تفاجأ مراقبون سياسيون في السودان بالتشكيل الحكومي الجديد الذي أزاح وزراء لم يكونوا ضمن المرشحين لمغادرة وزاراتهم لقربهم من الرئيس عمر البشير، الذي بات يمسك زمام الأمور في الحكومة وحزب المؤتمر الوطني الحاكم معا.
ورغم ما ظل يؤكده الحزب الحاكم عن وجود توافق بين قادته حول كل قراراته التي من بينها اختيار الحكومة الجديدة، فإن تأجيل إعلان الحكومة لأكثر من مرة وخروجها بالوجوه الجديدة طرح مجموعة تساؤلات عن قدرة الحزب الحاكم على إخفاء خلافات داخلية ظلت قائمة منذ فترة.ولم يجد المتابعون تفسيرا لإزاحة الفريق عبد الرحيم محمد حسين من وزارة الدفاع ومحمد بشارة دوسة من وزارة العدل وبعض ولاة الولايات عن مناصبهم، إلا أنها انعكاس للخلافات داخل الحزب.
ورفض أمين القطاع السياسي في المؤتمر الوطني حامد ممتاز تأكيد أو نفي وجود تلك اللافتات، وقال إن المكتب القيادي للحزب ظل يجيز كل المقترحات المقدمة إليه بما فيها مقترح رئيسه بالتشاور والنقاش والاتفاق. وأكد ممتاز للجزيرة نت أن الحزب طرح برنامجا سياسيا إصلاحيا، "وبالتالي فإن هذا البرنامج يحتاج لتغيير في الأشخاص والسياسات معا، وهذا ما تم بالضبط"، وتوقع ممتاز استمرار الحكومة بالتوافق "لأنها جاءت باتفاق ورضا كل الأطراف".وظلت خلافات الحزب الحاكم تطفو على السطح بسبب الإصلاح السياسي الذي قاد إلى خروج مجموعات كبيرة عن الحزب وتشكيل أحزاب أخرى معارضة بعد فشلها في تنفيذ الإصلاح الحقيقي من داخل الحزب.
من جانبه لم يستبعد أستاذ العلوم السياسية في جامعة بحري حمد عمر حاوي، حدوث كثير من الصراعات بين مكونات المؤتمر الوطني مما دفع إلى شيء من الترضيات في التشكيل الجديد. وعبر حاوي للجزيرة نت عن اعتقاده بأن الحكومة الجديدة جاءت لتلبية حاجة لتغليب الناحية الأمنية على السياسية.وقال إن الرئيس السوداني استطاع أن يمسك بكل خيوط العملية السياسية في الحزب والحكومة على السواء، وأكد أن التشكيل الجديد "فيه شيء من المرونة المطلوبة خارجيا وداخليا"، ويعبر عن نهاية مراكز القوى التي تمنع أو تقف حائلا دون تحقيق ما يراه الرئيس.
بينما يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخرطوم محمد نوري الأمين أن تغيير وزير الدفاع الذي يعد من أكثر المقربين للبشير يضع كثيرا من علامات الاستفهام حول الحكومة الجديدة. ورأى الأمين أن إبعاد الوزير إلى ولاية الخرطوم لا يتجاوز احتمالين، أولهما تململ داخل المؤسسة العسكرية بسبب فشل سياساته، أو محاسبته على عدم حسم الوضع مع المتمردين وفقا للآجال التي قطعها لنفسه. وفسّر تغيير وزير العدل الذي ينتمي لإقليم دارفور "بما يحمله المستقبل للإقليم"، مشيرا إلى وجود صراعات ظلت مكتومة داخل الحزب الحاكم "ظهرت بجلاء في هذا التشكيل". وتساءل إن كانت الحكومة مقدمة لانفراد البشير بالسلطة في البلاد أم محاولة منه لوضع الأمور تحت سيطرته، وتوقع بروز خلافات بين المؤتمر الوطني والأحزاب المشاركة معه بسبب ضعف تمثيلها في الجهاز التنفيذي.
التغيير - الجزيرة نت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق