يبلغ الازدحام داخل الميناء البري بالخرطوم أشده يوم الخميس من كل أسبوع، فالمسافرون إلى ولاياتهم البعيدة أو القريبة يتجمهرون خميساً أمام بوابته باحثين عن تذاكر تمكنهم من السفر دون أن يجابههم ما يعكر صفوهم، ويجعلهم يفكرون (ألف مرة) قبيل التوجه إلى الميناء البري من أجل الحصول على تذاكر دونها خرط القتاد بسبب الاحتكار، تسرب من نوافذ البيع إلى السماسرة الذين يحتكرونها بحيث لا يحصل عليها إلاّ من يدفع أكثر من ضعف ثمنها الحقيقي.
عجز وصمت مريبين
ما يرفع حاجبي الدهشة أكثر مما هي عليه، هو اعتياد المواطنين على حالة استغلالهم البشع رغم معرفتهم التامة بمن يستغلونهم، ووقوفهم عاجزين ومستسلمين لمستغليهم، لا يفعلون شيئاً سوى الصمت.
هذا ما التمسته (اليوم التالي) خلال جولتها داخل الميناء البري – الخميس المنصرم – حيث وقفت على معاناة المسافرين، واستطلعت عينة منهم، ضمنهم (مجدي صديق) أحد المسافرين إلى مدينة الحصاحيصا، إذ أشار إلى أنه وبعض أقربائه كانوا ينوون السفر بالبصات، لكنهم اضطروا إلى التراجع لفرط سوء مقاعدها واهترائها، وأضاف: “فضلنا أن يتم استغلالنا من قبل أصحاب السيارات الصغيرة التي تعرف (مينائياً) بالـ(شريحة) على أن (نركب) هذه البصات (التعبانة)، وأن ندفع مبلغا أكبر من أجل راحتنا وسلامتنا”.
من جهته ذهب (محمد عوض) مذهب سلفه، قبل أن يضيف: “نحن نعرف أننا مستغلون، لكن ليس لدينا مفر إلا نحو (الشريحة)”. فيما وصف (محمد إبراهيم) الميناء البري بأنه أصبح بؤرة لاستغلال المواطنين خاصة (ناس الجزيرة) الذين يعودون إلى مناطقهم كل خميس نسبة لقربها من العاصمة حيث يعملون، وأردف: “جراء هذا الاستغلال بتنا نسافر كل أسبوعين فالتذاكر ترتفع (كل خميس) بصورة جنونية والسفر بالبصات متعب للغاية فصرنا نسافر (خميساً) ونستعيض عن الآخر بمكالمة هاتفية نطمئن خلالها على أسرنا”.
إلى ذلك عزا أحد سائقي الحافلات الصغيرة “الهايسات” لجوء المسافرين إلى (الشرائح) لسوء أوضاع البصات السفرية خاصة بالنسبة لأولئك الذين يرديون السفر إلى مناطق بعيدة، وأردف: “أنا مثلاً أريد السفر إلى القضارف التي بلغ سعر تذكرتها (75) جنيهاً”، وعندما سألته: (ما كتيرة؟) ردّ: “(ما كتيرة) فداخل الميناء البري لا توجد بصات وإن وجدت فهي في الغالب غير مريحة فالمسافر يفضل أن يدفع مبلغ 75 جنيها كي يتفادى المشقة ويشعر بالأمن
اليوم التالي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق