الأربعاء، 8 يوليو 2015

والي شرق دارفور يكوّن حكومة تخلو من المكون السكاني المحلي


قررت الحكومة الاتحادية إرسال لواء مشترك من قوات الجيش والأمن والشرطة بتفويض واسع إلى شرق دارفور. وقال والي الولاية العقيد “أنس عمر” إن القوات التي يصل عددها إلى نحو (1800) عسكري ستكون قوة نوعية ومجهزة بآليات جيدة.
وتعاقب على ولاية شرق دارفور منذ إنشائها، واعتذار “عبد الحميد موسى كاشا” عن إدارتها غاضباً في العام 2011م عدد من الولاة، فقد تم تعيين اللواء “حامد فضل الله” بعد أن اعتذر “كاشا”، ثم أعيد تعيين “عبد الحميد موسى كاشا” في العام 2013م ليستقيل هذه المرة بسبب اندلاع الصراع بين (المعاليا) و(الرزيقات) القبيلة التي ينتمي إليها “كاشا”، وأعقبه العقيد “الطيب عبد الكريم”، ثم أخيراً العقيد “أنس عمر” الذي بدأ عهده بتدشين قوة عسكرية كبيرة قوامها لواء مشترك من القوات النظامية لنشر الأمن.
ويقول نائب رئيس حزب الأمة القومي الفريق “صديق محمد إسماعيل” في حديثه لـ(المجهر) عن مدى نجاح القوة المشتركة في بسط الأمن واحتواء التفلتات والنزاعات القبلية في الولاية، قال إن ولاية شرق دارفور شهدت احتقاناً حاداً بين مكونات الولاية، ويجب على المركز أن يعمل على تعزيز الثقة في المواطنين بتأكيد حيادية القوات النظامية التي تسعى لتوفير الأمن لهم بجانب توفير الإرادة السياسية. وأكد الفريق “إسماعيل” أن القوات النظامية سواء أكانت جيشاً أو شرطة تتوفر لديها الحيادية تجاه المواطنين، مشيراً إلى أن الشرطة السودانية تتمتع بمهنية عالية في مسألة حفظ الأمن. وأضاف إن على الحكومة تطبيق القانون على الجميع لا سيما أن القبائل الموجودة في ولاية شرق دارفور عاشت مئات السنين مع بعضها في تآخٍ سلمي، مشدداً على ضرورة إشراك الإدارات الأهلية في حل النزاعات التي حدثت في المنطقة، لأنها تمتلك خبرات كبيرة تمكنها من إزالة الاحتقان والغبن.
وشهدت الولاية الحديثة مواجهات قبلية بين (الرزيقات) و(المعاليا) راح ضحيتها المئات، ولم تفلح القوات نظامية التي نشرت بين القبيلتين في أغسطس 2014 ومايو 2015 في الحيلولة دون وقوع اشتباكات عنيفة بين الطرفين. وقد ترددت خلال اليومين الماضيين أنباء عن اشتباكات بين (الرزيقات) و(الهبانية)، غير أن مصادر عديدة نفت وقوع اشتباك قبلي بين الطرفين، وأوضحت تلك المصادر أن ما حدث لم يكن غير اشتباك محدود مع مجموعة من النهابين. وقال والي شرق دارفور “أنس عمر” طبقاً لـ(سودان تربيون) إن اللواء المشترك من الجيش والشرطة وجهاز الأمن لن يكون من المكون المحلي للمنطقة ما يكسبه الحياد عند وقوع النزاعات. وأكد “عمر” أن القوة ستكون نوعية من خلال إمكانيات وتجهيزات وآليات جيدة تمكنها من الحركة والتعامل مع الأحداث، موضحاً أن مهمة القوات لن تقتصر على النزاعات القبلية فقط، بل ستشرف على تأمين الموسم الزراعي ومسارات الرعاة وحماية طريق (الخرطوم ـ النهود أبوكارنكا ـ الضعين). وينتظر أن تنفتح القوة المشتركة بمناطق النزاعات والمراحيل حتى الحدود مع دولة جنوب السودان لمواجهة وملاحقة المتفلتين. وحول جدوى نشر القوات الجديدة في ظل فشل قوات سابقة في الفصل بين قبيلتي (الرزيقات) و(المعاليا) المتنازعتين، قال والي شرق دارفور إن القوات السابقة كانت عبارة عن حاميتين في (الضعين) و(أبو كارنكا) ومحدودة ومرتكزة في مواقعها، كما أن عناصرها من المكون المحلي، ما جعل حركتها وتدخلها في النزاعات لا يخلو من الصعوبة والحرج.
وتابع الوالي قائلاً: إن (القوة المشتركة ستأتي وفق مهمة جديدة ولن ترتكز في مكان واحد، بل ستكون قادرة على الحركة لأنها قوة نوعية ولديها آليات جيدة، وليس فيها مكون محلي، ما يعني أنها ستكون محايدة)، وزاد: (نعول كثيراً على هذه القوات). وأوضح “أنس عمر” أنه حالياً موجود في العاصمة الخرطوم لمتابعة إرسال القوة المشتركة وبعض الترتيبات الأخرى. وحول تشكيل حكومة شرق دارفور، أفاد الوالي أنه سيتم إعلان تشكيل الحكومة الجديدة للولاية قبل عيد الفطر المبارك، وكشف عن أن مكون الحكومة لن يشتمل على عناصر من أبناء الولاية، لضمان استقرار أجهزة الحكم وتقديم الخدمات والتنمية لأهالي المنطقة. وأشار إلى أن أبناء الولاية سيكون من حقهم إيجاد فرصتهم في الحكم من خلال التعيين في ولايات أخرى.
وعانت شرق دارفور خلال عامي 2013 و2014 من فراغ دستوري بعد أن انسحب وزراء ومعتمدو قبيلة (المعاليا) من الحكومة الولائية بسبب التوترات مع (الرزيقات). ويعدّ النزاع بين (الرزيقات) و(المعاليا) من أطول النزاعات القبلية بدارفور، حيث اندلعت أول شرارة له في العام 1966 بسبب الصراع حول أراضٍ “حاكورة” في منطقتي (عديلة وأبو كارنكا) التي يدعي (الرزيقات) ملكيتها، بينما يتمسك (المعاليا) بأحقيتهم فيها.
وأكد والي شرق دارفور أن مسؤولي حكومته ورجال الإدارة الأهلية قد تمكنوا من احتواء النزاع بين قبيلتي (الرزيقات) و(الهبانية)، الذي أسفر عن سقوط قتلى وجرحى خلال اليومين الماضيين. وأبان أن مسؤولي الحكومة وناظري (الرزيقات) و(الهبانية)، ظلوا حتى وقت متأخر من ليل (السبت)، في حالة مشاورات حتى تمكنوا من حل النزاع تماماً وفق الجودية والتقاليد المعمول بها في المنطقة.
وأوضح والي شرق دارفور السابق “عبد الحميد موسى كاشا” أن الظروف أجبرته على مغادرة منصب والي شرق دارفور بعد تعيينه، وأنه رفض أن يكون الخصم والحكم في الصراع بين (المعاليا) و(الرزيقات). وقال “كاشا” في حوار سابق مع (المجهر) إنه لم تتم إقالته بل التمس من الرئيس قبول استقالته التي وافق عليها بعد فترة طويلة وقال لي: (أنا راضٍ عنك تماماً وأقدر موقفك). وأضاف: (أنا لم أرتكب جريمة لأقال، ولكن بالنسبة لي الموقف محرج.. لأنني أصبحت جزءاً من المكون السكاني الذي هو طرف في النزاع). وأردف “كاشا” بأن تقسيم الولايات ليست له علاقة بالقبيلة لأن الولايات لم تقسم بالقبائل، وزاد: (ليست هناك قبيلة تمتلك ولاية، وإذا كان هنالك اعتقاد من البعض أن الولايات ملك القبائل، فيمكن إلغاء الولايات كافة)، مشيراً إلى أن تاريخ الصراع في دارفور بدأ منذ 1937م، ووقتها كانت دارفور إقليماً واحداً، فلماذا حدثت الصراعات في 1937م، واستمرت إلى الآن. وتابع: (إذا كان هناك منهج متبع لاختيار الولاة وثبت أنه يعتمد على القبيلة، فينبغي أن يراجع).

المجهر السياسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق