جعفر عباس |
- في كوبر كان يتم تفريغ جرادل دورات المياه في جداول مفتوحة تلتف حول كل حوش وعند الانتقال من قسم لآخر تنط عبر كذا جدول، بس محفور بطريقة إنه يمشي البلاوي بسرعة ودغري على النيل الازرق وتشربوا ما ترووا.
• قريبة أخونا صلاح العالم جات تزوره وخلال زيارة المعتقل السياسي لازم يكون في عسكري موجود في المكتب، فالولية بتقول للعسكري: ماسكين ولدنا دا ليه؟ لا كان شايل مدفع لا راكب دبابة. فقال لها صلاح: راكب راسي
• ناس حسن الترابي والصادق كانوا معنا في نفس السجن ولكن في قسم اسمه “المعاملة” فخم وفيه أسرة وطعام محترم
• كانوا معانا ناس متجرسين يقعدوا بعد كل صلاة: يا لطيفا لم تزل الطف بنا مما نزل وأخرجنا من هذا المعتقل واجعل معارضي نميري قصيري الأجل.. فاكرين السجانة حيوصلوا دعواتهم لنميري، وافرجوا عني قبل معظمهم
• عمة محمد نور السيد ( كان من اشهر رجال الاعمال في بحري – حلة حمد)، جات تزوره ومدت ليه عشرة جنيهات، طبعا القروش اكبر المحرمات في السجن، فقال ليها شكرا يا عمتي بس القروش ممنوعة في السجن فقالت ليه: يا ولدي شيلن وما تكسر خاطري، فرد عليها: لكن يا عمتي لو شلتها بيودوني السجن فضحك العسكري الذي كان يراقب الزيارة وشرح للعمة كيف يكون السجن داخل السجن بمعنى حبس انفرادي
• كان حلاق المعتقلين السياسيين مصريا محكوما عليه بالسجن 7 سنوات، و”الحلقة” بخمس سجارات، وجريمته انه صادق صائغا في ام درمان وبقى يزوره بانتظام حتى كسب ثقته، وفي ذات يوم غافل الصائغ ووضع له مادة منومة قوية في كوب الشاي، وشفط الصائغ شفطتين ونام، وقام صاحبنا هجم على الفترينات ويعبئ المجوهرات في كيس ثم يفاجأ بناس يهجمون عليه ويضربونه.. سألناه: دول جم من فين؟ فقال: أصل أنا من غبائي نسيت ان الفترينات قزاز شفاف واي واحد مار قدام الدكان كان شايفني وانا أخم وألم بطريقة عشوائية واللي حصل حصل “بأه”.
• كان يشارك في كنس حوش الزنازين شخص بعيو طوله اقل من متر اسمه شريف، وكان يعاير غيره من السجناء بعبارات مثل: دا حرامي.. دا نشال وسخ، فسمعه سجان شايقي اسمه عبد الحميد فقال له: نان انت جاي هنا بحكم نفقة.. سألنا شريف “الشريف” عن سبب دخوله السجن فقال إن حرامية المتاجر كانوا يستغلون صغر حجمه ويضعونه في قفة ثم يذهبون الى تاجر في المساء ويقولون: يا ابن العم لو سمحت خلي القفة دي عندك عندنا مشوار ونرجع نشيلها.. ولا يرجعون فيترك التاجر القفة داخل الدكان ويغلقه وينصرف، ويكون دور شريف أن يضع الاشياء الثمينة في القفة ويساعد الحرامية بفتح الدكان من الداخل بانزال الترابيس (طبعا زمان ما كانت الجريمة متفشية وكانت المتاجر تغلق باساليب بسيطة يسهل اختراقها).
• تعرفنا في السجن على ابو جنزير (كانوا ينادونه محمد عوارة) الذي اشتهر بانه سفاح عطبرة، وكانت المدينة قد شهدت حالات اعتداء قاتلة وقاسية على عدد من الشخصيات بضربات جنزير عجلة (دراجة/ موتر)، في الستينات، وكان قبلها بطلا في نظر اهل عطبرة لانه تحدى حريقا في مخزن للوقود في محطة السكة حديد وانقذ المحطة من حريق مدمر ولكنه اصيب بحروق جسيمة، وفي السجن وجدناه انسانا بسيطا وصاحب دعابة، ورغم انه كان يتمتع بقوة بدنية هائلة الا أنه كان مثالا للوداعة واللطف، ولم يكن الكثيرون من اهل عطبرة مقتنعين بأنه مرتكب تلك الجرائم ورفعوا عرائض للحكومة، من منطلق ان التهمة لبست فيه لأنه “مقطوع من شجرة” وتم اطلاق سراحه وعاش مكرما في عطبرة حتى وفاته.
جعفر عباس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق