الخرطوم - الزين عثمان
"القصر.. في نازل؟"، لا يجد كمساري بص الوالي القديم من يرد على تساؤله. يطالب السائق بخفض صوت وردي الذي ينادي بأعلى انتمائه "وطنّا الباسمك كتبنا ورطنَّا"، وحين تنحرف العربة في الاتجاه الآخر، فإن نداء الشاب يتغير هذه المرة لينادي على الركاب: "السلاح الطبي حد نازل؟".
بين قصر الشباب والأطفال ومستشفى السلاح الطبي، يرفرف العلم فوق المبنى الأخضر المكتوب في مقدمته (المجلس الوطني)، والمعروف في ثنايا حراك السياسة اليومية ببرلمان الشعب. لكن ثمة سؤال: لماذا يتجاوز الشعب بيته؟ يقول نائب في الدورة التي خلت إن ثمة محاولات متكررة للتقليل من الدور الذي يلعبه البرلمان باعتباره حارس الشعب والقائم على تحقيق تطلعاته. مضى النائب بدورته وانطلقت مسيرة نواب جدد وإن ظلت ذات القضايا القديمة في مكانها.
تهب نسائم مكيفات الهواء على وجوه الجالسين، فتتحرك الأوراق والأقلام وترتفع الأصوات في أولى مناقشات اللائحة الجديدة، تعمل اللائحة على المساواة بين الصحفيين في أعلى القاعة وبين من يمنحونهم الأخبار من أدنى، حين تعلن منع استخدام الهواتف أثناء الجلسة. إذن على النواب الصمت إلا عن القضايا التي تمس صميم حق من دفعوا بهم إلى القاعات كنواب لتحقيق أحلامهم.
لكن الصوت الأول الذي يخرج من هناك هو صوت الاختلاف، الحزب الحاصل على أغلبية الدوائر يريد أن يمنع الآخرين حقهم في تكوين كتلة خاصة بهم. تسعة عشر نائبا مستقلين يرفعون أصوات احتجاجهم على الخطوة، ويقولون إن "المجلس ليس للأحزاب بل هو مجلس كل الناس ونحن جيننا على هذا الأساس". ربما الأمر هنا يدعم فرضية السيطرة الحزبية على مقاليد الأمور، والمؤكد هو أن كتلة الحكومة في آخر المطاف هي التي تنتصر.
صراع تكوين الكتل من عدمه هو أول نزاع داخل المجلس الوطني، لكن هذا النزاع يمكن تجاوزه في حال ظلت الموبايلات مغلقة والأصوات تنادي بالحق، بالمياه النظيفة، بقطع دابر الفساد، ولجم السوق ومتابعة صحة الناس.. عندها سيتكتل الجميع خلف نوابه
اليوم التالي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق