عثمان ميرغني
في أول تصريح له بعد الانتخابات شنّ السيد محمد الحسن الميرغني هجوماً لاذعاً على المعارضة.. وقال إنه لو طُلب منه أن يتزعمها فلن يقبل.
يبدو أن السيد الحسن لم يستلهم بعد معنى أن يكون (المساعد الأول) لرئيس الجمهورية.. هذا المنصب يعني أنه ارتفع تلقائياً من منصة (الحزبية) إلى (القومية).. حيث لا يجوز إلا الحديث بلغة الجمع لا الطرح.. التعالي فوق الخصومات الحزبية.. والارتقاء إلى منصة الوطن الجامع.
التنافس الحزبي مكانه الموقع الحزبي.. لكن الذين يمكِّنهم الله من نواصي المناصب السيادية القومية المطلوب منهم- دائماً- استخدام أرفع لغة جامعة للصف بمبدأ (كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء..) و(بشروا.. ولا تنفروا)..
المرحلة الجديدة لا تحتمل مثل هذه اللغة.. السودان شبع من الاحتراب والتخاصم السياسي.. الذي لولاه لكنا دولة كبرى- بكل المقاييس.
الخطاب السياسي في المراحل السابقة كان ميالاً إلى التغابن الحزبي.. وحفظ الناس عن ظهر قلب مصطلحات ممعنة في التواجه اللفظي.. وفي نهاية الأمر لم يجنِ السودان منها إلا مزيداً الأذى.
لو أراد السيد الحسن أن يضيف إلى رصيده السياسي.. فأمامه طريق سهل لا يكلفه إلا (القول الحسن).. أن يكون واسطة العقد بين فرقاء المشهد السياسي، وأن يفرغ نفسه لهذا الملف عسى أن يجمع الله على يديه شتات سوداننا المكلوم فينا.
ولحسن الحظ أن الذي يفرق أحزابنا ومشهدنا السياسي سهل ويسير.. معظمه أوهام تراكمت بفعل الخطاب السياسي الهدام.. ولو أحسن الساسة تخير لسانهم.. فإن كثيراً من الجليد يذوب في يوم واحد.
ولو أحسن السيد الحسن.. فإن البداية الصحيحة يجدر أن تكون من داخل أسوار حزبه الاتحادي الديمقراطي.. أن يستعيد عافية التسامح التي اشتهر بها الحزب، بإعادة الأسماء التي فصلت قبل شهور قليلة.. من غير قيد ولا شرط.. تلك أقوى رسالة إلى كل الملعب السياسي السوداني تبشر بعهد التصافي؛ من أجل الوطن.. فالانتخابات وضعت أوزارها والأمر الواقع أصلاً واقع.. ومن الحكمة أن يتناسى الجميع خلافاتهم الداخلية.. وحب الانتصار للنفس.. من أجل الوطن أولاً وأخيراً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق