يتحدث الروائي السوداني حمور زيادة، صاحب جائزة نجيب محفوظ للأدب 2014، في هذا الحوار عن المشهد الروائي العربي وتجربة السودان المتواضعة فيه بسبب ما يسميه “النظام الاستبدادي”. ويتساءل صاحب “شوق الدرويش” إن كان العالم مستعدا أن يتقبل نقد الأدباء العرب لمشاكلهم الحديثة أم أنه ما يزال يبحث كتابات من نسق ألف ليلة وليلة.
روايتك “شوق الدرويش” منحتك جائزة نجيب محفوظ 2014، وقادتك لدخول مسابقة “بوكر” المرموقة. كما اعتبرك الكثير من النقاد العرب بعدها علامة بارزة في تاريخ الأدب السوداني. ما تعليقك على ذلك؟
رأي النقاد رأي أقدره ويسعدني كثيرا. أما الفوز بجائزة نجيب محفوظ، والتي كانت الأولى بالنسبة إلي، فكانت دفعة كبيرة لمشروعي الروائي ونقلتني نقلة كبيرة من مجرد شخص وروائي بسيط إلى كاتب معروف له مكانة في المشهد الأدبي العربي، خارج حدود مصر التي أعيش فيها منذ خمس سنوات، وخارج بلادي، السودان. الجائزة كسرت هذا الطوق وقدمتني حتى للقراء الناطقين باللغة الإنكليزية بعدما ترجمت أعمالي إليها.
كيف تقيم المشهد الثقافي الروائي السوداني بصفة خاصة والعربي عموما؟
لا يمكن تقييم المشهد العربي كحالة واحدة وبشكل موحد لأن هنالك تفاوتات كبيرة من بلد لآخر. بالنسبة للسودان فإنه يواجه صعوبات كبيرة جدا. أعتقد أن المبدعين لديهم قدرات لكنها مكبوتة ولا تزال عاجزة بسبب الظروف الاقتصادية والسياسية التي يعيشونها، من وضع الحريات وصناعة الثقافة شبه المنعدمة، فهم يحسبون أن الانخراط في مشروع ثقافي كتابي هو عمل خاسر في جميع الأحوال.
هنالك رقابة شديدة عليهم، حتى في معرض الكتاب اليتيم الذي تقيمه السلطات السودانية. فالسلطة تحاكم حتى العارضين الأجانب الذين يدخلون إلى السودان بالسجن على كتب وافقت مسبقا بإدخالها.
وهناك حادثة شهيرة، عندما تم الحكم على عارضي مكتبة “مدبولي” المصرية الشهيرة لأنهم أدخلوا كتابا صرح لهم بإدخاله، ليعاقبون بعدها بالحبس ستة أشهر.
هل تتوقع أن يكون مصير النظام السوداني كمصير الأنظمة الديكتاتورية العربية التي أسقطها “الربيع العربي”؟
للثورة ظروفها وشروطها الموضوعية والذاتية، لكني أتمنى أن تقوم ثورة في السودان حتى إذا كان ثمنها غاليا، لأن استمرار النظام الاستبدادي أسوء من كلفة الثورات.
المؤكد أن الوضع في السودان سيء جدا، لكني أجهل تماما هل ستقوم هذه الثورة ومتى ستقوم.
ما مدى تأثير هذه الثورات على نتاج الأدباء العرب؟
لا أنظر إلى ما ينتجه المبدعون العرب على أنه تعبير عن صورة الربيع العربي ولكن أعتبر أن ثورات الربيع العربي هي التي تعبر عن إنتاج المبدعين، لأن المبدعين نادوا بالحريات وتحدثوا عن الحقوق قبل هذه الثورات، فهي نتاج ما ظل هؤلاء المبدعين يكتبونه منذ عشرات السنين.
أما نتاج الربيع العربي حتى الآن فهو غير واضح لأننا لا زلنا في مرحلة الاضطرابات التي تلي الثورات ولا توجد ثورة تحسم الأمر منذ الضربة الواحدة. فالثورة ليست انقلابا عسكريا، بل هي انفجار يتم ترتيبه وجمعه في مشروع وطني واحد موحد يدفع بالناس إلى الأمام ويحتاج إلى وقت طويل جدا.
فتعبير المبدعين عن هذه الثورات غير مرتبط بالربيع العربي بقدر ما هو مرتبط بحالة الفوضى التي تسود المجتمع. الأدباء السوريون مثلا يعبرون عن واقع الفوضى لا عن الثورة نفسها، أما فعل الثورة فهو الذي أتى نتاجا لكتاباتهم الطويلة منذ عشرات السنين مطالبين بالحرية.
إلى أي مدى تمكن الأدب العربي من فرض وجوده عالميا؟
اللغة العربية لا تزال لغة محلية رغم أن 22 دولة تتحدث بها. التقيت كاتبا بريطانيا قبل أيام، وإلى جانبي كاتب مصري وتبادلنا الحديث قليلا وسأل عن كتبنا وتفاجأ أننا نكتب باللغة العربية وأعتقد أنه لو لم يكن مهذبا لقال لنا هل من أديب يكتب بهذه اللغة اليوم؟ فالعالم يتطلع إلى الأدب بلغات مختلفة، ونحن نكتب لبعضنا البعض.
وما يجعلنا نكسر هذا الطوق هي الترجمة، بحيث أعتقد أنها صارت متاحة بشكل كبير لأن العالم يمكنه الإطلاع الآن على كتاباتنا. لكن ربما التساؤل الوحيد هو هل هذا العالم يتوقع أن يقرأ من هذه المنطقة العربية كتابات بشكل معين، أي كتابات عن المرأة والجنس والليالي الشرقية… وهل هو مستعد أن يتقبل النقد الحديث لمشاكلنا أم أنه ما يزال يبحث كتابات من نسق ألف ليلة وليلة؟
France 24
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق