هبط الجنيه السوداني أمام الدولار في 15 يوما بشكل مخيف دفع اقتصاديين لتشبيه الهبوط بالانهيار، وذلك بعدما فقد نحو 10% من قيمته أمام العملة الأميركية في السوق الموازية في المدة المذكورة، ويرجع اقتصاديون الانهيار لخطط خاطئة، ويقترحون جملة سياسات لوقف نزيف العملة.
وانخفض سعر الجنيه في السوق السوداء عنه في السوق الرسمية بنسبة تجاوزت 100%، أي 13.5 جنيها للدولار الواحد في السوق الموازية في مقابل 6.4 جنيهات للدولار الواحد في المنافذ الرسمية.
وقاد هبوط الجنيه مقابل الدولار إلى انخفاض الأول أمام عملات أخرى كالجنيه الإسترليني واليورو والين الياباني، وحتى العملات الخليجية من ريال ودينار ودرهم.
ووفقا لنشرة أصدرها البنك المركزي نهاية الأسبوع الماضي، فإن السعر التأشيري لصرف الدولار مقابل العملة المحلية كان 6.1673 جنيهات للدولار الواحد.
تراجع كبير
وبدأ سعر الجنيه السوداني بالتراجع الكبير أمام الدولار مطلع يناير/كانون الثاني الماضي عندما كان يعادل نحو 11.5 جنيها، قبل أن يتراجع في السوق الموازية ليبلغ 13.5 جنيها للدولار الواحد بحلول الخامس عشر من الشهر الحالي.
ورغم هذا الهبوط، تقول وزارة المالية والاقتصاد الوطني السودانية إن بإمكانها معالجة الأزمة، ويقول وزيرها بدر الدين محمود في تصريحات صحفية الأسبوع الماضي إن هناك خططا طموحة تنتهجها الوزارة للارتقاء بالاقتصاد بما يقوي من العملة.
وبينما يرى اقتصاديون في برامج الحكومة خللا لا يسمح بتحسين وضع الجنيه، يتوقعون مواصلة الجنيه تراجعه أمام العملات الأجنبية.
النفط والعقوبات
وحسب المحلل الاقتصادي محمد الناير فإن السبب الرئيسي لارتفاع سعر صرف الدولار يعود إلى انفصال جنوب السودان في 2011، مما أفقد البلاد نحو 75% من إنتاج النفط الذي يمثل أكثر من 90% من مصادر النقد الأجنبي، كما أفقدها نحو 50% من إيرادات الموازنة العامة.
ويرى الناير في تعليقه للجزيرة نت أن تلك المسببات مع العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان أدت إلى تعقيدات في التحويلات المصرفية من وإلى السودان، مشيرا إلى أن واردات البلاد بلغت أكثر من سبعة مليارات دولار سنويا، في حين لم تتجاوز صادراتها أربعة مليارات دولار.
ويعتقد الاقتصادي السوداني أن معالجة الوضع الحالي تستوجب التركيز على زيادة الإنتاج وخفض تكلفته لخلق وفرة تجسر الفجوة بين الواردات والصادرات وتخفض عجز الميزان التجاري.
ويرى مدير مركز الدراسات والبحوث الإنمائية في جامعة الخرطوم عثمان البدري أن تدني سعر صرف الجنيه مقابل العملات مؤشر على وجود خلل هيكلي في البناء الاقتصادي السوداني، لافتا في تصريح للجزيرة نت إلى أن ذلك يشير إلى فشل برامج الإصلاح الاقتصادي التي تطرحها الحكومة.
الصادرات والإنفاق
وحسب البدري فإنه لابد من أن تتخذ الدولة سياسات حازمة للحفاظ على استقرار سعر العملة، محددا جملة خطوات اعتبرها كفيلة بوضع معالجات عاجلة مثل إيقاف صادرات الخام السوداني، زراعية كانت أو صناعية، على أن تتدخل الدولة كشريك بنسبة كبيرة في مجال المعادن وإنتاج الذهب.
ويدعو المتحدث إلى التركيز على الإنتاج الزراعي، وخفض الإنفاق الحكومي غير الضروري.
ويشير أستاذ الاقتصاد بجامعة أم درمان الإسلامية محمد سر الختم إلى وجود خلل كبير في إدارة الاقتصاد السوداني، متحدثا عما أسماه تدهور حجم الصادرات في مواجهة الواردات. ولن يتوقف انخفاض الجنيه -وفق البدري- مقابل كافة العملات الأخرى، مرجعا الأمر إلى غياب رؤية حقيقية لإسناد العملة الوطنية.
واعتبر الأكاديمي في تعليقه للجزيرة نت أن الخلل البنيوي في إدارة الاقتصاد يتعلق بقدرة كافة الوحدات الإدارية في الاقتصاد السوداني على معالجة ذلك الخلل المتراكم.
عماد عبد الهادي-الخرطوم
موقع الجزيرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق