بعيداً عن أزمة العالقين الماثلة في كاليه وعاصمة الضباب، حيث يقيم مرشد الطريقة الختمية، أو ربما قريباً منها، حيث يدير مفاصل حزبه بالخرطوم، نجله محمد الحسن، تبدو المناظرات الكلامية هي المحركة للفعل السياسي.
حسناً، رويداً رويداً، وبخفة ورشاقة ينتقل المصطلح “الداعشي” إلى الأوساط السياسية والثقافية بعد أن اقتصر سابقاً على تسمية المتطرفين ليجد في قاموس السياسة السودانية حيزاً كبيراً، بعد أن استخدمه السيد الحسن الميرغني ضد مناوئيه السياسيين. لكن ليس الميرغني وحده من اجترح دمغ قيادات حزبه التي تختلف معه في قضايا المشاركة السياسية، بالألفاظ والنعوت القاسية، والتي يعتقد البعض أنها تسهم في تسميم البيئة السياسية، فالساحة السودانية عامرة بالحرب الكلامية، وفينة بعد أخرى كان السياسيين نجوما للجدل حول إلصاق الكلام الجارح والخادش للممارسة السياسية في وجه من يختلفون معهم في الموقف والمبدأ.
يقول علي السيد المحامي أحد مناوئي السيد الحسن في الحزب أن الميرغني أطلق المفردة بسبب شهرتها في ذلك الوقت أو كما قال حرفيا “كلمة لقاها حايمة ساي وقالها”، في ما يرى القيادي الآخر في الاتحادي الأصل البروفيسور بخاري الجعلي أن الكلمة ليست لها أي دلالة سياسية ولا تنتمي بأي حال من الأحوال لأجيال المصطلحات المعروفة والمتداولة سياسيا، ويشير إلى أنه ورغم وصوله لدرجة الأستاذية إلا أنه يجهل مغزى ومعنى هذا المصطلح، لكن على السيد يرى أن الميرغني كان يرمي وراء توصيفه إلى الإشارة للتطرف بحكم ما عرف به التنظيم الداعشي. ويظهر على السيد استغرابا لاستخدام المفردة عندما يقول إنها تعني العكس تماما بالنسبة للموقف السياسي في الحزب الاتحادي الديمقراطي، فالسيد الحسن مارس تطرفا فعليا عندما قام بفصل قيادات حزبه دون الرجوع لأي مؤسسة أو دستور أو عرف في الحزب، ويمتنع مولانا بخاري الجعلي من الدخول في مساجلات من هذا النوع لاعتبارات الأدب الصوفي الذي يستمده من جده الشيخ الجعلي شيخ الطريقة القادرية.
الساحة السودانية عامرة بالحرب الكلامية في وجه الخصوم السياسيين وبتعبيرات قد تصل لتخوم الإساءة. فكثيرا ما رد السيد الصادق المهدي على توصيفات غريمه اللدود ونائب رئيس حزب المؤتمر الوطني السابق الدكتور نافع علي نافع بألفاظ كثيرة يذكر منها المراقب “الحانوتي”. المعروف بالطبع أن قاموس نافع هو الآخر كان قد أثار الكثير من الكيانات المعارضية ضده، بل وانتظمت الشارع في هبة ما احتجاجات حملت مسمى (جمعة لحس الكوع)، رداً على عبارات بذلها في سياق نقده للمعارضة.
بالنسبة للإعلام والصحف لا يبدو الأمر سهلا فالأستاذ فيصل محمد صالح الخبير الإعلامي وأستاذ الإعلام بالجامعات السودانية ورغم تأكيده بأن الإعلام وسيط لنقل الحقائق والأخبار، لكنه ينوه إلى هذا لا يعني أن تصبح الصحف مجرد سطح فارغ يكتب فيه أي شخص ما يشاء، ويلفت إلى أن الأمر تحكمه معايير أخلاقية ومهنية ومرشد ودليل عملي، ويرى أن على الصحف أن لا تكتب أي نعت يتضمن الحط من كرامة الآخرين ويجب أن تكون المصطلحات خاضعة للتقويم من قبل الصحيفة، وهل يتضمن توصيف سياسي غير لائق؟، ويؤكد فيصل أن الساحة السياسية طوال السنوات القليلة الماضية كانت تحتوي إهانات ونعوتا للأفراد والكيانات، ويؤكد حديثه حال إجراء أي مسح على الصحف طوال السنوات القليلة الماضية أيضا.
اليوم التالي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق