أثارت تحركات زعيم المؤتمر الشعبي السوداني المعارض، حسن الترابي، الهادفة لتوحيد إسلاميي السودان، تخوفات أوساط سودانية، خصوصاً تلك التي عاشت أسوأ أيامها في العشرية الأولى التي حكم فيها الترابي السودان مع الرئيس عمر البشير (ما قبل مفاصلة الإسلاميين الشهيرة في 1999).
وأعلن الترابي أن إعادة توحيد الإسلاميين أصبحت "فرض عين"، وطالب الإسلاميين بالصلاة من أجل تحقيق الوحدة قبل رمضان المقبل.
وقال لدى مخاطبته اتحاد الطلاب السودانيين (جهاز شبه حكومي)، إن "الحركة الإسلامية ستتوحّد يوماً، طال الزمن أم قصر، وأصبح فرض عين يجب تنفيذة"، مشدداً على أهمية العمل بكل جهد "لقيام مجتمع إسلامي يصبح قدوة لكل العالم".
وطرح الترابي، أخيراً، ورقة أطلق عليها "النظام الخالف"، ليكون أساساً لتوحيد الإسلاميين تحت مسمى جديد يتجاوز المؤتمر الوطني الحاكم، والمؤتمر الشعبي، وتدخل فيه جميع التيارات الإسلامية التي انشقت عن الحركة الإسلامية.
وبدأ الرجل تحركات فعلية في هذا الاتجاه بالخروج من صمته عقب فشل دعوة البشير للحوار في يناير/ كانون الثاني من العام الماضي، وعدّها الترابي أمراً ضرورياً يجب تحقيقه ليطمئن على الحركة الإسلامية قبل وفاته.
وهز انفصال الترابي عن الحزب الحاكم (الحركة الإسلامية)، التي بدأت في التراجع وأفل نجمها بعد أن نشطت في فترة الثمانينات في استقطاب السودانيين.
وترقب الأوساط السودانية بحذر محاولات الترابي توحيد الإسلاميين، ولا سيما أنها تحمّل الترابي مسؤولية ما آل إليه حال البلاد، فضلاً عن أن فترة الترابي شهدت البلاد خلالها أزمات، إذ أدخل البلاد في حروب خارجية صنّفتها ضمن الدول الراعية للإرهاب.
ويرى مراقبون أن الوضع في السودان والإقليم والمجتمع الدولي عموماً يقف عائقاً أمام توحيد الإسلاميين، وأن هناك محاولات لتفكيك الحركة الإسلامية، وهو ماتم بالفعل بغياب أقطابها عن الساحة السياسية السودانية، بينهم نائب رئيس الجمهورية السابق، علي عثمان، فضلاً عن سيطرة الرئيس البشير عبر رجاله على الحركة الإسلامية والحزب الحاكم.
ويستبعد الإسلاميون أنفسهم وحدتهم ويعدونها مجرد أمنيات لزعيم المؤتمر الشعبي حسن الترابي. ويقول رئيس منبر السلام العادل (انشق عن الحزب الحاكم)، إن دعوة الترابي لتوحيد الإسلاميين مجرد أحلام، وأضاف: "الأولى الحديث عن حل مشكلة الوطن".
ويقول المحلل السياسي محمد إبراهيم، لـ"العربي الجديد"، إن تمسك الترابي بالحوار رغم العثرات التي صاحبت العملية، يؤكد أن تركيز الرجل انصبّ على توحيد الإسلاميين، ووجد فيها فرصة لإقناع الرئيس البشير بالخطوة.
لكن الترابي، من وجهة نظر إبراهيم، "يلعب في الوقت بدل الضائع، فخطوات البشير في تصفية الإسلاميين للتقارب مع الخليج ومصر تعد الأسرع، فضلاً عن أن الإسلاميين أنفسهم فقدوا ثقتهم في زعيمهم الروحي بعد التناقض الذي بدر منه خلال فترة المفاصلة، وتراجعت عن كثير من الفتاوى التي أطلقها أيام وجوده في الحكم، لا سيما في ما يتصل بالجهاد في جنوب السودان".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق