منذ صغرها كانت حواء آدم تمني نفسها بزيارة بيت الله الحرام والصلاة في مسجد النبي الكريم وزيارة قبره، وحينما سنحت لها الفرصة بعد أن كبرت وشاب رأسها، تقدمت لاستخراج جواز سفر بإدارة الهجرة والجوازات عن طريق إحدى وكالات السفر والسياحة، ذهبت إلى هناك والفرح يملأ دواخلها لأن حلمها أصبح على وشك التحقق، وعندما حان موعد تسلم الجواز فوجئت المكلومة حواء بقصة سنرويها على هذا المتن.
مافيا وكالات السفر
كانت المواطنة حواء آدم تمني نفسها بزيارة بيت الله الحرام لأداء مناسك العمرة في شهر رمضان المعظم، لتخفيف ذنوبها وكسب رضا ربها وزيارة قبر الرسول الكريم، فشرعت فورا في استخراج جواز السفر في خواتيم شهر فبراير الماضي، عن طريق إحدى وكالات السفر والسياحة، وأكملت حواء الإجراءات بعد معاناة مع الشبكة (الطاشة) ثم تسلمت إيصال استلام الجواز بتاريخ 9 مارس ودخلت في حالة من الغبطة والسرور وهي ترى أحلامها تقترب شيئا فشيئا من التحقيق، وبعد أن جاء الموعد المحدد في الإيصال ذهبت إلى مقر الجوازات بالسجانة لكنها فوجئت بأن جوازها لم يصل وأخبرتها الموظفة بالاستقبال بأن عليها الحضور في اليوم التالي، بالفعل ذهبت لكنها لم تعثر على جوازها أيضا.
تعنت المدير
ظلت حواء التي تسكن غربي أم درمان تترد المرة تلو الأخرى على مقر الجوازات والهجرة بالسجانة للحصول على جوازها الضائع لكنها للأسف الشديد لم تصل إلى نتيجة، وبعد معاناة استمرت طويلا قابلت المدير، وحكت له شأنها لكنه لم يعرها اهتماما ولم يحرك ساكنا لحل مشكلتها التي حدثت في أروقة إدارته – على حد قولها- فعادت حواء أدراجها إلى منزلها وفي النفس شيء من الحزن، وبدأ حلمها بزيارة بيت الله يتبخر، ومع ذلك لم تستسلم وباتت تمارس ضغوطا على إدارة الجوازات واستمر بها الحال لمدة ثلاثة أشهر حتى تحركوا وقدموا طلباً (للمصنع) على حد قولها، ربما تعني المطبعة التي تطبع الجوازات، يستفسرونها عن جواز المواطنة حواء وإلى أي جهة ذهب وهل ضاع أم لم تتم طباعته؟
كفة الميزان
وقالت إنها استفسرت مندوب المصنع (المطبعة) بإدارة الجوازات والهجرة بالسجانة عن جوازها المفقود، فأشار إليها بأن المصنع ليست له أي علاقة بمثل هذه المشكلات، وهي ليست من اختصاصه، بينما ظل المسؤولون بالجوازات يتنصلون عن هذه القضية التي تقول حواء إنها أنهكتها ونالت من جسدها خاصة أنها الوحيدة التي تعمل لرعاية أبناءها الخمسة الصغار الذين لا يزالون طلابا لم يكملوا تعليمهم، بعد أن فارق زوجها الحياة وترك لها حملا ثقيلا، وأضافت حواء أنها منذ أن حدثت لها هذه القصة فقدت توازنها بين مطاردة جواز سفرها الضائع وتوفير لقمه العيش لأبنائها.
نهاية حزينة
ومنذ ذلك الحين وحتى هذه اللحظة لم تعرف المواطنة حواء، المغلوبة على أمرها، مكان الجواز التابع الذي يخصها ولم تتحصل على أي معلومات في هذا الشأن في الوقت الذي يتجاهلها المسؤولون، وكلما تذهب إليهم يرددون عليها عبارة “مافي جديد عن جوازك تعالي بكرة”، لكنها عادت وشككت في الوكالات وقالت إنهم يسفرون الأشخاص المستعجلين مقابل أموال باهظة بشرط أن تكون ملامحهم تشبه ملامح صاحب الجواز، وتخوفت أن يكون حدث لها شيء من هذا القبيل، بالرغم من أن صاحب الوكالة الذي قدم لها للجواز نفى هذا الحديث، وقال لها إنه لم يتسلم جوازها حتى الآن والدليل أنها لا تزال محتفظة بالإيصال المالي.
تبخر الحلم
واستمرت الأمور على هذا الوضع، ولم تعرف المكلومة حواء عن جوازها شيئاً بالرغم من أن المهندس أكد لها أن جوازها تم تسجيله ضمن الجوازات المستخرجة بعد الفحص والتدقيق.
بالتأكيد هناك الكثير من أمثال حواء ضاعت مستنداتهم الرسمية بين ردهات المؤسسات الحكومية نتيجة الإهمال بتلك المؤسسات، ولا تزال حواء تشكو ألما وتبدي حزنها العميق عند حديثها لـ(اليوم التالي) لضياع حلمها الذي تأمل تحقيقه منذ صغرها وعندما سنحت لها الفرصة تبخر الحلم بغياب جواز سفرها لمدة نصف عام، فإلى متى سيستمر هذا الوضع؟
اليوم التالي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق