علي حمد ابراهيم
عادت هذا الاسبوع الهجمات الامنية الشرسة على الحريات الصحفية فى السودان وبالصور المنهجية القديمة التى عرفتها و عاشتها الصحافة السودانية منذ مجئ نظام حكم الرئيس البشير الذى مضى عليه حتى الآن اكثر من ربع قرن من الزمن. الهجمات الأمنية الشرسة على الحريات الصحفية فى السودان قديمة قدم نظام الحكم الشمولى فى السودان.
و لا يكاد تكرارها او تجددها يشكل خبرا فى حد ذاته. ولكن الجديد هذه المرة هو أن الهجمة الشرسة تجئ قبل تأدية الرئيس البشير اليمين الدستورية لفترة رئاسية جديدة ستصل به الى ثلاثين عاما من الحكم المطلق فى نهاية هذه الفترة التى ستبدا فى الثانى من يونيو القادم.
وهى الفترة التى يبشر فيها الرئيس البشير بسودان جديد تحترم فيه الحريات السياسية والصحفية! ويعظم فيها شأن التراضى الوطنى عن طريق (حوار وطنى شامل لا يستثنى أحداً) بذات التعابير التى درج النظام على ترديدها كلما حزبته ازمة من الازمات. وللتذكير ببعض محن الصحافة السودانية المتكررة على مدى ربع قرن من الزمن، هى الفترة التى قضاها الرئيس البشير حتى الآن رئيسا مطلق الصلاحيات على السودان، نشير على سبيل المثال لا الحصر، الى بعض المجاذر الصحفية الشاذة التى تعرضت لها الصحافة السودانية خلال العام الماضى و خلال هذا العام هذا العام التى تعتبر الاشرس والاعنف و الاكثر اضرارا بالعمل الصحفى وبالحريات الصحفية لجهة الانهاك المادى المتعمد بالصحف التى تخرج عن التعليمات الامنية بغرض تأديبها وافلاسها لكى تخرج من مجال العمل الصحفى مرة واحدة والى الابد وعلى كاهلها التزامات مالية واجبة السداد لصحفيين شردوا بالتعطيل المتعمد لهذه الصحف. و تصبح الصحيفة ليست مطاردة فقط من قبل الاجهزة الامنية، إنما مطاردة ايضا من المحاكم لرد حقوق الصحفيين الذين هم ضحايا ايضا للظلم المشترك. فى بيان جرئ وجديد فى لغته الاستنكارية، ندد اتحاد الصحفيين العام بمصادرة عشرة صحف فى يوم 25 مايو الجارى بعد الطبع. الى جانب تعليق صدور اربع صحف اخرى الى أجل غيرمسمى.
ووصف الاتحاد هذا الاجراء بمخالفته لقانون الصحافة والمطبوعات السودانى لعام 2009 ومخالفته لكل القوانين والمواثيق الدولية الصائنة للحريات الصحفية. وقال ان مكتبه التنفيذى سيظل فى حالة انعقاد دائم لمتابعة هذه القضية مع رئاسة الجمهورية ووزارة الاعلام وجهاز الأمن والمخابرات.
المفارقة الغريبة هى ان تعيين رئيس تحرير الصحيفة يتم فقط بعد موافقة جهاز الأمن والمخابرات على المرشح لهذا المنصب. ومع ذلك يقع رؤساء التحرير هؤلاء فى المحظور الأمنى رغم أنهم جهة صديقة للنظام.
وقديما قيل اذا اردت ان تطاع فامر بالمستطاع.اذ يبدو انه لم يعد محتملا أن يغض رؤساء التحرير الطرف عن تكميم افواه الصحف والصحفيين، فكثرت مخالفاتهم الامنية حسب تقدير الحكومة. يذكر ان المجزرة الصحفية الاكبر حدثت فى 16 فبرائر من عام 2014 عندما صادر جهاز الأمن فى ذلك اليوم عدد 14 صحيفة بدون ابداء أى اسباب!
لو كنت فى مكان رئيس اتحاد الصحفيين السودانيين لعاتبت زملائى الصحفيين العرب واتحادهم على عدم مئاذرتهم القوية للحريات الصحفية فى السودان. اذ لا يكاد يسمع صوت للصحفيين العرب وللصحافة العربية يندد بهذه المجاذر الصحفية التى ينفذها جهاز الأمن السودانى بحق زملاء المهنة السودانيين.
ربما لأن البعيد من القلب بعيد عن العين.لزملائى الصحفيين اقول كل مرة وانتم صابرون وغير قادرين على غير وقفات الاحتجاج التى لا تسمن و لا تغنى من جوع. نجزع ونحزن معكم ولكم رغم الكثير من التحفظات التى تمور فى القلوب التى فى الصدور تجاه بعضكم وصحفهم. قوموا الى قضية الديمقراطية المفؤودة يرحمكم الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق