خرج علينا السيد السكرتير العام للأمم المتحدة ببيانه الضافي الذي يدعم جهود الآلية الرفيعة للاتحاد الافريقي برئاسة السيد ثامبو امبيكي للتوسط في الشأن السوداني.
ودعم بان كي مون من مقعد قلقه الدائم في رئاسة المنظومة العالمية الأكبر الاتفاق الاحادي الذي وقعه السيد امبيكي مع الحكومة لحل الأزمة السودانية ودعاها للتمسك به وتنفيذ بنوده (التي لا تطلب اي شيء تقريبا من الحكومة وتطلب تسليما تاما من كافة قوى المعارضة بمخرجات وعملية حوار وثبة البشير الشائه في الخرطوم) وبينما دعا السكرتير العام القلق لتوقيع هذا الاتفاق. الشاهد ان قوى المعارضة التي حضرت اللقاء رفضت بإجماعها التوقيع على وثيقة التسليم تلك، برغم ضغوطات المجتمع الدولي المتعددة. وأصبحت الاضحوكة في توقيع امبيكي كشاهد على اتفاق وقعته الحكومة منفردة ليصبح بحق وحقيقة: “شاهد ماشافش حاجة”. نسي امبيكي او تناسى كيف ان للمعارضة السودانية اعين وترى… ترى كيف انه اجل ميقات الاجتماع ليزور الخرطوم لعدة ايام يلتقي فيها البشير ويأخذ تعليماته مصطحبا صك الاتفاق الذي رفض حتى النظر الى تعليقات المعارضة عليه وأصر على توقيعه هكذا كما هو في صفقة خذه كله او دعه كله … فالبشير لم يسمح بغير ذلك .
نسي امبيكي وتناسى كيف أخلت الحكومة عدة مرات ورفضت دعوته للاجتماع التحضيري الذي نصت عليه قرارات الاتحاد الافريقي بحضور كافة الاطراف. حتى استبدله باجتماع اخر تشاوري يدعو اليه من يريد المؤتمر الوطني ويترك دعوة الآخرين. نسي امبيكي او تناسى اهانة البشير المباشرة له برفض مقابلته عدة مرات في زياراته للخرطوم، فما يبدو ان الكاش القادم من ارض السعودية يقلل النقاش.
غضب امبيكي من المعارضة وارغى وأزبد متوعدا إياها بالعودة الى مجلس السلم والأمن الافريقي الذي كلفه بالمهمة في الاساس ليسلمه تقريره شاكيا المعارضة السودانية، وفي تلك الأثناء واصل شكواه من (قلة أدب المعارضة وعدم سماعها للكلام) للمجتمع الدولي. الشكوى التي نتج عنها بيان السكرتير القلق ومهلة الأسبوع المفتوحة الممنوحة للمعارضة لقبول التوقيع. كان سقوط امبيكي العظيم، بعد ان سقط مرارا وتكرارا في امتحان السياسة الداخلية بتراميه بين احضان الفساد والجهل والخرافة (التي أوقف بسببها برنامج علاج مرضى الإيدز لسنوات عدة في جنوب افريقيا مات خلالها المئات وارتفعت معدلات المرض بنِسَب خرافية) هو سقوط ورقة التوت الايدولوجية الاخيرة عنه. والتي دافع عنها مرارا بشعار الحلول الافريقية للمشاكل الافريقية مساندا طغاة القارة المنكوبة وموفرا لهم المخارج من لدن موقابي وحتى البشير. انكشف امبيكي تماما كخادم أمين لمصالح اليمين الغربي الجديد الذي لا تهمه مبادئ العدالة ولا المساواة ولا المجتمعات المستقرة بقدر ما يهمه وجود أسواق مفتوحة لمنتجاته على الدوام حتى ولو كان يديرها طغاة شموليون لا يطرف لهم جفن لقتل نصف شعبهم ما داموا يحكمون النصف الاخر. ذهب امبيكي بشكواه متسولا اروقة المجتمع الدولي تحت شعار (يا يابا النقز وَيَا الإنجليز الفونا) عالما تماما ان المجتمع الدولي بانجليزه والمانه وامريكانه واممه المتحدة لا يرغبون إلا في تسوية شكلية شعارها ان (كلو تمام يا فندم) وان كل الأمور تحت السيطرة. لا يمهم في ذلك قتلى القصف العشوائي في دارفور ولا مئات آلاف النازحين بين الكهوف ومعسكرات اللاجئين بين جبال النوبة وأحراش النيل الازرق. ولكن ماذا نفعل مع المجتمع الدولي؟! الاجابة ببساطة هي لا شيء … لا شيء على الإطلاق. فالمجتمع الدولي لم ولن يدعم اي جهد لتغيير حقيقي وجذري في السودان. قد يدعم صفقة تساهم في تخفيف آلة القمع الكيزانية قليلا ولكنه يلتزم بإنجيل معرفته الخالد في السياسة الدولية عن الجن الذي تعرفه. بل ما اكثر فان جن (الكيزان) مرهون الإرادة تحت سطوة اتهامات المحكمة الدولية وحماقات دعم الاٍرهاب والشعارات الاسلامية طيبة الذكر في سني الإنقاذ الاولى هو أفضل حليف يمكن ان يتوفر له في هذه الفترة في السودان. وله فيه خير كثير مما يمكن ان يصنعه نظام وطني يطمح لبناء البنية التحتية في السودان وإصلاح خلل نظام الدولة ليخدم اَهلها ومواطنيها. الشاهد ان كثيرا من الأوساط الغربية تنظر الى حكومة المؤتمر الوطني كنظام شجاع استطاع ان يحرر السوق الاقتصادية تماما من نموذج دولة المسئولية الاجتماعية الذي ساد في السبعينات والستينات في دول الجنوب. ايام طيبة الذكر منظومة دول عدم الانحياز. ذلك النموذج الذي استطاع تحرير دول الاطراف من التبعية السياسية والاقتصادية للمعسكرين الشرقي والغربي. والآن استطاع المؤتمر الوطني التخلص بالكامل من إرث هذه الدول وتحميل المواطنين كافة نفقات الخدمات الاجتماعية ويمضي لما هو ابعد من ذلك. وما حرب الجنوب وانفصاله والموت والجرائم ضد الانسانية في دارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان الا أثمان مقبولة يمكن غض النظر عنها في سبيل الهدف الأعظم لإنتاج نموذج السوق المفتوح بكل توحشه المفترس في احد دول الجنوب المتخلفة. المجتمع الدولي ساحة معركة خاسرة تماما فهو سينحاز على الدوام الي بقاء الحال على ما هو عليه، فما بالك ولو كانت له في ذلك فوائد وأيما فوائد. اما بالنسبة لامبيكي … فالملك الذي كان يلبس زي المهرج يخرج الان الى الناس عاريا” عاريا تماما…
أمجد المك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق