تمر هذه الأيام ذكرى انتفاضة أبريل 1985 والتى انتقلت فيها السلطة من نظام مايو بقيادة المشير جعفر نميري إلى المجلس العسكري برئاسة المشير عبدالرحمن سوار الذهب، وبالرغم من أن الحدث فرحت به جماهير الشعب إلا أنه تبعه حدث آخر عالق بذاكرة الكثيرين أضر بالسودان باعتراف عسكريين وسياسيين، تمثل فى حل جهاز أمن الدولة (آخرلحظة) جلست إلى العميد أمن معاش حسن بيومي الذي كان يشغل منصباً رفيعاً في تلك المؤسسة وقتها، وناقشت معه حيثيات الحل وارهاصات الانتفاضة وماصاحبها من سفر الرئيس السابق الراحل جعفر نميري إلى أمريكا، فحكى تفاصيل مهمة ووضح العديد من الخفايا، فمعاً نتابع مادار في الحوار
أجراه : لؤى عبد الرحمن
ماهو الموقع الذي كنت تشغله عند قيام الانتفاضة ؟
- كنت اشغل منصب مدير إدارة التحليل والتقييم بجهاز أمن الدولة فى ذلك الحين
هل كنت متواجدا بالخرطوم أم خارجها ؟
ـ كنت في الخرطوم ومسؤولا عن كتابة التقرير لرئيس الجمهورية المشير جعفر نميري
ارهاصات الانتفاضة كيف وصلتكم ؟
ـ والله الأمر كله كان مرصوداً، لكن فى الآخر القرار لم يكن قرارنا في كيفية التعامل مع تلك المعلومات، فالقرار كان قرار رئيس الجمهورية نفسه، والظروف التي خرج فيها لاتسمح بخروجه سواء كانت الظروف الداخلية أو الخارجية
هل نصحتموه فى هذا الامر ؟
ـ نعم هناك أناس كثيرون نصحوه، وقالوا له لاتوجد طريقة للمغادرة إلى أمريكا في تلك الظروف، ولكنه أصر على السفر لأن سفره كان يتعلق بمواعيد علاج، حيث كان يعاني من مشكلة في الشريان الذي يضخ الدم للمخ، والعملية كانت بالنسبة له مهمة، والشىء الثاني المهم أن السلطات كلها كانت مركزة فى يده، لذلك أى رئيس السلطات مركزة فى يده يفترض الناس يفكروا فيها أكثر من مرة
بعد التقارير التى وصلته الم يعمل على ايجاد احتياطى للطوارىء وتأمين الموقف في غيابه ؟
- هو اتخذ قراره بالسفر رغم ارهاصات الانتفاضة وقد شاهد بداية قيام المظاهرات التي كانت قد اندلعت في الخرطوم وبعض المدن بالولايات، ولكن القوة التي كان يعول عليها والتي كانت مساندة له والمتمثلة في الاسلاميين تم اعتقالهم و(الاتحاد الاشتراكي زي المؤتمر الوطني) خذلوه في الآخر
معنى ذلك انهم لم يصمدوا لمناصرته ؟
ـ أخرجوا مظاهرة تعبانة لم تتفاعل معها الجماهير وكانت مظاهرة فوقية
كيف كان تعامل الأجهزة الأمنية مع الانتفاضة ؟
كان هنالك اجتماعا للجنة الأمنية وخرج بأمر واضح جداً، وهو أن النظام سيذهب ولا بد من اتخاذ الإجراءات اللازمة والعمل على متابعة الاحداث، والقوة التى تساند الرئيس فى ذلك الوقت هي القوات المسلحة التي أتى من مؤسستها، ولسنا نحن، وهي القوة التي يجب أن تقررمن واقع الأحداث، أما نحن في جهاز الأمن لم تكن لدينا قوة أصلاً لكي نخرج في الشارع أو نعطي تعليمات لضرب الناس، فقط قمنا بكتابة تقريرنا الذي نكتبه، هذا حول الأوضاع
*إذاً القرار كان في يد القوات المسلحة بالكامل ؟
- نعم كان في يد القوات المسلحة وجهاز أمن الدولة كان ينقل المعلومات من الداخل والخارج ويسلمها للقوات المسلحة، وأنا كنت الشخص المعني بتسليم انتاج وتقارير الجهاز من المعلومات ذات الحساسية العالية للجيش، أنا لا أنفذ ، هم الذين ينفذون سواء أكان في القضايا المتعلقة بأمن الدولة أو الأمن القومى
بحسب متابعتك هذه الانتفاضة كانت شعبية بحتة أم كانت وراءها قوى سياسية ؟
- كانت انتفاضة شعبية عفوية، ولكن حدث معها الذي حدث لثورة أكتوبر لما حققت النجاح كل زول عمل فيها بطل بطريقته وحاول ينسبها له
لماذا لم يستلم عمر محمد الطيب السلطة ؟
- عمر محمد الطيب كان رجلاً صوفياً والوازع الديني عنده قوي لذلك لم يعمل على استلام السلطة ظناً منه بأنه إذا فعل ذلك يكون قد خان الرئيس، ولذا لم يفعل ذلك بالرغم من أن السلطات الدستورية كانت فى يده في غياب الرئيس
وبماذا تفسر قبول سوار الذهب باستلام السلطة رغم أنه أيضا كان جزءً منها ؟
- سوار الذهب لم يكن أمامه خيار سوى استلام السلطة لأنه إذا لم يستلمها كانت ستحدث فوضى في البلاد.
حكومة سوار الذهب كيف تعاملت مع الأجهزة القائمة ؟
- لما قامت الانتفاضة كنا نحن في جهاز أمن الدوله مستمرين لم نتوقف، وكنا نظن أنه سيحدث فقط تغيير في القيادة، و لم نكن نفكر أنه سيتم حل الجهاز خاصة وأن الرجل الثاني في القوات المسلحة وهو تاج الدين كان قد شغل من قبل منصب نائب مدير جهاز الأمن
من الذي قام بحل جهاز امن الدولة ؟
- المجموعة التى استلمت السلطة سواء كانوا مدنيين أو عسكريين هم الذين قاموا بحله.
من كان ضحية حل جهاز أمن الدولة حينها ؟
- الضحية المواطن السوداني ونحن المنسوبين له
مجرد ان جاء قرار الحل هل تم تسريحكم أم أن هنالك إجراءات أخرى تمت ؟
ـ في البداية تم اعتقالنا في سجن بكوبر وبعد فترة أخرجونا من المعتقل وأحالونا جميعاً
الكم الهائل من الكوادر والمعلومات اين ذهب ؟
- الارشيف موجود طبعاً والشخص المسؤول عنه لم يعتقل، وعمل مع الهادي بشرى حتى ملكه كل الحاصل والمستندات، أما الكوادر هم خريجو جامعات أو ضباط بالقوات المسلحة وكفاءات خسرهم السودان لأن الجهاز في ذلك الوقت لم يكن ليدخله أى شخص، هناك جزء كبير من المستندات لم يكونوا حريصين عليها، وجدتها بعد حل الجهاز فى الشارع
ماهى الآثار التي ترتبت على حل الجهاز ؟
- أنا أعتقد أن ما يحدث الآن فى السودان كله بسبب حل جهاز أمن الدولة، لأنه كانت هنالك قضايا مهمة تحتاج إلى متابعة، ولما تم الحل لايستطيع أحد أن يتابعها أو يعرفها ويتحدث بشأنها
بحسب قراءتك ما العوامل التى ساعدت على نجاح الانتفاضة ؟
التغيير فى تاريخ السودان تلعب فيه الجهات الخارجية دوراً محورياً، وأفهمها مثل ماتريد، ولكن أقولها صراحة لو لم يعطل الامريكان نميرى لما كان للانتفاضة أن تنجح ، “هو لو ركب طائرة وأتى بالجو الجيش لن يستلم السلطة سيبك من أى كلام تاني
ماهى مصلحة الأمريكان فى تغيير نظام نميرى ؟
- شعروا أنه استنفذ أغراضه مثله مثل شاه إيران، وهذه هي طريقة أمريكا إذا خرجت من الخط المرسوم لك هكذا تكون النتيجة، وقد فعلوها أيضاً مع حسني مبارك ورفعوا أيديهم عنه
هل لديك كلمة أخيرة ؟
- الجهاز كان دوره عادي مافي زول يقول لك جهاز أمن الدولة حاول يقاوم او غيره، لم يقاوم والعدد الفيه ليس أكثر من 500 ضابط، ولم تكن لدينا أسلحة، والأسلحة الموجودة تحت إشراف الجيش، أنا حسن بيومي ده الكلاش من الجيم مابعرفه، ومابعرف استعمل المسدس، ونحن ماشغالين لنميرى شغالين للسودان، ونحن ماعقائديين، نحن ناس مؤهلين وتربطنا مع النظام مصلحة البلد مش يتهمونا ساي
آخر لحظة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق