هاشم كرار |
أقوى لطمة للسياحة في تونس، كانت من شاب عشريني اسمه سيف الرزقي.
منتجع امبيرال، في سوسة.
كان كل شيء هادئا، البحر، والسياح المسترخين، ورعشة الهواء، وحتى ملامح الرزقي، وهو يمشي وئيدا في الشورت، متأبطا مظلته.
كان هو يحلم، بصيد ثمين.. وكانوا هم- السياح- يحلمون بأشياء أخرى.. ربما من بينها تمديد الزيارة، في تونس، وتمديد الاسترخاء بالتالي في هذا المنتجع، تحت أشعة الشمس التي تتراقص في زرقة البحر.
حلم.. وأحلام..
لكن، كان حلم الفتى العشريني، في متناول بندقيته، تلك التي كانت مخفية في مظلته الشمسية، فرد المظلة، وامتشق السلاح، وتعكرت ملامحه، والرصاص يبدأ في الثرثرة، و.... سال الدم.
سبع دقائق، والرصاص يثرثر.. تختلط ثرثرثه بالصراخ، وصوت الأقدام تركض من مكان لمكان، وأقدامه هو- الرزقي- تطارد ضحاياه، والأحلام تتبدّد - ماعدا حلمه هو بصيد ثمين!
اصطاد ما اصطاد، قبل أن يتحول هو إلى صيد، برصاص الدرك.
هو الآن- الرزقي- ليس في عالمنا هذا، ليرى آلاف السياح، يحزمون أشياءهم على عجل، ويفرون من كل تونس، والسياحة في وجوم، والخزينة العامة تضرب كفا على كف، والذين يكتسبون رزقهم من السياح- وما أكثرهم- يتلفتون في ما يشبه الأسف.. والضياع!
مضى الرزقي.. ولم اكن إلى جواره حين ضرجته رصاصة في الدم، ولا أعرف ما إذا ما كان قد سقط وهو يبتسم، ام ان ملامحه التي كانت قد تعكرت- فجأة- قد وارت إلى الأبد أي مشروع ابتسامه، في فمه.
مضى.. وهو لا يعرف أن بريطانيا في حداد، وفرنسا في تأهب، ورئيس وزراء استراليا يقول: الموت يتربص بنا، ولا نعرف من أين قد يأتينا، في كل مرة!
مضى، الشاب العشريني، وهو لا يعرف ان تونس، قد أغلقت مساجد، بتهمة انها تثير التشدد، وتخرج مثل العشريني الرزقي!
كل ما يعرفه الشاب الهادئ الملامح- فيما أتصور- وهو يمضي أنه كان يحلم بصيد ثمين، وساقه حلمه إلى اختراق المنظومة الامنية في المنتجع الجميل، فتح مظلته، ليثرثر الرصاص، لتلطم السياحة- من ثمة- خديها وتشق جيوبها، وتدخل... تدخل (بيت الحبس)!
هاشم كرار
الوطن القطرية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق