الخرطوم ـ «القدس العربي»:
غادر الرئيس السوداني عمر البشير أمس إلى الصين في زيارة تستغرق عدة أيام ،مغادرة البشير للخرطوم فتحت المجال واسعا للجدل الذي ظلّ يتكرر في كل رحلاته الأخيرة.
الزيارة تجيء للمشاركة في احتفالات الصين في الحرب العالمية الثانية، وشراء طائرات وبواخر والتباحث حول إعفاء الديون والتنسيق السياسي في المواقف المختلفة،وتعتبر الصين الشريك التجاري الأول للسودان بينما يحل السودان ثانيا في قائمة تعاملها الاقتصادي في إفريقيا.
رحلات البشير الخارجية ظلت مثار جدل منذ أن وضعته المحكمة الجنائية الدولية على رأس قائمة من المسؤولين السودانيين للمثول أمامها في عام 2009م بدعوى ارتكاب جرائم في اقليم دارفور.
وأحدثت رحلته الأخيرة لجنوب افريقيا ردود أفعال كبيرة حيث ارتفعت حظوظ المطالبين بالقبض عليه،وغيّرت هذه الأحداث مسار القمة، لكنه غادر بطريقة دراماتيكية ،وكانت رحلته للصين نفسها عام 2011م مثار جدل بعد أن عادت طائرته من الجو لرفض دولة تركمانستان منح طائرته تصريح عبور لأجوائها الأمر الذي أدى لتأخير الرحلة ليوم كامل وسط شائعات قوية بالقبض عليه.
وذكر الناطق باسم الخارجية السودانية أن هذه الزيارة التي بدأها البشير أمس تتضمن شقين ،حيث تشهد مشاركته لإحتفالات الصين في مناسبة كبيرة، إضافة لقمة ثنائية تتعلق بالجوانب السياسية وعقد صفقات اقتصادية وهنالك ملتقى لرجال الأعمال السودانيين والصنيين.
وزير النقل السوداني مكاوي أحمد أوضح في تصريحات صحافية مجالات التعاون الإقتصادي التي ستتم في هذه الزيارة ،وعلى رأسها شراء قاطرات وتنفيذ خط سكة حديد طوله 1000كليومتر بمواصفات حديثة ليربط شرق ووسط السودان ويصل حتى مدينة الدمازين وشراء قاطرتين تربطان مدينة ودمدني بالعاصمة الخرطوم،إضافة لشراء طائرتين أيرباص من طراز (320)وتسع بواخر لنقل البضائع والركاب ،وينتظر السودان من هذه الرحلة مكسبا اقتصاديا كبيرا بخصوص ديون الصين عليه والتي تبلغ أكثر من 10مليارات دولار وذلك من خلال إعفائها أو جدولتها على أقل تقدير.
الصين تعتبر دولة صديقة للسودان وغير منضمة للمحكمة الجنائية الدولية، لكن منظمات المجتمع المدني في الصين وغيرها من دول العالم عادت للمطالبة بالقبض على البشير حال وجوده في الصين ويشير بعض المحللين لصعوبة تنفيذ هذا الأمر نسبة لإختلاف الأوضاع السياسية بين الصين وجنوب أفريقيا التي كاد أن يقبض على البشير في أراضيها وأحدثت زيارته خلافات سياسية وجدلا قانونيا لايزال مشتعلا حتى اليوم.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي جدلا بين السودانيين حول سفر البشير وزيارته للصين ،وبدأ الجدل منذ أن ذكر اسمه ضمن الرؤساء الذين سوف يخاطبون قمة الأمم المتحدة في هذا الشهر بنيويورك وارتفعت وتيرة السجال بين مؤيد ومعارض لتحركات البشير الخارجية، بعد مقال لمدعي المحكمة الجنائية السابق أوكامبو يطالب فيه أمريكا بالقبض على البشير بمجرد وصوله الولايات المتحدة.
وفشل البشير في حضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل عامين، لكن الولايات المتحدة أوضحت عدم موافقتها على ذلك وقامت منظمات حقوقية وناشطون بجهود كبيرة لمنع حضور البشير فلم يسافر في ذلك الوقت.
ولم يقتصر «حرج» البشير في السفر إلى أمريكا والدول الأوربية ،فقد واجه معضلة في اجتماع قمة للاتحاد الافريقي في نيجيريا في أيلول/يوليو 2013 حيث نشطت جماعات حقوقية هناك في إيداع دعوى قضائية تدعو إلى اعتقاله الأمر الذي جعله يقطع القمة ويعود فجأة للخرطوم!
ورغم المطالبات المتلاحقة بمثول البشير أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب في اقليم دارفور،فقد فاز بسهولة في انتخابات عقدت في نيسان/أبريل الماضي نصبته رئيسا للسودان لخمس سنوات مقبلة ترتفع مدة حكمه لأكثر من ثلاثين عاما كأطول فترة زمنية لرئيس سوداني.
صلاح الدين مصطفى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق