الخرطوم - الزين عثمان
يحمر وجهه خجلاً حين يتم التأكد من حمولة (كيسه) الذي عاد محملاً به إلى المنزل ومعه السؤال: (وين السلطة؟). هو لم ينسها بالطبع ولكنه لم يستطع إليها سبيلاً فكيلو الطماطم في أسواق الخرطوم تجاوز الـ(40) جنيهاً وبات على خطوات قليلة من كيلو اللحم.
يترنم البعض بأغنية "اتعزز الليمون شأن بالغنا في ريدو"، العزة في هذه الأيام تمارسها الطماطم بأقصى صورة بعد أن صارت سيدة الغلاء، الأسعار التي دفعت بالكثيرين لتجاوزها والبحث عن بدائل أخرى واكتفوا من كيس السلطة بالبصل والعجور والجرجير والجزر.
يقول عادل، بائع الخضار، وهو يضع الطماطم في مكان عال في منضدته على الشارع الرئيسي، متحدثا عن أسعارها الحالية إن الأمر ليس بيدهم وإنما لهم فيها فقط أجر المناولة، ويضيف بحسرة أنه يأتي بها في هذه الأيام كمجرد صنف "يعني بالنظر بس"، ويفسر ارتفاع الأسعار بأنه لا يوجد إنتاج في الوقت الحالي وأيضاً لا يوجد استيراد. لا تندهش، ففي الأيام السابقة كانت البلاد تستورد بعض احتياجاتها من السلعة من الأسواق الإثيوبية.
يبرر أحمد، الموظف العائد إلى منزله دون طماطم، هذا الأمر بأن تكلفة السلعة لا تحتملها ميزانيته الضئيلة، ويضيف أنه في هذه الحالة يتعامل معها باعتبارها من الكماليات إذا كان نصف الكيلو منها يعادل نصف كيلو لحم فاللحم أولى بالدخول إلى المنزل، أو هكذا تقول المعادلة الاقتصادية في ظل الظروف الراهنة.
الطماطم ليست وحدها التي تمارس التمنع على غمار الناس في السودان وإنما تدعمها وبصورة كبيرة فاكهة الفقراء، الموز، الذي كانت تعلو أصوات المايكرفونات وهي تنادي عليه بأربعة جنيهات تتحول إلى ثلاثة في مساءات موقف جاكسون، وصل سعر الكيلو منه إلى سبعة جنيهات لم تترك للشيخ العابر ما يقوله في وجه البائع غير: "ربنا يسهل علينا وعليكم"، ويفعل ما اعتاد أن يفعله على الدوام من تمسك بقيمة (الصبر) فهي القيمة الوحيدة التي تمكنك من الاستمرار في الحياة والابتسام معاً
اليوم التالي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق