( إن حبسي ظلماً ضخ تأييداً وعطفاً شعبياً ودولياً لي ).. هكذا تحدث رئيس حزب الأمة القومي وإمام طائفة الأنصار الصادق المهدي وبلهجة مضبوطة بـ(تنوين) الواثق والمطمئن لكلماته، من مقر مهجره بالعاصمة المصرية ،القاهرة، لـ(السياسي) تعليقاً على الحالة التي غادر بموجبها السودان بعد الحبس رغم الإعلان عن الحوار الوطني الذي ظل ينتظره الإمام طيلة فترات تواجده بالداخل، وقطع بانه لا توجد أية تفاهمات بين حزبه والمؤتمر الوطني وقال كيف يعقل أن تكون هناك تفاهمات بعد أن كالوا لنا ما كالوا من اتهامات باطلة ؟ واضاف المؤتمر الوطني يعلم أننا القوى السياسية الأكثر شعبية والأحرص على حقن الدماء والأكثر مبدئية والأفضل سمعة دولية، وكشف عن مباحثات بين حزبه وتيارات حزب الامة الذين قرروا الالتحاق بالمؤسسية والاجندة الوطنية مبينا بان يتاح لهم ذلك دون تحفظ ونفى وجود اي اتصالات مع المؤتمر الشعبي واكد انه سوف يواصل دعوتهم للتخلي عن حوار(٧+٧) واصفا اياه بالعقيم وعديم الجدوى .
# كثر اللغط حول عودة السيد الصادق المهدي للبلاد ..بعض قيادات حزب الأمة القومي أكدت بأن عودتكم قريبة فيما استبعدت القيادات الأخرى ذلك مشيرة بأن عودتكم مرهونة باستجابة الحكومة للخطة التي وضعتموها للحوار ماذا يرى السيد الصادق في هذا الشأن؟
الحديث عن عودتي صار مرآة لآراء من يريدها قريباً لأسباب يرونها، ومن يستبعدها كذلك لأسباب يرونها، والحقيقة هي أنني لم أقرر البقاء في الخارج باستمرار منذ خروجي من البلاد في أغسطس 2014م انشغلت ببرامج و عندما تكتمل حلقات هذا البرنامج سوف أعود للوطن، إن شاء الله، وربما رأت أجهزة حزب الأمة لأسباب مقنعة أن أعود للسودان قبل ذلك وسوف استجيب لرأي الأجهزة.
# ما هي تلك البرامج ؟
اولها توحيد رؤى القوى العاملة من أجل السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل ما أثمر إعلان باريس، واتفاق السيد أمبيكي مع أطراف الحوار الوطني على النقاط الثمانية، ثم نداء السودان. وتبني مجلس الأمن والسلم الأفريقي في اجتماعه رقم 456 لايجابيات نقاط الحوار السوداني ودعوته للقاء تمهيدي يعقد في أواخر مارس 2015م. و ثانيا اقترحنا اسماً وهيكلاً جامعاً وميثاقاً لكافة قوى المستقبل الوطني ونواصل الحوار مع كافة الأطراف لتحقيق المقاصد. وثالثا طرحنا نداءً لاستنهاض الأمة للتصدي لكافة نقاط التباين التي لا يمكن أن تحسم بالقوة في منطقتنا وأمتنا الإٍسلامية ذات القوميات المتعددة، وذلك تحت مظلة المنتدى العالمي للوسطية، وقد عقد في سبيل ذلك حتى الآن مؤتمران في عمان وفي تونس ونواصل حتى تقوم آلية لإنزال النداء لأرض الواقع. ورابعا نادي مدريد الذي يشمل مائة (100) من الرؤساء السابقين المنتخبين ديمقراطياً ويمثلون كافة قارات العالم سوف ينظم باقتراح منا مؤتمراً جامعاً لدراسة ظاهرة الغلو لدينا ولدى الدول الغربية وتحديد أسبابها وما صحبها من عنف عشوائي، مؤتمر أعلق على نتائجه أهمية كبيرة.
# أكدت قيادات بالمؤتمر الوطني بأنهم توصلوا مع سيادتكم لتفاهمات من أجل العودة والالتحاق بالحوار الوطني ما هو شكل هذه التفاهمات؟
لا توجد أية تفاهمات، وكيف يعقل أن تكون هناك تفاهمات بعد أن كالوا لنا ما كالوا من اتهامات باطلة ؟ صحيح أنني التقيت د. مصطفى عثمان في القاهرة في 13 مارس 2014م وأكدت له اننا سوف نحضر اجتماع أديس أبابا المزمع آخر شهر مارس دون شروط مسبقة وأكد لي كذلك أنهم سوف يحضرون، وذهبنا وغابوا.
# هنالك حديث عن ترتيبات دولية من أجل عودتكم من قبل جهات تسعى لحل أزمة السودان ووصلت هذه الترتيبات حد الضغط على سيادتكم ما حقيقة ذلك؟
لا توجد أية ترتيبات دولية بخصوص عودتي للسودان ولكن هنالك مبادرات دولية كالمبادرة الألمانية للبحث عن إطار جديد للحوار الوطني السوداني. ودعتني الخارجية الألمانية لجلسة استماع في أبريل 2015م وقدمت لهم تصوراً عن إطار جديد مجدٍ، وأبلغت بهذا الإطار كافة الأطراف المعنية كما جرى معي اتصال من جهة الوساطة الأفريقية وذكرت لها كذلك الإطار الممكن قبوله.
# خلافاتكم مع المؤتمر الوطني ما بين التصعيد والتهدئة أيهما أقرب للواقع؟
الأقرب للواقع أن بيننا وبين المؤتمر الوطني خلافات مبدئية، ولكنهم يعلمون أننا القوى السياسية الأكثر شعبية، والأحرص على حقن الدماء، والأكثر مبدئية، والأفضل سمعة دولية، لذلك يتطلعون لاتفاق معنا ولكن دون دفع استحقاقات ذلك الاتفاق، كمن يريد أن يشتري كنزاً بأبخس الأثمان وهذا مستحيل.
# ألا تعتقد بأن نداء السودان وإعلان باريس أصبحا حبراً على ورق؟
إعلان باريس ونداء السودان هما الآن يشكلان الرأي العام السوداني، و أفلحا في إفراغ انتخابات 2015م من أي معنى، وهمااللذان يؤكدان جدوى القوة الناعمة في تحقيق المقاصد الوطنية، واللذان يحظيان بتأييد دولي واسع، واللذان مهدا الطريق لمزيد من عزل النظام شعبياً ودولياً ولكن:(من ليس يفتح للضياء عيونههيهات يوما واحداً أن يبصرا)
# بعد فشل المؤتمر التحضيري للحوار الوطني في أديس أبابا ما هي الخطوة المتوقعة من أجل خلق أرضية توافقية بين الحكومة والمعارضة؟
بعض الناس يرى عدم جدوى أي حوار مع حكومة سمتها الغالبة العناد والانفراد ولكن بعضنا يرى مع مواصلة التعبئة للانتفاضة فإذا توافرت ضوابط حددناها في حديثنا مع الألمان ومع الآلية الأفريقية يمكن أن نعمل على إجماع قوى المستقبل الوطني على الاستجابة لحوار باستحقاقاته، أما الحوار العبثي فلا مجال للتجاوب معه.
# كيف تنظر للإشكاليات التي حدثت مؤخراً بين قيادات حزب الأمة (سارة نقد الله والفريق صديق) حول نداء السودان؟
لا غرابة أن يكون بين قيادات حزب الأمة اختلافات في بعض الأمور، وآلية حسم ذلك داخل الأجهزة، والاثنان الأستاذة سارة والفريق صديق من قادة الحزب المخلصين وأن اختلفت درجة ثقتهم في التعامل مع بعض حلفائنا. ما كان ينبغي أن تبحث هذه الأمور عبر الإعلام وقد أمكن احتواؤها.
# ما هو تفسيرك لانضمام (500) من الأنصار وأعضاء حزب الأمة القومي إلى حزب الأمة الفدرالي بقيادات أحمد بابكر نهار؟
إن حزب الأمة بمواقفه الوطنية الرائدة قد اكتسب تأييداً واسعاً تجاوز قواعده المعروفة. ويمكن لبعض الذين أعياهم الصمود الوطني أن يختاروا الانضمام للحكومة.اعتدنا على تقارير إعلامية حول انضمام أعداد من الأمة والأنصار للمؤتمر الوطني أو لربائبه كثير منها كاذب،لَوْلا المَشَقّةُ سَادَ النّاسُ كُلُّهُمُألجُودُ يُفْقِرُ وَالإقدامُ قَتّالُ
# ماذا حدث بخصوص الوفاق ولم شمل حزب الأمة الذي أشيع عنه مؤخراً؟
نعم هنالك لجنة برئاسة اللواء (م) فضل الله برمة تبحث مع الذين قرروا الالتحاق بالمؤسسية والالتحاق بالأجندة الوطنية أن يتاح لهم ذلك دون تحفظ ويمكن أن تسألي رئيس اللجنة عن تطور هذا الأمر.
# هل هنالك اتصال بينك وبين زعيم الختمية السيد الميرغني وما هو شكل التنسيق بينكم وبين الاتحاديين الرافضين للانتخابات والمشاركة في الحكومة؟
لا يوجد أي اتصال بيننا وبين السيد محمد عثمان، وبالأمس التقيت أحد زعماء الاتحادي الديمقراطي السيد ميرغني عبد الرحمن سليمان، وتحدثنا عن ضرورة دعم الاتحادي الديمقراطي للقضية الوطنية. كما لدى قيادات حزب الأمة اتصالات مع الاتحاديين المؤيدين للقضية الوطنية، ويرجى أن نشترك جميعاً في جبهة واحدة بهدف تحقيق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل، فالحزب الاتحادي الديمقراطي رقم وطني مهم يرجى تبرئة موقفه من أن يربط (ترلة) في نظام يتناقض مع طبيعة هذا الحزب.
# أين وصلتم مع تحالف قوى الإجماع الوطني فيما يختص بالهيكلة ودخول أحزاب جديدة للتحالف؟
إننا الآن ننسق مع قوى الإجماع ضمن تحالف أعرض هو قوى نداء السودان الذي يضم الرباعي المتمثل في حزب الأمة والجبهة الثورية وقوى الإجماع ومبادرة المجتمع المدني، ومقترحاتنا المقدمة حاليا هي لإحكام هيكلة قوى نداء السودان وتوسعتها. لقد أصدرت قوى نداء السودان بيانا مشتركا وبرنامج عمل وآليات وهيكلة إبان اجتماعات برلين ولا زال إحكام عملها قيد البحث، وهناك لجان مشتركة تضم مكونات قوى نداء السودان الأربعة بالخارج، وتضم ثلاثة منها (فيما عدا الجبهة الثورية) بالداخل، وسوف تعمل على بحث كافة المقترحات المقدمة لإحكام عمل التحالف وتوسعته، وإصدار بيان بما يتفق عليه.
# هل لديكم اتصالات مع حزب المؤتمر الشعبي خاصة وأنه يقود مبادرة لتنشيط الحوار السياسي بين الحكومة والمعارضة؟
لا توجد الآن لنا أية اتصالات مع المؤتمر الشعبي الذي يعمل الآن في إطار إحياء حوار 7+7، وهو إطار لم تعد له جدوى، ولكننا سوف نواصل دعوتهم للتخلي عن هذا الحوار العقيم والمشاركة في إنجاح الأجندة الوطنية.
# اتهمك المراقب العام لجماعة الأخوان المسلمين على جاويش بأنك رجل كثير التردد ولا تجيد سوى الحديث والتعليق على الأحداث المحلية والإقليمية ؟
اتهامي بالتردد يلجأ إليه الذين لا يجدون ما ينتقد من مواقفي. إن مواقفي محددة في كل القضايا لدرجة قد لا تتناسب مع الأسلوب السياسي ولكنني أحرص على أن أقنع بمواقفي أكبر قاعدة تأييد ما قد يسبب بعض التريث أما أحاديثي فنقدها لا يجوز من ناحية كثرتها فرب العزة من أسمائه الكلام. وقال: (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا) فالعيب ليس في كثرة الكلام بل في الكلام الخاطئ فما هو الخطأ في كلماتي؟ لقد كانت ولله الحمد صائبة في كثير من المواقف، وشكلت رأياً عاماً وطنياً، وعلى صعيد أمتنا الإسلامية المتعددة القوميات، وعلى صعيد دولي.
# وما ردك فيما اتهمك به جاويش بانك تحمل أفكاراً علمانية ولا تفرق بين الأخوان المسلمين والمؤتمر الوطني ؟
هؤلاء المنكفئون يهرفون بما لا يعرفون العلمانية فيها كثير من الحقائق إذ تنادى بالمساواة في المواطنة، عيب العلمانية الذي ننكره هو عدم الاعتراف بالغيب وعدم الاعتراف بحق أصحاب المرجعية الإسلامية بالخوض في العمل العام و لا يمكن لعاقل أن يتهمني بهذين العيبين على كثرة ما قلت وكتبت.
أما التفرقة بين الأخوان المسلمين والمؤتمر الوطني فلا ينكر أحد أن المؤتمر الوطني حزب مؤسسوه من خلفية أخوانية وإن بدلوا أسماءهم من الأخوان المسلمين إلى جبهة الميثاق ثم الجبهة الإسلامية القومية ثم المؤتمر الوطني، ولكن حتى تنظيم الإخوان المسلمون صاحب الاسم، فقد أيدوا الانقلاب في يونيو 1989م، وأيدوا النظام الذي أقامه الانقلاب، واشتركوا فيه ربما اختلفوا مع المؤتمر الوطني في بعض الأمور ولكنهم اشتركوا في كل أعماله المهمة وعليهم إذا أدركوا خطأ هذه المشاركة أن يقوموا بنقد ذاتي ويعلنوا التخلي التام عما يدرجهم في موكب المؤتمر الوطني ولعلم هؤلاء نعم نحن ضحايا حركة ذات مرجعية أخوانية وهم جزء منها. ورغم ذلك : (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى).
# لماذا حرصتم على نصح الاخوان في مصر ؟
حرصنا على نصح الأخوان في مصر بنصيحة لو اتبعوها لما وقعوا فيما وقعوا فيه من أخطاء كما أننا بعد أن واجهوا محنتهم الحالية كنا ولا زلنا الصوت الإسلامي غير الأخواني الأقوى في محاولة إخراجهم من المحنة، وسوف ننجح لو أنهم ساعدوا أنفسهم بعقد اجتماع مثل الذي عقدوه في عام 1989م ونشر وقائعه د. عبد الله النفيسي بعنوان: (الحركة الإسلامية: نظرة مستقبلية – أوراق في النقد الذاتي). وفيه أدانوا أية محاولة لتطبيق برامجهم عن طريق الانقلابات العسكرية وحتى من شاركوا في ذلك الاجتماع لم يلتزموا بما قرروا! وعليهم الآن أن يساعدوا أنفسهم بعقد مؤتمر للاعتراف بالأخطاء، وتأكيد الاستعداد للتخلي عنها على نحو ما اقترحنا عليهم. أما الإصرار على الخطأ وإدانة الآخرين كما قال مراقبهم هذا عناد يدفع بهم لموارد التهلكة.انتبهوا لما كان يفعل نجم الدين أربكان رحمه الله في تركيا، وما يفعل حزب النهضة في تونس، وما يفعل حزب العدالة والتنمية في المغرب. ولكن: (مَنْ يكُ ذا فمٍ مُرٍّ مريضٍيَجِدْ مُرّاً به الماءَ الزُّلالاَ).
حوار / هبة محمود -السياسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق