سواكن، وبورسودان ومدني وكسلا وجوبا وأم درمان- مهنة آبائهم في التجارة، لكنهم أضافوا إليها تجارات أخرى تواكب العصر الحديث، كبيع الحواسب الآلية والهواتف الجوالة والمواد البلاستيكية وقطع غيار السيارات.
ورغم مرور قرن ونصف، حافظ هنود السودان على عاداتهم وتقاليدهم، خاصة في الأعياد وحفلات الزواج، كما أسسوا جالية تسعى لنقل تراثهم إلى الأجيال الجديدة، كما حرصوا على التواصل الدائم مع عائلاتهم في الهند.
فبين شندرا: سر نجاح الجالية الهندية هو اندماجهم الكبير في المجتمع السوداني (الجزيرة) |
تاريخ الهند
"العلاقة بين الهنود والسودان قديمة جدا، حيث كان الهنود يتوجهون إلى الساحل الأفريقي لتجارة الأقمشة والبخور والتوابل، لكن أول هندي وصل إلى السودان واستوطن فيه في العصر الحديث، هو غلاب لوشن الذي وصل إلى السودان عام 1901، عن طريق ميناء سواكن"، بحسب رواية فبين شندرا أحد أبناء الجالية الهندية في السودان.
وأضاف شندرا المولود في السودان والحاصل على الجنسية السودانية -في حديث للجزيرة نت- أن سر نجاح الجالية الهندية هو اندماجهم الكبير في المجتمع السوداني، فمعظم أبناء الجالية يعملون في مجال التجارة، والقليل منهم يعملون موظفين حكوميين، لكنه أشار إلى أنهم لا يفضلون المشاركة في الحياة السياسية ويكتفون بالإدلاء بأصواتهم في الانتخابات.
وحول علاقته بالهند، أشار إلى أن جميع أفراد الجالية يحرصون على السفر إلى الهند للتواصل مع عائلاتهم وتعليم الثقافة الهندية لأبنائهم. لافتا إلى أن الجالية تحرص على الاحتفال بالأعياد الهندية مثل عيد الاستقلال، وعيد رأس السنة الهندية.
اندماج كامل
من جانبه، أكد رئيس الجالية الهندية والأستاذ في كلية الطب بجامعة بحري، أنيل كومار، أن الجالية الهندية نشأت في أم درمان منذ خمسين عاما بهدف عمل نشاط اجتماعي وثقافي وكذلك التعارف بين أبناء الجالية بغرض الزواج.
وقال كومار في تصريح للجزيرة نت، إن "الجالية الهندية حرصت منذ تأسيسها على الحفاظ على التقاليد والموروثات الهندية لدى الأجيال الجديدة، لذلك أطلقت مدرسة هندية يدرس فيها الطلاب -إلى جانب المناهج السودانية- ثلاث لغات هي الهندية والعربية والإنجليزية، بالإضافة إلى مادة التاريخ الهندي وعلاقة الهند بالسودان وأفريقيا".
وأضاف قبل 150 عاما كان الهنود يعملون في السودان في بيع العطور والأقمشة والتوابل، ومع تطور الحياة أصبحوا يمتلكون عددا من المصانع، بالإضافة إلى عملهم في تجارة الحواسب الآلية والهواتف الجوالة وقطع غيار السيارات.
وتابع كومار أن "الجالية الهندية هي أصغر جالية في السودان، فعدد أفرادها داخل ولاية الخرطوم ثلاثة آلاف فقط، لكن نجاحهم في الاندماج الكامل داخل المجتمع، ساهم في إظهارهم كقوة مؤثرة داخل المجتمع، كما ساهم في حدوث بعض حالات الزواج بين الهنود والسودانيين في الفترة الأخيرة".
وأشار إلى أن الهنود تعلموا بعض العادات الطيبة من السودانيين مثل الكرم والتسامح ومساعدة الآخرين، كما عملوا على تعريف السودانيين بالثقافة الهندية عن طريق حفلات الزواج والأعياد التي تتم على الطريقة الهندية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق