الاثنين، 1 يونيو 2015

خطر الانفصال يهدد إقليم دارفور



يبدو أن انفصال جنوب السودان عن السودان لم يكن سوى فاتحة لمطالبات انفصالية أخرى من أقاليم عدة، وأبرزها إقليم دارفور. وهو ما جعل رئيس "حركة تحرير السودان" الدارفورية، مينّي أركو ميناوي، ينشر على صفحته على موقع "فيسبوك"، عبارة جاء فيها "يتحدثون عن الوحدة، وهم يعلمون أنه غداً تحلّ ساعة الانفصال".

ولم تقف مطالبة ميناوي عند حدود العالم الافتراضي، بل جاهر بطلبه علناً، معتبراً أنه "ينوي طرح حق تقرير المصير لإقليم دارفور، من ضمن القضايا السياسية، في أية مفاوضات لاحقة مع الحكومة في الخرطوم". واعتبر ميناوي أن "النظام الحاكم في السودان يدفعنا في اتجاه اتخاذ هذا الموقف، على الرغم من مخاطره، بسبب ممارساته الاستفزازية ضد أبناء دارفور، بفعل تزايد عمليات القتل والتشريد التي تتم في الإقليم، فضلاً عن التعامل العنصري مع أبناء دارفور في العاصمة". وأكد ميناوي، أنه "في حال لم تشهد الفترة المقبلة حكومة انتقالية خاصة، فإن البلاد ستتجه إلى التفتيت".

وتُمثّل تصريحات ميناوي، أول إعلان رسمي صراحة لقادة التمرد الدارفوريين، على الرغم من أنه سبق لـ "حركة تحرير السودان" ـ فصيل عبد الواحد محمد نور، أن شدّدت في العام 2009، على ضرورة تحديد مستقبل إقليم دارفور. كما طرحت "حركة العدل والمساواة"، حقّ تقرير المصير في العام 2010، عبر تصريح رسمي نُسب لناطقها الرسمي أحمد حسين في حينه.

لكن حكومة الخرطوم قللت من أهمية إعلان ميناوي، واعتبرتها "فرقعة إعلامية بعد الهزائم التي لحقت بالحركات في إقليم دارفور". واستبعدت تماماً "إمكانية فصل إقليم دارفور، أسوة بجنوب السودان، لغياب العوامل التي توفرت للجنوب والتي لا تتوفر لدارفور، بحكم التكوين العرقي والثقافي والديني واللغوي للسكان". ورأى أمين مكتب "سلام دارفور"، أمين حسن عمر، أن "لا قيمة لحديث ميناوي، لأنه قصد منه الإثارة فقط".
ويتهم عدد من أبناء دارفور، الحكومة، لأنها "تعاملهم كمواطنين درجة ثانية، أسوة بالجنوبيين، لا سيما من ينتمي منهم للقبائل الدارفورية الأفريقية". كما أدت حادثة مقتل أحد منتسبي طلاب "المؤتمر الوطني" بكلية شرق النيل، إلى التضييق على طلاب دارفور، الذي وُوجهوا بهجمة شرسة في عدد من الجامعات، على أساس عنصري. ما حدا أحزاب معارضة إلى إطلاق حملة لنصرة أبناء دارفور، والتحذير من مغبة أن تؤدي الخطوة إلى مطالبة الإقليم بالانفصال.

ويرى مراقبون، أن "العوامل التاريخية التي قادت جنوب السودان نحو الانفصال، تتوافر في دارفور، لأن وضع الإقليم يشبه وضع الجنوب، الذي بدأ مساره الانفصالي عبر المطالبة بوضع فدرالي، عارضته حكومات الشمال، وواجهته بالعنف، الذي أدى في النهاية إلى الانفصال". ويقول المحلل السياسي محجوب محمد لـ "العربي الجديد"، إن "أي أزمة داخلية، تتداخل فيها عوامل عرقية، معطوف على شعور بالتهميش، يُمكن أن تتطور إلى مطالبات بالانفصال". ويوضح "قبل إعلان ميناوي لدعوى تقرير المصير، بدأت تظهر معالم تحوّلات لدى البعض، شرّعت الأبواب أمام طرح فكرة الانفصال".

ويضيف "لم تعد أزمة دارفور متعلقة بالمركز فقط، على الرغم من التهميش والعنصرية، كون الصراعات القبلية بدأت تمزق المجتمع الدارفوري، وهي أخطر من دعاوى الانفصال، لأن لا معنى للمجتمع الدارفوري في مثل هذه الصراعات، لا بل بات مهددا بالتفتت في حالتي الوحدة والانفصال". وشدد على ضرورة أن "تعي الدولة جلياً الدرس في جنوب السودان، وأن يعوا أهل دارفور وقادتها أيضاً، الدرس الجنوبي، باعتبار أن الجنوب انفصل، لكن الصراع الداخلي هدده بقوة". وأكد محمد أن "قضية دارفور تتطلب من النظام حلول سياسية بقرارات صعبة، تُعيد للإقليم صلته الجيدة بالمركز ودفاعه عن الوحدة الوطنية، فضلاً عن ضرورة سعي المجتمع الدارفوري على وضع حدٍّ للاقتتال القبلي".
العربي الجديد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق