أثار سماح مصر لزعيم قبيلة المحاميد السودانية موسى هلال بالدخول إلى أراضيها، ضجة كبيرة داخل الأوساط السودانية، لا سيما أن الرجل فُرض عليه حظر سفر من قِبل مجلس الأمن الدولي منذ العام 2006 لاتهامه بعرقلة عملية السلام في إقليم دارفور. وعلمت "العربي الجديد" أن هلال أخذ إذنَ سفرٍ إلى مصر من مكتب الأمم المتحدة في الخرطوم بغرض العلاج، وهي تُعدّ أول زيارة خارجية للرجل جواً بعد صدور قرار الحظر في حقه، والذي أدى إلى تقييد حركته، إلا أنه سبق أن سافر إلى تشاد عبر البر. وخرج هلال من السودان غاضباً إلى القاهرة الأسبوع الحالي لعدم التزام النظام في الخرطوم بتنفيذ الاتفاق الذي أُبرم معه أخيراً لإنهاء تمرده الناعم الذي استمر لعام ونصف العام، إذ تمترس بقواته في عدد من مناطق دارفور (مسقط رأسه) وطرد الحكومة منها وأصبح مصدر قلق لها، قبل أن ينهي هذا التمرد في يونيو/حزيران الماضي. "العلاج لم يكن إلا حيلة من هلال للاستفادة من لائحة الأمم المتحدة المتصلة بإذن السفر في حالات الحظر الدولي" وقال مصدر مطلع، إن هلال خاطب الأمم المتحدة لمنحه إذن سفر، وهو ما تم بالفعل، مشيراً إلى أن السلطات في القاهرة أوقفت الرجل في مطار القاهرة لعدة ساعات في إطار الإجراءات والتأكد من سلامة الإذن باعتبار أن الخطوة من شأنها أن تُدخل القاهرة في أزمة. وأكد المصدر أن العلاج لم يكن إلا حيلة للاستفادة من لائحة الأمم المتحدة المتصلة بإذن السفر في حالات الحظر الدولي، مشيراً إلى أن هلال اختار القاهرة كمنفى اختياري وعبرها سيحدد طريقة لمواجهة تراجع الحكومة السودانية عن الاتفاق الذي أُبرم معه، لا سيما أن الحكومة تنصلت من وعودها له والمتصلة بتشكيل مجلس أعلى للسلم والمصالحات، ومنحه نسبة من المناصب الوزارية في ولاية شمال دارفور فضلاً عن استيعاب قواته ضمن القوات النظامية وفق ترتيبات أمنية محددة. ونقلت تقارير إعلامية أن الحكومة رفضت الالتزام بتكاليف إقامة الوفد الذي رافق هلال إبان مشاركته في حفل تنصيب الرئيس السوداني عمر البشير لولاية خامسة لحكم البلاد، وهو ما شكّل بداية الأزمة.اقرأ أيضاً: السودان: هلال يشترط 3 محاور لإنهاء تمرده في دارفور ويرى مراقبون أن اختيار هلال مصر للتوجّه إليها، هدف منه إلى الاستفادة من الزخم الإعلامي فضلاً عن الوجود الغربي إلى جانب وجود زعيم حزب "الأمة" المعارض الصادق المهدي والذي حرص فور وصوله إلى القاهرة على لقائه ونشر صور لهما معاً، وهو ما دفع سفير السودان في مصر إلى التحرك فوراً ولقاء هلال في محاولة لقطع الطريق أمام استغلال المهدي لهلال كورقة ضد الحكومة. ويعتقد محللون أن هلال بمثابة ورقة ضغط جديدة رُميت في حضن مصر التي بدت منزعجة بعد التغيرات التي بدأت تظهر تجاه سياسة السعودية نحو "الإخوان المسلمين"، لا سيما في ظل الاتفاق الإيراني النووي مع الدول الست. وفي وقت سابق إبان اندلاع الحرب في إقليم دارفور عام 2003، جنّد هلال المليشيات لتقاتل المتمردين في دارفور إلى جانب الحكومة، ويُعتبر تاريخه سيئاً في تلك الحرب، إذ يُتهم بالتورط في الإبادة الجماعة وجرائم الحرب التي وقعت في تلك الفترة. وعلى الرغم من أن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت مذكرة توقيف بحق مسؤولين سودانيين بينهم البشير، إلا أنها لم تشمل هلال الذي كان يد الحكومة على الأرض وتسرّبت معلومات عن وضعه كشاهد، وهو ما أكده هلال في تصريحات سابقة. "هلال قصد من اختياره القاهرة تشكيل ضغط على الحكومة لحملها على تنفيذ مطالبه" وفي العام 2006 عمدت إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش إلى إدراج هلال على رأس قائمة وزارة الخارجية الخاصة بالمشتبه بارتكابهم جرائم حرب في إقليم دارفور وفقاً لقانون سلام دارفور والمساءلة العام، الأميركي. كما فرض عليه مجلس الأمن إضافة إلى آخرين، حظراً للسفر وتجميدَ ممتلكاته بسبب عرقلته السلام في دارفور وفقاً للقرار 1591 للعام 2005 والقرار 1672 للعام 2006. ويرى المحلل السياسي أحمد إبراهيم، أن هلال قصد من اختياره القاهرة تشكيل ضغط على الحكومة لحملها على تنفيذ مطالبه، لا سيما أنه بدا متردداً في قرار التمرد ضد الحكومة لتخوّفه من عدم قبوله في صفوف المعارضة المسلّحة والسلمية لتاريخه مع الحكومة، مما دفعه لمحاولة ابتزاز الحكومة.
العربي الجديد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق