الأحد، 13 سبتمبر 2015

جنوب كرفان : سلاح التجويع وحوافز الإبادة


خالد فضل
"الوالي الهمام ؛خريج مؤسسة جهاز الأمن , تدرّج في أقبية بيوت الأشباح , ووسائل التعذيب المبتكرة , وارد إيران وخبرة الجستابو , ومرسومه هذا يمثل حالة تلبس كاملة بجرائم حرب"
 لم يعد في الوسع تحمل حجم الفجيعة التي يتلظى بلهبها السودانيون كل صباح جديد تحت حكم جماعة الإبادة الجماعية من مجرمي الحرب. الذين يزعمون انتماء لتعاليم الاسلام . أنظر لهذا الخبر الخطير الذي أوردته صحيفتنا هذه نقلا عن وكالة الأنباء الرسمية (سونا),8/9/2015م , فحواه ؛ أصدر اللواء أمن ,عيسى آدم أبّكر , والي ولاية جنوب كردفان مرسوما مؤقتا يمنع بموجبه الإتجار مع الجماعات المسلحة والمتمردة على الدولة (تجارة السمبك). وأنّ كل من يرتكب جريمة الإتجار معها يُعاقبُ بالإعدام أو السجن المؤبّد مع مصادرة أمواله ووسائل ارتكاب الجريمة . وأجاز المرسوم عقوبة السجن لمدّة أقلّ أو الغرامة , لكل شخص يقوم بتقديم السلع أو الخدمات أو الكساء أو الوقود أو المحروقات أو الدواء وادوات الاتصال والتواصل أو أي شكل من أشكال الدعم المادي أو يقوم بالبيع أو الشراء أو يحوز على سلع وخدمات ترتبط بتلك الجماعات أو منسوبيها أو وكلائها أو مخدميها ,أو يقوم بالتصنيع أو التعدين أو ممارسة أي حرفة أو مهنة مع تلك الجماعات . وفي حالة الحكم بمصادرة أي أموال أو وسائل لارتكاب الجريمة تؤول الأموال والوسائل المُصادرة لصالح حكومة الولاية  على أنْ تخصص حكومة الولاية 40%لصالح الجهة العسكرية المُنفّذة لعملية الضبط .
  لا أتذكّر بالضبط بنود قانون المناطق المقفولة الذي كان قد أصدرته سلطة الاستعمار الانجليزي/المصري في السودان في عام 1922م و بموجبه تم عزل مديريات جنوب السودان (سابقا) , ومناطق جبال النوبة عن بقية أنحاء السودان , وهو القانون الذي استمر لحوالي 20سنة قبل أنْ يتم إلغاؤه , لكن من المؤكد أنّ السلطة الاستعمارية لم تكن بغلظة وقسوة وفظاظة قلب , جنرال الأمن , وقيادته العليا , من حكام العهد الغيهب في سودان القرن الحادي والعشرين , فالوالي الهمام ؛خريج مؤسسة جهاز الأمن سيئة الصيت , تدرّج في أقبية بيوت الأشباح , ووسائل التعذيب المبتكرة , وارد إيران وخبرة الجستابو , لذلك لا يتجاوز تفكيره الوسائل الأمنية القذرة , علما بأنّ مرسومه هذا يمثل حالة تلبس كاملة بجرائم (الإبادة الجماعية,وجرائم الحرب , والجرائم ضد الانسانية) , وهي جرائم رسمية , مدفوعة الأجر حسبما ورد في المرسوم الولائي محل النظر , فتخصيص نسبة 40% مما يتم مُصادرته مما اسماها المرسوم الأموال والوسائل التي ارتكبت بها جريمة الاتجار أو التواصل مع المتمردين , لصالح الجهة العسكرية المنفذة لعملية الضبط ؛ يعني مباشرة  اطلاق يد المليشيات الموالية للسلطة , وما أدراك ما مليشيات الجنجويد وما ارتكبته من فظائع في اقليم دارفور ! وقد نُسب لقائدها الميداني حميدتي في حوار صحفي نشرته احدى صحف الخرطوم قبل عدة شهور , أنّ قواته لم تجد مواطنين في جبال النوبة إنّما وجدت متمردين وقتلتهم , هذه العقلية التي يفكر بها قائد الجنجويد حميدتي , هي ذاتها التي يفكّر بها الوالي سليل جهاز الأمن ,كما وهناك مليشيات الدفاع الشعبي بتهورها وعنفها الأعمى , وغيرها من مليشيات ومرتزقة كثر يجوبون انحاء السودان سلبا ونهبا . وباعادة قراءة المرسوم , لا يجد أدنى الناس نظرا , أنّه اعلان حرب جبانة بأسلحة صدئة , تقود ممارستها مباشرة الى جرائم الحرب , فراعي الغنم الذي تدخل بهائمه الى مناطق سيطرة قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان أوقوات الجبهة الثورية , يُعتبر مرتكبا للجريمة المحددة بموجب المرسوم , وبالتالي يجب مُصادرة سعيّته , لصالح حكومة الولاية والتي تعيد توزيعها بكرم أمنجي باذخ , بحيث تحوز المليشيا التي مارست الانتهاك , واغتصبت الأملاك ,على 40% حافز ودافع لارتكاب مزيد من الجرائم , هكذا  ؛ يؤذن عمر البشير بحربه على الرافضين لحواره ووفق شروطه وأجندته , وما أصدره والي جنوب كردفان هو صدى واستجابة متعجّلة للشر , فعهد أهل السودان بسلطة الاستبداد هذه , أنّها تهبُّ خفيفة للأذى والقهر والقمع , وتتثاقل خطواتها , بل لا ترواح مكانها في كلّ ما يتعلق بمصائر الشعب , ومصالحه الحقيقية وعلى رأسها ارساء قواعد السلام والحرية والديمقراطية وازالة الغبن ووقف الحرب وإغاثة الجوعى والنازحين والمشردين من ضحايا حروب الانقاذ المستمرة في كل ارجاء البلاد وعلى رأسها جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور.
  يعيد مرسوم اللواء أمن عيسى آدم , ذكرى قانون الحرب ضد جمهورية جنوب السودان الذي اجازه المجلس الوطني السابق , ذلك القانون الذي صدر تحت توقيع مقولة الاستاذ السياسي, المحامي , والقاضي , على عثمان محمد طه النائب الأول السابق لعمر البشير بعبارته المفزعة (اضرب لتقتل) قالها بلغة انجليزية مبينة , فيا لبؤس العبارة ويا لبؤس منقلب قائلها   , إنّها الجرائم ضد الانسانية يعاد انتاجها بمراسيم مؤقتة , وانها الحرب القذرة باستخدام سلاح التجويع والترويع والمصادرة والاعدام والسجن المؤبد تحت مزاعم التعامل مع المتمردين , ومن هم المتمردون ؟ إنّهم أبناء الشعب السوداني ؛بل في الواقع غالبيتهم من أكثر العناصر أصالة في هذه البلاد , ولكن في عرف لواء الأمن , يجب محاربتهم في أرضهم لبسط الهيمنة عليهم وتركيعهم حتى يحقق وعيد رئيسه بحرب لا تبقي ولا تذر ضد الشعب السوداني وقوى المقاومة , ويزداد الأسى قماطيرا , إنْ كان سعادة اللواء من منسوبي الاقليم أو أيّا من الأقاليم المنكوبة , ساعتها يمكن أنْ يصدق فيه الوصف البدوي ل(كلب الصيد).
التغيير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق