هاشم كرار |
ليت لو مننا.. فينا، من هو مثل الأميركي جون بولسون.
هذا الأميركي الثري، قطب صناديق التحوط، تبرع لجامعة هارفارد بأربعمائة مليون دولار، من أجل «تحسين الإنسانية»!
لم ينس فضل الجامعة التي تخرج فيها، وفتحت له بالتالي الأخذ بأسباب المعرفة، والفضائل.. ومن أهم المعارف أن تعرف ذاتك لتعرف ربك وتعرف الإنسان، ومن أهمها أن تكون مهموما بالإنسانية، ومسيرتها.. تلك التي هي في كبد!
تبرع بولسون- وهو الأكبر في تاريخ هارفارد- سيذهب إلى كلية الهندسة والعلوم التطبيقية، باعتبارها ستصبح في المستقبل قلعة الابتكارات في العالم. ذلك تبرع شريف، يذهب إلى غرض شريف، ذلك لأن بالابتكارات العظيمة، قطعت البشرية سنين ضوئية، وبالابتكارات العظيمة ستقطع البشرية سنين أخرى، والقافلة تسير.. تقطع الليالي والنهارات، باتجاه الكمال.. ويظل السير والسرى، لا نهائيا!
ليت لو مننا، فينا، من هو مثل بولسون.. إذن لكانت مدارسنا في هذا العالم الثالث غير، وكانت جامعاتنا غير، ومراكز أبحاثنا غير، ولكانت منظومة التعليم- إجمالا- عندنا، غير.. ولكنا بذلك، من المساهمين- حقيقة- في تحسين الإنسانية. أسالُ أيا من الأثرياء، الذين تخرجوا في مدارس وجامعات: من منكم من زار صرحه التعليمي، الذي فتح له الباب واسعا إلى المستقبل والثراء.. ومن منكم من تبرع لهذا الصرح، ليقدم للأجيال المزيد من النور والتنوير، ويلحقهم بعالم المعرفة؟ لماذا- هكذا- ينسى الأثرياء منا، أفضال جامعاتهم؟ لماذا ينذهلون في ذروة ثرائهم، عن اليد التي سلفت بدين مستحق؟ لماذا ينذهلون عن دورهم في جعل هذا العالم أكثر نورا.. وعن دورهم في أنسنة الحياة؟
المال حجاب. هو هكذا، عند أثريائنا.. لكنه ليس كذلك عند أثريائهم في العالم الذي ليس هو عالمنا.. عالمهم هم، ذلك الذي يقطع في كل يوم جديد، بمساهماتهم الذكية، دياجير.. وسدوف ظلام! أتطلع لمبادرة، تجمع كل الأثرياء الذين تخرجوا في الجامعات، من أجل إنشاء مراكز ابتكارات، في عالمنا هذا.. ما أكثرهم، وما أقلها.. وما أكثرها بهم- وهم كثر- لو انتبهوا إلى ما يعرف برد الجميل!
لا.. ليس رد الجميل وقفا على الإنسان. إنه ينداح ليشمل الحيوان أيضا، ويشمل الكيانات، وفي صدارتها الكيان الذي بدّد في الإنسان ظلاما في عقله، وفتّح عينيه، وسدد خطاويه، ودروب الحياة عثرات من بعد عثرات!
أيها الأثرياء: انظروا مرة أخرى، إلى ما يفعل أثرياؤهم: بيل غيتس، وستيف بالمر، وستيفاني ويلسون.. وبولسون.. وغيرهم، من المساهمين الكبار في محاربة الآفات، وكل جيوش الظلام. أيها الأثرياء.. يا أثرياءنا:: انظروا.. وبادروا، فلا خير في مال تعدونه- فقط- عدا، إذا لم يفرج كربة، من كرب هذا العالم!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق