عبدالغني بريش فيوف |
بسم الله الرحمن الرحيم
المعروف في السودان وفي كل المجتمعات الشرقية تقريباً هو أن الرجل لا يبكي أمام العامة مهما كان حجم المصيبة التي أصابه ، بل يحاول بقدر الإمكان منع نفسه من البكاء وذرف الدموع بالتحكم بمشاعره ..أما إذا بكى ونزلت دموعه ، فيوصف على أنه رجل ضعيف الشخصية لا يملك قوة الإرادة لمواجهة المصائب وتحمل المسئوليات الكبيرة.
إبراهيم غندور وزير خارجية عمر البشير بعد عودته من رحلة جنوب أفريقيا وفي مطار الخرطوم حاول تنوير الصحفيين عن هذه الرحلة والأخبار التي تناولتها معظم الصحف العالمية تعلقت بقصة هروب البشير عبر مطار عسكري خاص. لكن إذا بإبراهيم غندور يذرف أنهاراً من الدموع والبكاء وسط ذهول جميع من كانوا هناك ..فلماذا بكى هذا الرجل وهو يعلم أن الرجل إذا بكى فقد سقط في نظر المجتمع السوداني؟.
أظهرت دراسة بحثية من جامعة "تيلبورج" أن الرجال بصفة عامة لا يذرفون الدموع إلآ قليلاً جداً مقارنة بالنساء ، وذلك بسبب الخصائص الهرمونية لديهما ، وهذا لا يعني أن الرجال لا يبكون اطلاقا ، لكنهم لا يذرفون الدموع إلآ إذا وقعت مصيبة عظيمة -كأن يتوفى انسان عزيز جدا لهم ، كالأم أو الأب أو الإبن والإبنة ..الخ ، وهو الشيء الذي لم يحدث لإبراهيم غندور ..فلماذا ذرف دموعه أمام النساء والرجال!!؟.
أيها القُراء الأفاضل ، دموع غندور طبعا ليست من أجل الوطن "السودان" المعزول دولياً بسبب رئيسه الذي تلاحقه الجنائية الدولية ، وبالتأكيد ليست دموع فرحة لأن لا شيء يدعو للفرح .. إنما في اعتقادنا ، أن هذه الدموع تعكس شحنة من الأحداث والتطورات الخطيرة التي صاحبت رحلة البشير إلى جنوب أفريقيا ، سيما مع ظهور تفاصيل جديدة كل يوم تتعلق بموضوع الهروب.
طبعا –إبراهيم غندور وكغيره من المسؤولين الحكوميين ، قال ان حكاية صدور مذكرة من احدى محاكم جنوب أفريقيا بمنع البشير من مغادرة البلاد ، وقصة هروبه ، إنما مجرد فرقعات اعلامية الهدف منها التشويش على سمعة السودان والنيل من رئيسه "المشير عمر حسن أحمد البشير" الذي فاز في انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة بنسبة 94% ...الكلام لإبراهيم غندور...
انها الطامة الكبرى والبلية العظمى ان يلوك أهل الإنقاذ عنق الحقيقة بهذه الطريقة الفجة ، ويكذبوا حدثاً تناولته ليست فقط صحف دولة جنوب أفريقيا والسودان ، إنما كبرى الصحف العالمية كــ" واشنطون بوست ونيويورك تايمز" اللتان اعتبرتا حادث الهروب بأنه «وصمة عار» في جبين جنوب أفريقيا.
لكن ، ولطالما الحكاية كلها فبركات وفرقعات إعلامية من أولها إلى نهايتها كما يقول إبراهيم غندور -فهل هناك ما يدعو لذرف الدموع والبكاء كالطفل ؟.
ان غندور قد أثبت بدموعه الغزيرة وبلا شك أن هؤلاء –أي جماعة الإنقاذ لا دم ولا أخلاق ولا دين لهم ، يطعمون السودانيين بالأكاذيب التي يجيدونها بإمتياز ، يحبون تحويل الأوهام إلى بطولات مزيفة ... إنهم حقاً تجار الأوهام الذين أوصلوا السودان للحالة المأساوية التي فيها ، ليحافظوا على بقاء عمر البشير في السلطة ، ذلك أن بقاءه تأمين لمستقبلهم السياسي وفقاً لمصالحهم الشخصية..أما مصلحة الوطن والمواطن فطظ فيهما !.
مارسوا لعبتهم السياسية القذرة بكل الطرق ، بالشعوذة والدجل والنفاق ، فوق الطاولة ، وتحتها ، بذرف الدموع وبالبكاء ، بالشتائم وتسقيط لا أخلاقي ، ضد خصومهم ومعارضيهم ، اهتز السلم الأهلي في زمنهم ، اشعلوا الحروب في كل ربوع السودان التي سقط فيها مئات الآلاف من المواطنين الأبرياء العزل ، ومع هذا، فلم يزل أهل السوء والبطلان ، يعملون وشعارهم "نحن أو الطوفان ".
لا غيرة تردعهم.
ولا ضمير يؤنبهم.
في غيهم سادرون ولمصالحهم عاملون.
التفاصيل والتقارير والوثائق التي تنشرها صحف جنوب أفريقيا وغيرها من الصحف العالمية يوماً بعد يوم عن فضحية الهروب الكبير ، ربما كانت سبباً مباشراً وراء دموع إبراهيم غندور .وبينما كان غندور يكذب على الصحفيين في مؤتمره الصحفي في مطار الخرطوم نهارا جهارا ، كانت دموعه تحكي حكاية أخرى وهي كيف نجا عمر البشير بأعجوبة من شرك الجنائية الدولية ، والأضرار البالغة التي أحدثتها طائرته الرئاسية في قاعدة سلاح الجو "وتركلوف" وهي قاعدة مخصصة للأغراض العسكرية فقط لا للطائرات المدنية أثناء الإقلاع المستعجل.
كذب غندور على الجميع في مؤتمره الصحفي كأي إنقاذي ، لكن دموعه حكت كل التفاصيل التي أحاطت بعملية الهروب الكبير ، سيما وحسب صحف جنوب أفريقيا فإن عمر البشير عندما علم من مستشاريه جدية محاكم جنوب أفريقيا في اعتقاله ، انهارت أعصابه وأُغمي عليه حتى تدخل جاكوب زوما شخصياً واستصحبه إلى منزله إلى حين إقلاع طائرته.
ما كان للبشير أن يحرج صديقة "جاكوب زوما" بهذه الطريقة المفضوحة ويضعه أمام صدام مع البرلمان والقضاء الجنوب أفريقيان...وما كان لوزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور أن يبكي كالنساء أمام كاميرات العالم. كان عليهما وببساطة أن يلزما مكانهما في السودان –انتهى الموضوع ...لكن قول البشير بأنه بمثل هذه الزيارات التي يدفع للدول المستضيفة ملايين الدولارات من الخزانة العامة لتهريبه في حالات "الزنقة" ولو بمخالفة قوانين تلك الدول ، يتحدى للجنائية الدولية ، فهو قول مسخ لا يقوله إلآ المسيخ الدجال.
السلام عليكم..
عبدالغني بريش فيوف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق