وسط توتر في العلاقات على أرض الواقع بين الولايات المتحدة والصين بسبب ملفات عدة، أبرزها الملف الأخير المتعلق بالسيادة في بحر الصين الجنوبي، والذي تتدخل فيه الحكومة الأمريكية لصالح حلفائها بهذه المنطقة، تصاعدت حدة الهجمات الإلكترونية ضد أمريكا.
وأعلنت الحكومة الأمريكية، الخميس الماضي، عن نجاح قراصنة في اختراق نظام الحاسوب الخاص بوكالة شؤون العاملين الحكومية الأمريكية، مما مكنهم من الوصول إلى بيانات خاصة بنحو أربعة ملايين من الموظفين الاتحاديين سواء الحاليين أو السابقين.
ووجه مسؤولون في الحكومة الأمريكية أصابع الاتهام في الهجوم إلى القراصنة الصينيين، حيث أشارت البيانات الخاصة بنتائج تتبع منفذي الاختراق إلى الصين، مما دفع وزارة الخارجية الصينية للرد على هذا الاتهامات بشكل رسمي لنفيها.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، الجمعة، أن تصريحات المسؤولين في الولايات المتحدة حول ضلوع بلاده في الهجوم الأخير ضد مكتب شؤون العاملين الحكومي غير مسؤولة وغير صحيحة، كما شدد على صعوبة عملية تتبع مصادر الهجمات الإلكترونية.
وتعود البيانات التي حصل عليها القراصنة في اختراق المكتب الحكومي الأمريكي إلى عام 1985، مما دعى محللون أمنيون إلى التأكيد على خطورة ما تتضمنه تلك البيانات من تفاصيل عن الموظفين الحالين، أو المتقاعدين قد تهدد الأمن الأمريكي.
وكشفت المحللون أن البيانات قد تتضمن معلومات مثل وظائف المتقاعدين التي يشغلوها في الوقت الحالي بعد تركهم للحكومة، أو تفاصيل دقيقة عن الموظفين مثل معلوماتهم البنكية أو تواريخ ميلادهم، أو أرقام الضمان الاجتماعي خاصتهم.
وأشار المحللون إلى أن تلك البيانات قد تستخدم من قبل القراصنة في شن هجمات إلكترونية أخرى، خاصة ضد الموظفين اللذين يشغلوا وظائف حساسة، مما يتيح لهم الحصول على معلومات أكثر خطورة قد تكون عن الأسلحة التي تطورها الولايات المتحدة.
وكانت شركة لوكهيد مارتن الأمريكية، المتخصصة في مجال الصناعات العسكرية، قد قررت رفع درجات الأمن الإلكتروني لديها، بعد هجوم تعرضت له في 2011 تسبب في تسريب بعض الملفات الحساسة، وهو الهجوم الذي يشتبه ضلوع الصين أيضا فيه.
وازدادت الشكوك حول ضلوع الصين في الهجوم ضد شركة لوكهيد مارتن، بعد أن عرضت طائرتين مقاتلتين تمتلكان مواصفات وتقنيات شبيهة بالموجودة في المقاتلتين إف 22 وإف 35 اللتين تنتجهما الشركة الأمريكية.
هجمات صينية شرسة
ولا يعد الهجوم على مكتب شؤون العاملين الحكومي الأمريكي الأول من نوعه خلال الفترة الأخيرة، فسبق وأن تعرض لهجوم أخر سُرق فيه بيانات شخصية من ملايين السجلات الخاصة بشركة “أنثيم”، التي تعد ثاني أكبر شركة أمريكية في مجال التأمين الصحي، وهو الهجوم الذي وجه اللوم فيه كذلك إلى قراصنة صينيين.
وأشار تقرير إخباري إلى أن القطاع الخاص والعام الأمريكي يشهد هجمات شرسة يعود مصدرها إلى الصين، ونقل التقرير، الذي أبرزته وكالة رويترز، على لسان روب ايجرشيت الرئيس التنفيذي لشركة انتليسيكيور الأمريكية للأمن الإلكتروني تصريحات قال فيها إن شركته شهدت هجوم من قراصنة صينيين على مجموعة أمريكية تعمل في مجال المستحضرات الدوائية، ما كبدها خسائر تقدر بمئات الملايين من الدولارات تتعلق بابحاث حساسة وجهود لتطوير المنتجات.
ووصف ايجرشيت ما يقوم به القراصنة الصينيين بأنه “حرب إلكترونية باردة ضد الولايات المتحدة الأمريكية”، وهو وصف شبيه لما جاء على لسان مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى خلال الشهور القليلة الماضية.
وقال الأميرال مايك روجرز، مدير وكالة الأمن القومي الأمريكية، في نوفمبر الماضي أن الصين إحدى دول محدودة تملك الإمكانيات التقنية التي تجعلها قادرة على شن هجمة إلكترونية موسعة تتمكن من خلالها من اختراق الأنظمة المتحكمة في البنية التحتية الأمريكية وغلقها تماما.
وفي نفس السياق، صرح الأميرال جيمس وينفيلد، نائب رئيس لجنة الأركان الأمريكية المشتركة، في مايو الماضي قائلا أن بعض خصوم بلاده مثل الصين وروسيا قاموا خلال الفترة الماضية بتصعيد هجماتهم على الشبكات العسكرية في الولايات المتحدة بشكل غير مسبوق.
وكانت أمريكا قد طلبت رسميا من السلطات الصينية في مايو المنصرم التحقيق في هجوم إلكتروني استغل فيه قراصنة صينيين خوادم مستضافة في مناطق متفرقة حول العالم لمهاجمة مواقع إلكترونية أمريكية بملفات ضارة.
وتسعى أمريكا خلال عام 2016 المقبل أن تزيد من الإنفاق على مجال الأمن الإلكتروني للجهات الحساسة لديها، حيث أضاف مؤخرا أعضاء بالكونجرس الأمريكي تمويلا حجمه 200 مليون دولار الى مشروع موازنة عام 2016 المالية لتمويل دراسة تتناول نقاط الضعف في مجال تأمين أنظمة الاسلحة الامريكية ضد الهجمات الإلكترونية.
يذكر أن الجيش الصيني يملك وحدة خاصة للتصدي وتنفيذ الهجمات الإلكترونية، والمعروفة باسم الوحدة 61486، والتي تلقى اتهامات كبيرة باستخدام تقنياتها ضد الولايات المتحدة بشكل خاص، ففي عام 2014 اتهمت شركة كراودسترايك هذه الوحدة بالقيام بعمليات تجسس ضد شبكات تابعة لجهات حساسة في أمريكا، وأنها استهدفت منذ 2007 قطاع الفضاء والاتصالات الأمريكي بهدف الحصول على أبرز التقنيات وجهود التطوير فيه، كما قامت بتنفيذ هجمات معتمدة على الثغرات في برامج لشركات أمريكية مثل برنامجي أدوبي ريدر ومايكروسوفت أوفيس.
aitnews
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق