الحرية للأستاذ المناضل الصحفي وليد الحسين
تيسير حسن إدريس
المبتدأ:
) سأراك في قلبي غداً، سأراك في قلبي
وأجهشُ يا ابن أُمِّي باللغة
لغةٍ تُفَتِّشُ عن بنيها، عن أراضيها وراويها
تموتُ ككُل مَنْ فيها وتُرمى في المعاجمْ) درويش.
اللغة هي أداة أساسية، إذا ما أردنا فهم الأولويات السياسية في أي مرحلة تاريخية.
والخبر:
(1)
الشعار السياسي ليس مجرد لفظ لغوي ناقل لرسالة معينة، وإنما هو فعل سياسي تغييري لابد أن يمكّن لمطلقه إنجاز أفعال على أرض الواقع ليطابق القول الفعل وإلا أصبح مجرد هتافية خالية من المضمون؛ واللغة الشعاراتية لا تختلف وظائفها عن وظائف اللغة عمومًا فهي معرفية وتواصلية وتعبيرية؛ بيد أن للغة الشعار السياسي تحديدا وظائف وخصائص تمتاز بها منها وظيفتها الحاثّة على المشاركة، ووظيفتها المحورية المتمثلة في التنبيه أو التحريض على سلك أقصر الطرق لتحقيق الأهداف التي يدعو لها الشعار؛ باعتباره حاملا ثقافيا يحمل رسالة مباشرة وواضحة تحث على الاصطفاف والسعي لبلوغ مرامٍ بعينها؛ أما أهم خصائص ومميزات لغة الشعار فتجسدها حالة (التناص) الدائم مع فنون وابداعات المرحلة التاريخية التي يطلق فيها حيث نجد معظم الشعارات تستوحى من نصوص شعرية أو مسرحية أو مقولات فلسفية أو دينية ذاع صيتها في ذات المرحلة.
(2)
وطالما أن الهدف من إطلاق الشعار السياسي هو الحشد والتحفيز والدعوة للالتفاف حول فحواه فمن المنطق أن تتغير صياغته مرحليا وفقا لمعطيات الواقع الذي يعبر عنه ويطرح قضاياه؛ وانطلاقا من هذا الفهم الجدلي؛ فالشعار السياسي الذي طرح قبل ربع قرن من الزمان يستحيل أن يعبر بصدق عن واقع اليوم مهما توهم مطلقه وظل ممسكا بتلابيبه؛ وفي هذه النقطة تختلف الآراء؛ فهناك من يرى أن الشعار السياسي ينقسم إلى نوعين: شعار مرحلي تكتيكي وهذا عادة ما يكون محدد الأجل وآخر استراتيجي يظل صالحا لعدة مراحل تاريخية لأن أمر تنزيله على الأرض يتطلب عقودا من النضال تطول وتقصر حسب اختلاف شروط الواقع؛ وهناك من يرفض هذا الطرح ويصر على أن متغيرات الواقع المتجدد مهما بدت بسيطة تظل في حاجة لنص شعاراتي يعبر بصدق عن تفاصيلها ولا يجب وضع أي اعتبار لمعادلة "المراوحة التاريخية" عند صياغة الشعار السياسي باعتبار أن الاحتكام لمعادلة "المراوحة التاريخية" في طرح الشعار نهج ذرائعي يناقض الجدل ويدعو للتقاعس عن ملاحقة المتغيرات.
(3)
هذا الطرح يعتمد على أن تراكم المتغيرات في الواقع المحدد مهما كانت بسيطة وسلحفائه إلا أن محصلتها تجرح - على الأقل - مصداقية الشعار غير المواكب لحركتها إن لم تسقطه نهائيا وتفرض إعادة صياغته ليتسق وجوهر وظيفته كأداة تعبر عن صراع الآني حيث لا يمكن أن يظل شعارٌ سياسيٌّ طرح في مرحلة تاريخية ما صالحًا طوال الوقت ما لم يعاد النظر فيه؛ وإن شاع هذا الوهم فهو مؤشر يشير بوضوح لوجود أزمة فكرية عميقة؛ وفي هذه الحالة غالبا ما تكون العلة وجود خلل في العلاقة بين (الشعار) و (الواقع) مما يكشف ضعف منهج التحليل المتبع وعدم قدرته على تلمس احتياجات الواقع؛ هذا الضعف ينعكس سلبا على عملية تثوير ذلك الواقع وحفز قدراته الكامنة لمواجهة المعضلات الماثلة بالتعبير عنها شعارا أولاً ثم العمل على تجاوزها بالفعل؛ فهي إذا أزمة واقع غارق في التكلس وأدوات تغيير عاجزة عن تحريك جموده وكسر (حلقته الشريرة).
(4)
وفي كل الاحوال يبقى الشعار السياسي أداة مهمة لحشد الجماهير ولفت نظرها ولكن إن لم يعبر بصدق عن قضايا المرحلة سرعان ما يفقد توهجه وقوة جذبه وتفقد الجهة الطارحة له مصداقيتها وتنصرف عنها وعن أطروحاتها الجماهير؛ فالشعار الذي يطرح في مرحلة محددة ولا يتم تنفيذه خلال نفس المرحلة من الأجدر مراجعته وإعادة النظر في صياغته ومقاصده.
** يا أشقاءنا في السعودية: أطلقوا سراح ضيفكم الصحافي وليد الحسين!
** الديمقراطية قادمة وراشدة لا محال ولو كره المنافقون.
تيسير حسن إدريس 03/09/2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق