الثلاثاء، 2 يونيو 2015

فاقد تعليمي في زمن النيران!

هاشم كرار
بريد الكتروني:
hashem_karar@al-watan.com


تقرير من «اليونيسيف» عن الأطفال المحرومين من التعليم في السودان، أفزعني.

كيف لنظام ظل يرفع ما يقارب الربع قرن، شعار المشروع الحضاري، وفيه كل هذا الفاقد التعليمي.. وكيف لأمة- أي أمة- تترجى أن تصبح جزءاً من عالم المعرفة، وهى لا تنازل الجهل؟

التقرير المفزع يتحدث عن حرمان ثلاثة ملايين طفل- أعمارهم بين 5 

و13- من التعليم، كما أن مخاطر تسرب التلاميذ من فصول الدراسة في مدارس الأساس، تحاصر 15 بالمائة، قبل بلوغهم الصف النهائي.

صحيح أن في السودان، حروباً ونزاعات.. وحيثما كانت النزاعات والحروب، كان الموت بالطبع.. وكان الفرار.. وكان الجوع، وكان النقص في الثمرات، والتعليم.. لكن ماهو صحيح أيضاً، أن التعليم في زمن الأزمات والحروب والفرار، يبقى حقاً- كما كان في زمن الأمن أو الاستقرار- وتلك في النهاية هي مسؤولية الدولة والمجتمع معاً.

التعليم، ليس ترفاً؛ إنه ضرورة حياة، بكل ما تعنيه الحياة في معناها المنضبط- المعرفي والأخلاقي- وبكل ما تعنيه على الصعيدين الصحي والاقتصادي، ذلك لأنه حيثما كان التعليم، كان السلوك الأخلاقي، وكانت التدني في وفيات الأطفال، وكانت سنة واحدة إضافية في التعليم- كما يقول الخبراء- كافية بزيادة نسبة 10 بالمائة في دخل الفرد.

الأمم التي أخذت التعليم، ضرورة حياة، هي الأمم التي ارتقت فيها مظاهر الحياة، وارتقت فيها أخلاقياتها وسلوكياتها، وازدادت فيها فرص التعايش الحميم، بين كل مكوناتها البشرية، وإن تباينت هذه المكونات، ألسنة ومعتقدات وثقافات وأعراقاً.

السودان، دولة بلون قوس قزح، باختلاف تكويناته الإثنية.. وهو- إذا ما كان فعلاً يترجى الوحدة في تمامها- لابد له من الأخذ بالتعليم كضرورة حياة، وعيش مشترك.. ولابد له من إحقاق التعليم، حتى في وقت النيران المدلهمة.

دون ذلك، سيزداد الفاقد التعليمي، في كل عام، وتصبح الحياة- في كل تجلياتها- محفوفة بكل أشكال المخاطر.. بل سيصبح ما تبقى من السودان، أرضاً لكل شرور الجهل المستطير، وذلك هو الخطر الأكبر.

ليت القائمين على العملية التعليمية، في السودان، يفتحون أعينهم- أوسع ما تكون- على تقرير «اليونيسيف».. بل ليتهم يتدبرون حتى قول الشاعر»:

العلم يرفع بيتاً لا عماد له..

والجهل يهدم بيت العز والشرف!
الوطن القطرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق