ليست هذه هي المرة الاولي التي تتهم فيها الحكومة بعض قيادات الاحزاب بالتجسس لصالح الولايات المتحدة الامريكية،وهذا ما كشف عنه مديرجهاز الامن والمخابرات الوطنى الفريق اول مهندس محمد عطا بأن هناك اشخاص داخل السودان لم يسمهم يتلقون معلومات من الولايات المتحده الامريكية لنقل ما يحدث في السودان ،وأضاف أمريكا توجههم بما يفعلون ،وبما أن العلاقة بين الخرطوم وواشنطن تشهد شد وجذب منذ تسعينيات القرن الماضي،فليس جديداَ أن تتبادل الدولتان أتهامات بشأن التجسس،حيث كشفت الوثائق التى افرجت عنها الولايات المتحدة الامريكية مؤخراً تحتوي علي تفاصيل العدوان الثلاثى على مصر،كما وجدت كمية كبيرة من الوثائق الامريكية تتحدث عن قمة الخرطوم العربية الطارئة التي دعا لها السودان، في عهد محمد احمد محجوب (رئيس الوزراء للمرة الثانية بعد سقوط وزارة الصادق المهدي)، وثائق من السفارة الامريكية في الخرطوم، ومن سفارات في عواصم عربية اخرى، خاصة في القاهرة..
وقد أنعقدت قمة الخرطوم بعد ثلاثة شهور من حرب يونيو سنة 1967م،حيث كانت العلاقة بين البلدين متوترة الى حد القطيعة وقتها ،وقد بزلت الولايات المتحدة الامريكية مجهودات عديدة لاسقاط الانظمة القائمة فى الخرطوم ماعدا نظام المشير جعفر محمد نميرى بالرغم من ان الولايات المتحدة وقتها كانت تعلم مدى تهاويه ،وقد بلغ الاتهام بالجاسوسيه بين واشنطن والخرطوم مداه أبان وجود اسامة بن لادن فى السودان حيث نشط جواسيس الولايات المتحده ا وسط شوارع الخرطوم يتسقطون أخبار بن لادن .
الحكومة تتعاون:
وقد بلغ التعاون الاستخباراتى بين السودان والولايات المتحدة الامريكية ذروته أبان ضرب برجى مبنى التجارة الدولى بنيو يورك حيث ساهم فى مد جسر العمل الاستخبارى بين البلدين الامر الذى اعتبره مدير المخابرات السابق الفريق صلاح قوش انه جنب السودان مواجهات كثيرة مع امريكيا، وينظر المراسلان الحربيان فى صحيفة الواشنطن بوست والمختصان فى العمل الاستخبارى (غريغ ميللر وجوش ماير) ان السودان قدم تعاونا مكثفا في عمليات مكافحة الارهاب واعتقل مشتبهين فارين بالخرطوم بناء على طلبات اميركية،وأستفاد السودان من هذا التعاون الذي فتح له فرصه تطبيع العلاقة مع الحكومة الاميركية بينما استغلت واشنطن هذه التعاون للضغط على السودان في ازمة دارفور وقضايا اخرى،وفي الوقت الذي كان فيه السودان يتعرض الى ادانات لقيت جهوده في مجال مكافحة الارهاب ثناء واشنطن حيث اصدرت الخارجية الاميركية أخيرا تقريرا تصف فيه السودان بالشريك القوي في الحرب على الارهاب، وكانت العلاقة بين السودان ووكالة الاستخبارات المركزية قد قطعت في منتصف التسعينات عندما وفر السودان ملجأ لأسامة بن لادن وآخرين من زعماء القاعدة، لكن العلاقات استؤنفت بعد هجمات 11 سبتمبر عندما اعادت السي آي ايه افتتاح محطتها في الخرطوم، .
نماذج عالمية:
وحرب الجاسوسيه التى بدأتها الولايات المتحدة المتحدة الامريكية ضد روسيا تعتبر من اكبر الحروب التى اديرت على وجه الاطلاق فالبرغم من الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة للحفاظ على سرية مشروعها المسمى «مشروع فينونا» لكشف أسرار الشيفرة التي يستخدمها الاتحاد السوفييتي في الاتصالات بينه وبين عملائه في امريكا، الا ان اهم جواسيس تلك الحقبة والذى يعرف بجاسوس (النفوذ) اذا كان هناك اي شخص يجسد الروعة الفكرية للخطة الاقتصادية الجديدة التي طرحها الرئيس فرانكلين روزفلت، فإن هذا الشخص هو الاقتصادي خريج هارفارد هاري (دكستر وايت ) ففي سنوات الحرب العالمية الثانية كان وايت يعتبر الاقتصادي العالمي المرموق ان لم يكن على مستوى المفكر الاقتصادي البريطاني الشهير (جون مينارد كينز)، والعبقري المالي في عهد هتلر (هملر شاخت) وقد لعب وايت دوراً أساسياً في وضع الاستراتيجيات الاقتصادية لعالم ما بعد الحرب وقد طبقت خطط عديدة من السياسات التي وضعها، وعاش بعضها حتى الآن، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، غير انه كان له دور آخر خفي لا يعرفه زملاؤه في الحكومة الامريكية فقد كان وايت ما يسميه محترفو عالم الجاسوسية باسم (العميل ذو النفوذ) وهو لم يقم بالتجسس لصالح الاتحاد السوفييتي فحسب، بل سعى ايضاً الى تشكيل الخطط الاقتصادية الامريكية الحساسة والمهمة وفقاً للأوامر التي تلقاها من موسكو وقتها.
صحيفة ألوان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق