الخرطوم ـ «القدس العربي»:
يتوقع أن يتم اليوم الأحد أداء حكومة السودان الجديدة القسم بعد ان تعثر تشكيلها في اليومين الماضيين بسبب الخلافات في تسمية بعض الوزراء وحصص الأحزاب المشاركة، كما يقول بعض المراقبين، أو بسبب إتاحة الفرصة لمزيد من التشاور كما صرّح قادة المؤتمر الوطني.
المداولات التي إنفضت في الساعات الأولى من صباح الجمعة لم تخرج بشيء واضح، لكن نائب رئيس الحزب، البروفيسور ابراهيم غندور توقع أن يحوز المؤتمر الوطني أغلبية الحقائب بنسبة تصل إلى 65٪ بينما تتقاسم القوى الأخرى التي شاركت في الإنتخابات الحقائب الوزارية المتبقية والتي تبلغ نسبتها 35٪. وفي وقت سابق أعلنت عدة أحزاب رفضها لحصصها في الحكومة الجديدة، خاصة الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي يرأسه محمد عثمان الميرغني. وقال قياديون في أحزب شاركت في الإنتخابات إن الحصة التي خصصت لهم لا تتناسب مع الوزن السياسي والجماهيري لأحزابهم رغم عدم حصولهم على مقاعد كثيرة في انتخابات 2015م. وأعلن «حزب الأمة – القيادة الجماعية» وهو حزب منشق عن «حزب الأمة القومي» ويرأسه د الصادق الهادي
رفضه للعرض الذي قدمه الحزب الحاكم المؤتمر الوطني للمشاركة في الحكومة المقبلة بحجة أن العرض ضعيف.
البروفيسور ابراهيم غندور أكد قبيل شهر أن الإنتخابات هي الفيصل في تحديد أوزان الأحزاب المشاركة وقال «ليس لدينا ميزان نزن به الأحزاب غير الإنتخابات، الذي شارك وزنه معروف والذي لم يشارك ربما هو يعرف وزنه».
ويتوقع الكثيرون أن تزداد سطوة البشير على الحكومة في الفترة المقبلة والتي يتوقع أن تكون الأخيرة له حيث يكون قضى 30عاما في السلطة وهي مدة طويلة تماثل ضعف رئاسة جعفر نميري التي كانت تعتبر الأطول في السودان قبل استيلاء البشير على السلطة عبر إنقلاب عسكري في عام 1989م.
وأوضع البشير ملامح عامة لسياسة حكومته الجديدة متمثلة في زيادة الإنفتاح الخارجي وتوفير الرفاه للشعب السوداني ومحاربة الفساد وتعزيز تطبيق الشريعة الإسلامية. وقال في حفل تنصيبه عن هذه الحقبة إنها «ستمضِي قدما لإكمالِ ما كان قائماً من التخطيط المجاز واستكمالِ مشروعِ النهضةِ تحقيقاً للنمو والتطور والعيشِ الكريم» وأشار إلى أن الحكومة الجديدة ستلبي تطلعات المواطنين من سائر النواحي وتسعى لأن يكون مستقبل الشعب السوداني أفضل.
لكن قوى الإجماع الوطني المعارضة اعتبرت حديث البشير مجرد شعارات فضفاضة لا تفضي إلى شيء ملموس. وقالت في بيان لها إن المرحلة المقبلة لن تشهد سوى المزيد من المعاناة وأضافت إن البشير لم يقدم رؤية واضحة حول التنمية والحرب والسلام والأزمة الإقتصادية وأنه قدم أفكارا ضبابية حول الحوار الوطني الذي تعتبره المخرج الوحيد للبلاد. وتجاوز عدد الأحزاب التي شاركت في إنتخابات السودان لهذا العام الأربعين حزبا، لكن عددا كبيرا من المواطنين تم استطلاعهم فشلوا في ذكر أسماء عشرة أحزاب منها، الأمر الذي اعتبره البعض محاولة مقصودة من الحزب الحاكم لإضعاف العملية الانتخابية لصالحه.
ويطلق السودانيون على مجموعة من الأحزاب اسم «أحزاب الفكة» ويتهمون المؤتمر الوطني بالعمل على تفكيك الأحزاب الكبرى مثل حزبي «الأمة والإتحادي» لمجموعة من الأحزاب التي تحمل جزءا من الحزب الكبير.
وشاركت هذه الأحزاب في الحكومة السابقة تحت اسم «أحزاب الوحدة الوطنية «وأعلنت كتلة هذه الأحزاب دعمها للبشير في منصب رئاسة الجمهورية وتمت مكافأتها بتنازل المؤتمر الوطني لها عن30٪من دوائره الإنتخابية، ويتوقع أن تظهر من جديد في الحقبة الرئاسية الجديدة للبشير.
ويضم مجلس أحزاب حكومة الوحدة الوطنية نحو 75 مجموعة سياسية تضم أحزابا وحركات، أبرزها الحزب الاتحادي الديمقراطي «الأصل» والحزب الاتحادي الديمقراطي «المسجل» وأربعة أحزاب منشقة من حزب الأمة القومي والأحزاب المايوية وحزب الجبهة القومية السودانية.
ويضم المجلس أيضا 22 من حركات من دارفور موقعة على اتفاقيات سلام مع الحكومة، أبرزها حركة التحرير والعدالة بقيادة التجاني سيسي وحركة العدل والمساواة ـ فصيل دبجو، بالإضافة إلى أحزاب قومية من شرق السودان وجبال النوبة والنيل الأزرق.
ويقول المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية الدكتور صلاح الدومة إن هذه الأحزاب لا وزن لها وهي من صناعة المؤتمر الوطني وقد صنعها نظام الإنقاذ لتعطي الإنتخابات والحكومة زخما وشرعية، لكنه يرى أنها فشلت في هذا الدور لأن مشاركة المواطنين في الإنتخابات كانت ضعيفة بدرجة أزعجت المؤتمر الوطني نفسه.
وقال الدومة لـ«القدس العربي» إن إنفراد نظام الإنقاذ بوضع قانون الأحزاب وكذلك قانون الإنتخابات هو الذي قاد إلى هذه النتيجة، وفي تعليقه على الصفقة التي تمت بين الإنقاذ وهذه الأحزاب بترشيحها للبشير مقابل تنازل المؤتمر الوطني عن بعض الدوائر، قال إن مثل هذه الصفقات تحدث عادة تحت الطاولة لكن الإنقاذ أبرمتها في وضح النهار وعلى كل الملأ، بل ظلت تتباهى على هذه الأحزاب وتمن عليها بترك ثلث مقاعدها مما يعني أن حزب المؤتمر الوطني ضمن فوزه بـ»70٪» من المقاعد قبيل بدء العملية الإنتخابية.
ويقول إن مشاركة 44 حزبا في الإنتخابات تعني وجود 44 شخصا وليس حزبا، لأن هذه الأحزاب -في نظره -لا تمثل جماهير بل تمثل رؤساءها فقط وأضافة إلى أن العملية برمتها مطبوخة بسذاجة.
ويقول الدومة إن مثل هذا النوع من الأحزاب لا ينتج عملية سياسية ناضجة ولا مستقبلا لأي عمل سياسي يشارك فيه، لذلك فهو يرى أن النظام خسر من هذه التجربة واهتزت صورته حتى أمام منسوبيه ولم يخرج بأي مكاسب.
صلاح الدين مصطفى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق