شكل المشاركون من داخل البلاد وخارجها لوحة زاهية، بجانب الحضور الكبير والمميز من مختلف الفئات العمرية في ليلة افتتاح مهرجان البقعة الدولي للمسرح. ربما يرجع ذلك لحب الأمدرمانيين للفن عموماً والدراما خاصة، أو للترويح عن الضغوط الحياتية المتسارعة التي استهلكت أوقات وأفكار الكثيرين، وتأتي مثل هذه المهرجانات بمثابة ترفيه عنهم.
وفي سياق هذا، جاء افتتاح مهرجان البقعة الدولي للمسرح في دورته 16، موافقاً لليوم العالمي للمسرح بتاريخ 27 مارس من كل عام، كما تؤكد فعاليات ليالي البقعة قوة التنافس الإبداعي ما بين العروض الداخلية والخارجية المختلفة، وفي سياق تعليقه قال د.مصعب الصاوي عضو لجنة التحكيم لـ (اليوم التالي): تميز هذا المهرجان بمشاركة خارجية تنوعت ما بين مصر، شمال أفريقيا – الشرق الأوسط – الخليج والسعودية، ما يعني تغطيته أركان الوطن العربي، والهدف من هذه المشاركة هو مزج تلك الثقافات المتنوعة من خلال فعالية البقعة الراتبة، لخلق توليفة ما بين الإنتاج الوطني والثقافات الخارجية. وأردف الصاوي: تمثيل البروفيسور عبدالله محمد إبراهيم ضيف الشرف للمهرجان يُعد لفتة واحتفائية بالكتابة، إلى جانب تكريم البروفيسور أنور محمد عثمان الأكاديمي ومعلم للفنون المسرحية، إذن تميزت الدورة 2016 بأنها تعلي من شأن الكتابة والفكر، وخالفت عادة تكريم الشخصيات الفنية من ممثلين ومخرجين فقط باعتبارهم ذوي بريق، ويؤخر تكريم الكاتب دائما، لكن كما أسلفت هذه الدورة علَّت من شأن القلم والفكر. ويتابع: ما لفتني تنوع الأجيال وبالتالي اختلاف الأفكار. وختم الصاوي: اتساع التغطية الإعلامية لمهرجان البقعة والحضور الكثيف يعني نجاحه.
متعة المسرح
من ناحيته، يرى د. فضل الله أحمد عبدالله أن ظاهرة مهرجان البقعة ثقافية بالدرجة الأولى بدليل الحضور المقدر. وأضاف: ما أريد قوله، إن البقعة صنعت جمهوراً خاصاً بها من كل الفئات العمرية، وعلى زهاء العشرة أيام يزيد عدد المتفرجين يوماً تلو الآخر، لذلك أعتقد أن للمسرح جمهوراً مقدراً له دور معلوم باعتباره عنصراً أساسياً في الإنتاج المسرحي. وأكد فضل الله توحيد معيار الصعود إلى درج المنافسات من خلال التمهيدية أولا، التي يشارك فيها الجميع من داخل السودان وخارجه. وزاد: جملة المشاركات الخارجية تتمثل في سبعة عروض من الوطن العربي، هي: الجزائر – البحرين – مصر – تونس – ليبيا – بجانب السعودية والإمارات العربية، فهذه أول مشاركة لهما، وما حدث في البقعة يستحق أن نطلق عليه إبداعاً وعملاً مسرحياً حقيقياً، من تمثيل وإخراج علاوة على كتابة النصوص، وقطعاً هذا الحراك الفني سيساهم في تطور الحركة المسرحية. ولفت فضل الله إلى أهمية وظيفة المسرح كونه معلماً في المقام الأول عن طريق المتعة والترفيه، وجلنا نعلم حاجة الإنسان إليهما معا، إضافة إلى أن المسرح يسمو بالإنسانية ويرفض الإرهاب وتوابعه، بل هو احترام للآخر. وختم باعترافه بتأخر السودان في ذات الشأن ووجود بعض المعاناة، بيد أنه عول على وجود العزيمة.
الوسطية مذهباً
إلى ذلك، افتتح اللواء عبدالرحمن الصادق المهدي مساعد رئيس الجمهورية فعاليات الدورة رقم ١٦ لمهرجان البقعة الدولي للمسرح. واستهل حديثه بتحية الحاضرين، وأشار إلى مشاركات خارجية مقدرة جعلت من المهرجان ملتقى إقليمياً ودولياً ناجحاً، أسَّسه رواد الحركة المسرحية في السودان. وتابع: أصبح مسرح البقعة منبراً يخاطب وجداننا ويرتقي بأذواقنا، ولتنظيم هذا المهرجان هناك احتفالات سابقة كان أثرها واضحاً في التعبير عن قضايا مجتمعية، بجانب الإنتاج الفكري والإبداعي في البلاد، مشيراً إلى أن المسرح هو مصدر للعطاء وليس وسيلة ترفيه فقط، بدوره نبَّه إلى أثر التغير الثقافي للتواصل مع النفس في مختلف مكوناتها، وكان ولا يزال ذا رسالة هادفة تخدم المجتمعات وتسمو بالإنسانية، حتى ينتهجوا الوسطية مذهبا لهم بعيدا عن التعصب والعنف. واستدل المهدي بقول الفلاسفة قديماً: (اعطني مسرحا أعطيك أمة)، مضيفاً: المسرح يساهم في تكوين ثقافة الأمة ووعي الشعوب كما يوجه الرأي العام، كونه أداة للتعبير عن أمة من خلال التعدد الثقافي في بلد واسع كالسودان. والتزم المهدي بتقديم الدعم للحركة الثقافية والمسرحية في البلاد لمواصلة النهوض بالمسرح، ووعد بتوفير الإمكانيات المتاحة لأهل الثقافة والمبدعين، عبر إكمال البنية التحتية ومشروعاتهم الوطنية والمشاركات الخارجية في المعارض والمهرجانات، علاوة على تدريب كوادرهم بهدف إنتاج عمل متوازن.
وفي خواتيم حديثه، جدَّد المهدي التزامه الشخصي بالاهتمام بالمسرح، لإيمانه القوي بمقدرته على المساهمة في تحقيق الاستقرار والدفع بالحوار إلى غاياته، كذلك تلتزم الدولة بدعم الفن وتوحيد الفكر لذات الأسباب، وفق قوله.
صحيفة اليوم التالي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق