كسلا - سمر سليمان لا يأبه خور القاش الموسمي لجمال مدينة كسلا وحسنها الذي غنى له الشعراء، ولا يتردد سنويا في توجيه طلعاته على المدينة العذراء، مسببا لها الأذى الجسيم، ولا يكترث حتى للافتة المنصوبة في مدخلها وهي تحمل العبارة: (كسلا هبة القاش)، وعلى مر السنوات فإن سجال الدمار والجمال من الخور لا يتوقف، ورغم كل سبل الحياة التي يصنعها في المدينة المشهورة بإنتاج الموالح، إلا أنه أيضا يجرف مساكنها ويخرب الحدائق الراقدة على شاطئيه. (1) قبل يومين، بدأ سيل خور القاش في الانسياب رويدا رويدا، وهي عادته، إذ أنه يبدأ بحجم جريان ضعيف أو متوسط، وسرعان ما يصل لذروة امتلاء حوضه ومن ثم يفيض مخلفا وراءه كوارث فادحة وخسائر ما تلبث أن تجف سنويا دون تعويض، وسرعان ما بدأت الأحياء والمزارع على ضفافه في التهيؤ ولو بقدر متواضع لحماية ممتلكاتها، ورغم صرف الحكومة على مشاريع ترويض القاش، إلا أنه دائما ما ينحرف عن مساره ويدخل مدينة كسلا، خاصة جاريه حيي (الكارة) و(الختمية)، وهو ما يجعل الخوف من مياه الخور قائما في كل الأحوال. (2) ويقول مواطنون إن التحضيرات الحكومية لمنع تأثيرات فيضان نهر القاش غير مطمئنة، خاصة وأن أمطارا غزيرة هطلت في الهضبة الإثيوبية، فيما يرى آخرون أن الاستعدادات للقاش لم تكن مبكرة وبالصوره المطلوبة، ونوهت مصادر لـ(اليوم التالي) لعدم توافر آليات الحفر ما عدا آلة واحدة وقلابين لنقل التراب، ويطالبون بحماية الجهات المتاخمة للنهر، وسبق أن اعتدى القاش في العام الماضي على مدينة أروما وأحدث فيها خسائر فادحة، فيما يتخوف المواطنون من تكرار فيضان العام (2003) الذي أدى لدمار أجزاء كبيرة من كسلا. (3) ورغم القسوة المتوقعة للقاش على مدينة كسلا إلا أنه أيضا يشكل المورد المائي المهم للمدينة وحوضها الجوفي، حيث تعتمد عليه في تغطية آبارها التي تسقي المدينة بمياه الشرب، ويصنع الحزام الأخضر الطويل من الجنائن الكسلاوية المعروفة التي ألهمت العشاق والمبدعين ورسمت في خيالهم صور الإبداع وترجموها لأغنيات
اليوم التالي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق