في الوقت الذي اصطف فيه الطاقم الحكومي، لأداء القسم أمام رئيس الجمهورية ورئيس القضاء، كان الحسن الميرغني غارقاً ومنغمساً في تفاصيل خاصة، ليست لها علاقة بمراسم أداء القسم في القصر الجمهوري الذي تم اختياره ليكون أحد ساكنيه في الأيام القادمة. ولعل ما جعل غياب الميرغني الصغير يحمل صفة الفجائية، ويتلون بصبغة العجائبية والغرائبية، هو أن المساعد الأول، وقع في الخطأ الأول، الأمر الذي قاد المراقبين إلى رحلة استعادية إلى حيث الخطأ الأول لشقيقه الأصغر جعفر الصادق الميرغني، الذي أدهش الجميع كلهم، حينما خلط بين ولاية النيل الأبيض والنيل الأزرق، وعندما خالط بين جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق..
أدناه محاولة لقراءة الموقف أو الخطأ الكبير على اعتبار أن الوصول من سنكات إلى القصر ليس أمراً مستحيلاً لمن أراد.
توقيعات غياب الحسن عن القسم
يُعين السيد/ محمد الحسن محمد عثمان الميرغني مساعداً أول لرئيس الجمهورية.
المشير عمر البشير
المرسوم الجمهوري رقم (16)
لديه ظروف خاصة وهو تواجده بسنكات ومن المتوقع حضوره في أي لحظة للخرطوم وسيؤدي القسم بمجرد وصوله.
مصدر رفيع
بالحزب الاتحادي (الأصل)
غياب السيد الحسن الميرغني عن مراسم أداء القسم لا علاقة له بحصة الحزب في الحكومة فهذا أمر تم الاتفاق عليه مسبقاً.
أسامة حسونة
القيادي بالاتحادي (الأصل
في "سنكات" حليل "مجلسنا"
الخرطوم: ماهر أبوجوخ
أولى الملاحظات التي استوقفت المراقبين والمتابعين عند صدور مراسيم تشكيل الحكومة أول الأسبوع الجاري، هو تخصيص مرسوم منفصل بتعيين رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) بالإنابة وأمين قطاع التنظيم بالحزب محمد الحسن الميرغني كـ(مساعد أول لرئيس الجمهورية) وهو ما جعله عملياً في درجة دستورية أعلى من رصفائه المساعدين الأربعة بالقصر ومنحت صفة الدستوري الرابع بالبلاد بعد كل من رئيس الجمهورية ونائبه الأول ونائب رئيس الجمهورية.
الوجود بسواكن
أولى علامات التعجب والاستفهام التي برزت عند أداء مساعدي رئيس الجمهورية للقسم يوم أمس الأول ارتبطت بغياب مساعد أول رئيس الجمهورية (الحسن) عن أداء القسم، واتضح أنه موجود قبل عدة أيام خارج الخرطوم، وتحديداً بمنطقة (سنكات) بشرق السودان، وتوقع مقربون منه أن يؤدي القسم فور وصوله الخرطوم لمباشرة مهامه بشكل رسمي، لكن الأمر لم يخلُ من عودة إلى حقيبة الفن السوداني لتحوير أغنية "في شمبات حليل مجلسنا"، لتواكب اعتكاف الميرغني الصغير بسنكات التي يبدو أن للرجل معها غرام خاص، في الوقت الذي انخرط فيه الطاقم الحكومي في أداء القسم.
لكن بمجرد ذكر اسم (سنكات) فإن أولى الأسماء التي تقفز للأذهان مباشرة هو خال (الحسن) ووالد زوجته محمد سر الختم الميرغني، حيث تجمع علاقة خاصة بين الخال وابن اخته. وينسب لـ(الخال) تاريخياً الفضل في الحفاظ على مياه وجه الحزب الاتحادي الديمقراطي في انتخابات 1986م بقيادته للحملة الانتخابية للحزب التي مكنته من حصد عدد كبير من الدوائر الجغرافية بشرق السودان بفضل تجنب ظاهرة صراعات الدوائر وتعدد المرشحين الاتحاديين فيها والتي أفقدت الحزب العديد من الدوائر خاصة في العاصمة – التي تعرف حالياً باسم ولاية الخرطوم - الأمر الذي مكن الحزب من الحصول على المرتبة الثانية بعد حزب الأمة.
تفاصيل المهام
نجد أن التكييف الدستوري للاتفاق السياسي الذي تم بموجبه تعيين (الحسن) كمساعد أول لرئيس الجمهورية استند على نصوص وأحكام المادة 62 (3) من الدستور الانتقالي لسنة 2005م التي منحت رئيس الجمهورية حق تعيين مساعدين ومستشارين له، وتحديد مهامهم وصلاحياتهم وأسبقيتهم.
تقودنا المادة ذاتها إلى جزئية أخرى غير واضحة في ما يتصل بتكليف الحسن كمساعد أول والمرتبطة بالمهام التي سيتم تكليفه بها رسمياً والتي ستحدد ملامح دوره القادم، إلا أن بعض الأوساط تتوقع أن تكون تلك المهام مرتبطة بالشق بالقطاع الاقتصادي خاصة عند ربطها بتصريحات سابقة أعقبت الانتخابات أعلن فيها عن وجود برنامج الـ(181) يوماً لإصلاح حال البلاد ويومها أشار في ذلك التصريح إلى اهتمامهم بالشأن الاقتصادي.
من بين المؤشرات التي يمكن من خلالها ترجيح احتمالية تكليف الميرغني بملفات مرتبطة بالشق الاقتصادي هو تمسك (الأصل) بوزارة التجارة الخارجية رغم وجود ارهاصات أشارت إلى رغبة (الأصل) في شغل حقيبة سيادية ممثلة في (العدل)، بجانب المحافظة على وجود د.جعفر أحمد عبدالله ضمن الوزارات الإنتاجية رغماً عن انتقاله من موقعه كوزير للدولة بوزارة الزراعة لوزير دولة بالثروة الحيوانية.
الانطباع الأول
رغم وجود (الحسن) خارج الخرطوم لحظة أداء القسم وفي ظل عدم وجود تفسيرات تبرير ذلك الغياب أعطى انطباعاً عاماً غير إيجابي في مصلحته باعتبارها أولى مشاهد دخوله للقصر، خاصة في ظل استذكار تجربة شقيقه الأصغر بالقصر جعفر الصادق بعد تعيينه قبل عدة سنوات مساعداً لرئيس الجمهورية، ووقتها ساد انطباع عام وسط الرأي العام أن أداء (جعفر) يعد الأضعف بين رصفائه بالفريق الرئاسي لوجوده خارج حدود البلاد لعدة أشهر.
اختلاف التجربة
راهنت أطراف عديدة على إمكانية تقديم (الحسن) لتجربة مختلفة بالقصر عن شقيقه (جعفر الصادق) لعدة اعتبارات، أولها مرتبط بما تردد في الأيام الأولى لتعيين الثاني مساعداً لرئيس الجمهورية باعتباره ظل متحفظاً على مشاركة (الأصل) بالحكومة، وتم الدفع به في اللحظات الأخيرة بعد اعتذار (الحسن) بسبب إبدائه اعتراضات على تفاصيل الشراكة التي أفضت لمشاركة (الأصل) قبل أربع سنوات.
أما المشاركة الحالية بجميع تفاصيلها قبل الانتخابات وأثنائها وبعدها فإن مهندسها الحقيقي هو (الحسن) شخصياً الذي تولى إدارتها في الشقين التنظيمي والسياسي بانخراطه شخصياً في المفاوضات رفيعة المستوى التي أجريت مع رئيس المؤتمر الوطني رئيس الجمهورية.
ايجاد تفسير
جنح البعض لتفسير عدم حضور (الحسن) لأداء القسم يوم أمس الأول باعتباره شكلاً احتجاجياً اعتراضاً على الحصيلة التي خرج بها حزبه على المستويين التنفيذي والولائي وعدم حصوله على موقع والٍ بأي من الولايات، واحتفاظه بمواقعه الوزارية السابقة ذاتها.
لكن عند مقارنة حصيلة (الأصل) مقارنة ببقية شركاء المؤتمر الوطني نجدها فقدت مقاعد خصصت لها بالتشكيل الوزاري، وبالتالي فإن احتفاظ (الأصل) بمقاعده تعتبر مسألة إيجابية هذا بخلاف ترفيع موقع المساعد الرئاسي وتميزه عن بقية المساعدين بجعله (المساعد الأول) وهي النقطة الوسطى بين المعلومات التي تسربت حول المباحثات التي أجريت خلف الأبواب المغلقة، والتي أشارت إلى مطالبة (الحسن) بموقع نائب الرئيس، وهو الأمر الذي تحفظ عليه (الوطني) وتمسك بعرضه موقع (مساعد الرئيس)، ولذلك فإن وضعية (المساعد الأول) التي جعلت الحسن برتوكولياً أعلى درجة من بقية المساعدين الموجودين، وخلف الرئيس ونائبيه في الترتيب المراسمي هي النقطة الوسطي بين المقترحين.
تختلف مشاركة (الأصل) الحالية في الحكومة عن سابقتها قبل عدة سنوات لكونها حافظت على التفاصيل السابقة التي تم إقرارها في الشراكة الأولى، ولم يكن التحول الإضافي فيها ترفيع موقع المساعد للمساعد الأول، وإنما شملت إضافات برلمانية ونيابية لـ(الأصل) الذي ارتفعت كتلته البرلمانية من 3 أعضاء إلى 25 نائباً كثاني أكبر كتلة بالمجلس الوطني، بجانب ثلاثة أعضاء بمجلس الولايات وأعضاء بعدد من المجالس التشريعية بعدد من الولايات.
الصيحة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق