حوار: يوسف الجلال – ناجي الكرشابي
أماط زعيم قبيلة المحاميد، موسى هلال، اللثام عن تفاصيل مثيرة حول علاقته بقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الشهير بـ “حميدتي”، مؤكداً أنه من قدّم “دلقو” إلى الجهات النظامية.
وقال هلال في حواره مع “الصيحة”: إن “محمد حمدان دقلو دا ولدي، وأنا الذي قدمته للعمل مع الأجهزة الأمنية”.
ونوه هلال إلى أنه ما يزال عند رأيه الداعي لإبعاد والي شمال دارفور، عثمان محمد يوسف كبر، مؤكدًا أنه لن يعترف بـ “كبر” لأنه لا قيمة له في الحكم – حد تعبيره – بيد أن هلال عاد ونبّه إلى أن إقالة كبر أو بقاءه في المنصب بيد السلطة المركزية وليس بيده.
وأشار هلال إلى إنه رفض الترشح في الانتخابات بسبب أعبائه السياسية، ومضى يقول: “عدم ترشحي يعود لارتباطي بالكثير من العمل السياسي، وهو أكبر من أن أكون قاعد لي في كرسي بالبرلمان”.
خرجت مغاضباً، ودفعت بعدد من المطالب، والآن انت تشارك في تنصيب البشير، فما الذي تغيّر؟
الدواعي والدوافع أن للوطن حقوق على أبنائه، وأنا من أبناء هذا الوطن.
ــ هناك خلافات بينك وبين الحزب الحاكم، جعلتك تخرج مغاضباً، فهل زالت تلك الأسباب؟
لا يوجد خلاف، وإنما هناك اختلاف في وجهات النظر، مع بعض الإخوة في مواقع صنع القرار، وهي ليست ذات طابع استراتيجي، وتنحصر غالباً في التعبير عن بعض القضايا.
ــ حسناً، هل زال الاختلاف في وجهات النظر، بينك وبين الحزب الحاكم؟
نحن ننشد في هذا الجانب الإصلاح السياسي، والمصالحة الاجتماعية، بكافة ولايات السودان، وخاصة المجتمعات النائية كإقليم دارفور، وبعض المناطق الطرفية في كردفان والشرق والشمالية وغيرها, أو أي منطقة بها فتن وتفكك وسط المجتمع السوداني. وهذا قطعاً لا يفيد الوطن في شيء، ولهذا أطلقنا مبادرة للإصلاح.
ــ على أي شيء ارتكزت تلك المبادرة؟
نحن طرحنا مبادرة لحل هذه المشكلات من محورين، المحور الأول، سياسي والمحور الثاني اجتماعي. وأعتقد أن البلد تنهض بأهلها ومواطنيها. واستقرارها مرتبط بتماسك الجبهة الداخلية وإنهاء التفكك المجتمعي. وهذه هي عناوين الطرح الذي قدمناه لرؤيتنا الإصلاحية. لكن للأسف الشديد يراه البعض تفلتاً وخروجاً عن الملة والمؤسسية. وهذا غير صحيح، وافتكر أن الرأي والرأي الآخر ضروري, ونحن لا نرى أننا قد أتينا بسنة سيئة بقدر ما حاولنا أن نقول إن الفكر والرأي ليس حكرًا لجسم سياسي أو مجموعة معينة ولا حتي المؤتمر الوطني نفسه.
ــ هل الرؤية للمصالحة قاصرة على قبيلتي الرزيقات والمعاليا فقط؟
لا.. هي رؤية للسودان كافة، وتفاصيلها متمثلة في الإشكال الذي يحدث سواء بين المعاليا والرزيقات أو غيرهما، لذلك هي ليست رؤية محدودة، أو قاصرة على قبيلة أو جهة محددة.
ــ هناك صراع دامٍ بين قبيلتي الزيادية والبرتي التي ينحدر منها عثمان يوسف كبر، فهل المبادرة ستسعى لإيقاف هذا الصراع أيضاً؟
المبادرة ستسعى لإيقاف القتال في كل منطقة بما في ذلك القتال بين البرتي والزيادية. ولابد أن نقف وقفة قوية لإنهاء الصراعات القبلية، وقصدنا في هذا ليس معالجة المشاكل على حسب لونها أو عنصرها أو قبائلها أو جهاتها، بقدر ما هي وقفة للمشاكل والتفكك المجتمعي في السودان، من أجل النهوض بالبلد، لأن المواطن لابد أن يحس بقبوله لبعضه وانتمائه، لأن الخلاف لا يبني البلاد.
ــ المبادرة قد تكون جيدة على مستوى الفكرة، لكن نجاحها رهين بتوفر شروط كثيرة؟
المطلوب من الحكومة لنجاح المبادرة هو وضع الأشخاص الأقوياء والصادقين في مواقع اتخاذ القرار، وأن يكون الأمر بيد من يهمهم الوطن بالدرجة القصوى. أيضاً يجب إسنادهم بالمقومات الأخرى للنجاح.
ــ قلت إنك خرجت من أجل الإصلاح، فهل تخليت عن الدعوة للإصلاح بعودتك للخرطوم؟
لم أتخل عن الدعوة الإصلاحية، لأنه بمثابة المنهج والخارطة التي تُخرج الوطن من أزماته هذه.
ــ عودة موسى هلال هل لها علاقة بلقاء غندور؟
أكيد.. وبقائي في دارفور ليس للخلافات، بل لأن لي رسالة محددة، أنا أؤدي فيها. والناس تتحدث عن أن عودة الشيخ موسى هلال مرتبطة بكذا وكذا.. وأنا أقول إنني التقيت بالأخ الرئيس البشير في الخرطوم وفي أم جرس، وكلا اللقاءين كانا بنفس الوفاق الذي تم مع الأخ إبراهيم غندور وعلى نفس النقاط التي تمت مناقشتها. ووجودي في دارفور مرتبط بعمل بدأته وأود أن أكمله إلى نهاياته، وعمل محلي على مستوى القواعد الشعبية، وهو من باب مسؤولياتنا تجاه الوطن، ومن باب الزعامات العشائرية.
ــ كانت لك مطالب معلنة وغير منكورة بإبعاد والي شمال دارفور عثمان يوسف كبر.. فهل تحققت تلك المطالب أم أنك تخليت عنها؟
أنا أولاً عشان أكون واضح معك ليس لدي مشكلة شخصية مع “كبر”’ لكن لدي رأي واضح في ممارساته السياسية وأدائه كوالٍ لولاية شمال دارفور, لأن له عدة إخفاقات في إدارة الولاية. والآن لا يوجد استقرار أمني، بل توجد مشكلة في شرق الولاية بمنطقة كتم، وأخرى بجبل عامر ومشكلة في جنوب الولاية بقوز ريقة ودار السلام، إلى جانب الاحتكاك بين القبائل مع بعضها البعض. ومن الآخر “كده” الكنترول أو المسؤولية تقع على عاتق الشخص الأول بالولاية, هذا بجانب أن “كبر” لديه العديد من الممارسات غير الموفقة في أدائه وموازنته للولاية، من حيث الوظيفة السياسية والمدنية والمال والاقتصاد والتنمية. وهذا أس الخلاف بيني وبين وجود كبر بالولاية.
ــ حسناً.. هل تخليت عن مطالبك بإبعاد عثمان يوسف كبر من منصب والي شمال دارفور؟
أنا قلت رأيي وفهمي عن الذي يجري في شمال دارفور، لكن هذا لا يعني أنني أفرض أن تتم إقالة عثمان يوسف كبر أو أن يتم إبقاؤه في المنصب، وهذا أمر بيد آخرين، وهم لديهم عيون أخرى تنظر بنظرة مختلفة عن نظرتي، وأنا ما في يدي القرار عشان أشيل كبر أو أن بقيه في المنصب، لكن هذا رأيي وقد قلته.
ــ هل تعني أنك تخليت عن مطالبك بإبعاد عثمان يوسف كبر؟
لا.. أنا ما زلت عند رأيي، وسوف أظل عليه، وأنا لا أعترف بـ “كبر” ولا أقر بأن له قيمة في الحكم.
ــ إذا كان كبر لا يملك قيمة كما قلت، فلماذا لم يتم إبعاده من منصبه كوالٍ لولاية شمال دارفور؟
المسؤولية تقع على عاتق الإنسان الذي يمسك بالمسؤولية، أو ولي أمر السودان، وهو المسؤول، ولست أنا.
ــ هل تتوقع أن يتم إبعاد كبر عن منصبه؟
أنا لا أهتم بالتوقعات كثيراً، واهتم لقراءة الأشياء التي أمامي بصورة واضحة، يعني شيء أصبح فعل أو أمر قيد التنفيذ. لكن ما بقدر أقول ليك توقعات.
ــ بحساب الكسب السياسي، يستطيع المراقبون أن يقولوا إن موسى هلال خسر مقعده البرلماني، ومنصبه في ديوان الحكم الاتحادي، بعد أن عاد للخرطوم دون تحقيق شروطه؟
لا.. أنا لم أخسر المقعد البرلماني، بل أنا الذي رفضj الترشح، وقدمت أحد الأبناء من المنطقة، وأشرفت على حملته الانتخابية، وقدمت له كل الدعم المطلوب لنجاحه في الانتخابات.
ــ لماذا لم تترشح ودفعت بشخص آخر ليكون نائباً في البرلمان، هل أضحى المقعد البرلماني لا يناسبك؟
الرسالة من عدم ترشحي تعود لارتباطي بالكثير من العمل السياسي، الذي أظنه أكبر من “أن أكون قاعد لي في كرسي بالبرلمان” دون أن اقوم بأداء أي رسالة.
ــ هل ستبقى في الخرطوم أم ستعود إلى “مستريحة” مجدداً؟
طبعاً، سأعود إلى مستريحة، فهي مسقط الرأس والأهل والأسرة والعشيرة. ولابد أن أعود إليها. ومن الطبيعي أن يكون وجودي ما بين الخرطوم ودارفور.
ــ هل تحققت مطالبك التي اعتكفت من أجلها في مسقط رأسك لمدة عامين؟
تحقق جزء كبير منها.
ــ هل أنت راضٍ عن ما تحقق من تلك المطالب؟
نعم.. أنا راضٍ عنه.
ـ ما الذي تتوقعه، أو تطلب من الرئيس البشير أن يفعله في الولاية الرئاسية الجديدة؟
الأخ البشير دعا في برنامجه وحملته الانتخابية للإصلاح والنهضة بالبلاد، لذا أرجو أن يستمر في هذا الجانب، وأن لا يتخلى عن تغيير الوجوه، فلابد من تجديد الدماء وتغيير الذين مارسوا ولم ينجحوا. خاصة أن هناك من ينفع البلد على مستوى العلاقات الخارجية وعلي مستوى البعد الاقتصادي والأمني. وهناك من هو أجدر بخدمة البلد. ولابد من تقييم المرحلة الماضية، وقراءة المحاور التي تسير بالدولة أو الوطن إلى الأمام. ونصيحتي للأخ رئيس الجمهورية هي أن يسير في الإصلاح.
ــ على ذكر الإصلاح.. قلت أنك على علاقة مع الدكتور غازي صلاح الدين ومجموعته، فهل انتفت العلاقة بعودتك إلى المؤتمر الوطني؟
ديل ناس اخوانا، والعلاقة حتى لو ما بقت علاقة سياسية، ستظل علاقة اجتماعية موجودة ومحترمة واحترام بينا.
ــ الآن وقد عدت إلى حزبك, ما هو مصير مجلس الصحوة الذي تترأسه؟
المجلس نحن قصدنا منه أن يكون أحد الأجسام السودانية الكثيرة، وقالوا “لو ضرا أبوك قام فاري، شيل ليك منو عود ما تمرق ساي”. وخاصة أن هناك العديد من الأحزاب والحركات والمنابر.
ــ هل تعتقد أن مجلس الصحوة قد أدى دوره؟
نعم.. مجلس الصحوة أدى دوره، وأصبح واسع الانتشار، وهو الآن موجود في كل مكان في السودان، ومنذ أن أطلقناه كان دوره واضحاً، والقناعات به صارت كبيرة في كل بقاع الوطن.
ــ كان لمجلس الصحوة تفاهمات معلنة مع الحركات المسلحة، فهل ستنتهي تلك التفاهمات بعودتك للخرطوم؟
طبيعي أن نتصل بالحركات المسلحة لأننا زي الكورة، أو مثل التيم والتيم المضاد، يعني بلعبو مع بعض، وعلاقتنا بالحركات لابد منها، ما دام أننا نمارس السياسة، ولابد من الاتصالات عشان نوجد مخارج للبلد والفتنة والمشاكل التي تحدث.
ــ ما هي علاقة مجلس الصحوة بالمؤتمر الوطني؟
علاقة المجلس بالمؤتمر الوطني علاقة طيبة.
ــ هل هناك علاقة تنظيمية بين المجلس والمؤتمر الوطني؟
احتمال.
ــ كيف تنظر إلى الوضع الأمني في دارفور حالياً؟
أفتكر تبقت من المشاكل، مشكلتان أساسيتان مشكلة المتفلتين وقطاع الطرق وخطف العربات، والمشكلة الأخرى الأساسية هي الفتن القلبية. وفي هذه لنا نظرتنا وفهمنا وتخطيطنا، لكيفية معالجتها، إذا أسند لنا ذلك.
ــ الحكومة تقول إن هدوء الأحوال في دارفور، يعود الى جهود وانتصارات الدعم السريع؟
أنا لا أريد أن أتحدث في هذه الجزئية، لأنني خارج الدائرة، وليس لديّ خلفية متكاملة عنها.
ــ بصراحة، ما رأيك في قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقول الشهير بـ “حميدتي”؟
أنا شوف، ما داير أتحدث عن الأشخاص، لكن محمد حمدان دقلو دا ولدي، وأنا الذي قدمته للشغل الحالي، وأنا جبتو كمحمد حمدان دقلو وسلمتو للجهات الأمنية أو النظامية التي يعمل معها حالياً.
ــ عذرا، لم تقل رأيك؟
أنا لا أريد الحديث في الأمور الأمنية، لأنها حساسة شوية. وأنالا أميل للحديث فيها، وانا ضد الحديث عن الأشخاص سواء أن كان حمدان أو شيخ موسى أو غيره أو عبد الرحيم أو وزارة الدفاع. أنا أميل إلى أن يكون الأمن غير خاضع للإعلام. والأمن في الدولة يحب أن يصاغ ويصنع وينفذ بطريقة سرية. وانا افتكر حتى القيادات الكبيرة في الأمن يجب أن تبعد نفسها من الإعلام لأنه يكشفك الشخص ويكشف الخطط. وأسأل الله للوطن أن يستقر وأن تندمل كل جراحه، وأن ينتهي التفكك الذي يحدث حالياً. وأن ينعم بالاستقرار والرخاء والتنمية والمعيشة الطيبة للمواطنين.
الصيحة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق