نستنشقه، رغم أنفنا، ولا ندري انه قد يذهب بنا إلى حتفنا!
الهواء، لا مفر منه لرئاتنا، لكن الهواء هواءان: نظيف وملوث، والأخير
تسبب في العام قبل الماضي في وفاة ثلاثة ملايين وسبعمائة ألف، في مناطق متفرقة من العالم، وفقا لإحصاءات صحية أممية.
الهواء الملوث، أخطر من الإيدز، ومن كورونا بالطبع.. وأخطر من الملاريا، وغير ذلك من الامراض التي تفتك بالبشرية.
الصحة العالمية، اطلقت في بيان تحذيرا انقبضت له رئتاي: الوضع مأساوي جدا.. المشكلة تتفاقم في 1600 مدينة بمائة وواحد وتسعين دولة، بسبب نقصان مستوى الهواء النظيف مرتين ونصف عن المستويات السليمة!
وأنا أقرا في التقرير، تحسست أنفاسي، وحين تيقنت أنها تطلع وتنزل، حمدتُ رب الناس الذي بيده كل انفاس الخلائق.
التقرير لم يتحدث عن المدن الملوثة، وأغفل ربما بسبب غياب الإحصاءات- عدد ضحايا الهواء الملوث، في العام الماضي، وهو عدد في ازدياد، بازدياد، التلوث في الدول متوسطة ومنخفضة الدخل.
لماذا يصبح الفقراء، في كل مكان، ضحايا حتى الهواء الذي يتنفسونه؟
حيث كان الفقر، كان التلوث: دخان عوادم السيارات التعبانة، والمصانع التعبانة، والركشات والموترات، يغطي السماء، بغمامة من ثاني أسيد الكربون، وحيث ثاني اكسيد الكربون، كان التعب في الرئتين، وفي القصبة الهوائية، والحنجرة، وكانت السرطانات، والسكتات القلبية، والدماغية.. وكان الموت، وارتفاع معدلاته، وكانت الغفلة من الحكومات.. والغفلة آفة مثل تلوث الهواء، وتلوث المياه.. مثل الإيدز،والطاعون الذي عاد يطعن طعنا في البطون الفقيرة.. مثل انثى الانفوليس التي تمص الدم مصا، وحين تتوارى بطنطنتها، تترك الحمى القاتلة، تبيت وتصحو، في الأجساد المنهكة، الهزيلة! ماريا تيرا، مديرة الصحة العامة، في الصحة العالمية، أتخيلها حين أطلقت التحذير الذي يمسك بالانفاس، طفرت منها دمعتان، وهى تتخيل انفاس الناس، في المدن التي يعطب هواؤها الرئتين.
كانت تتحدث في جنيف، والهواء يغني.. يصفق نسمة نسمة، وكل نسمة ترقص باليه.. والرقص يُعدي، لكن ماريا كانت دامعة العينين، وهى تتخيل مصير الناس في المدن التي يرسم فيها ثاني إكسيد الكربون، بأياديه الملوثة، أبشع صورة للنهايات البشعة!
ياحكام الدول التي يتلوث هواؤها، رفقا بالبشر..
رفقا بانسانة في جنيف، لم تعد ترقص والهواء في رقصة باليه، برغم ان الرقص يعدي، كما الابتسام!
الوطن القطرية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق