هاشم كرار |
الذاكرة ذاكرتان: فردية وجماعية، ولئن كان تغييب ذاكرة الفرد، جريمة، فإن تغييب الذاكرة الجماعية، جريمة أكبر.
الذاكرة الإنسانية، جماعية، والذين يحاولون طمس هذه الذاكرة، وتغييبها، يرتكبون واحدا، من أسوأ الشرور، في التاريخ الإنساني، كله.
التراث الإنساني، هو ذاكرة البشرية، وهي من حال إلى حال، تكتب مسيرتها العظيمة، بأظافرها، على الصخر، وتظل تمضي.. تقطع الأنفاس، باتجاه الكمال، أميالا ضوئية من بعد اميال.. ولا تزال.. وسيرها
لا ينقطع، ولا السرى!
ما الذي يريده، كل اولئك الذين يحاولون تغييب الذاكرة الإنسانية، من وراء تدمير ونهب كل كنوز الإنسانية، في سوريا والعراق، وفي غير هاتين الدولتين، من دول الكنوز؟
التاريخ، صفحات. كل صفحة فيها درس.. وفيها عبرة، وتذكرة، فلماذا يحاول هؤلاء الشطب، ولماذا يحاولون حرمان الإنسانية من كل تذكرة، ومن كل مجد، ومن كل صناعة للتاريخ.
هم يرون أن « الهجري» يجب ماقبله من « ميلادي» و «ماقبل الميلادي» ويرون في الاثنين الأخيرين، رجسا من عمل الشيطان، لا ينبغي تجنبه- فحسب- إنما تدمير آثاره شر تدمير!
ذلك نوع من سوء التدبير..
بل هو فهم قاصر، حتى لمراد الله، ذلك الذي لو شاء لجعل الامم كلها أمة واحدة..
هم الآن يدمرون الكنوز، تلك التي من حجر.. وغدا سيدمرون كل المخطوطات التي سبقت كل ماهو «هجري» ولن يسلم من هذا التدمير- بالطبع- كل ماهو «جاهلي» من شعر.. ومن أقوال، ومن حكم، ونثر.. وكل ذلك شاهد على عصر، لو لم يكن لما كان خاتم النبيين، ولما كان الخروج من الظلام إلى النور.
من هنا، تبقى حماية هذه الكنوز- التي فيها شهادة تاريخية على عصور قد خلت- هى مسؤولية دينية، قبل ان تكون مسؤولية إنسانية.. ومن هنا يبقى على علماء هذه الأمة المسلمة، مسؤولية كبرى، في التوعية بأهمية هذه الكنوز، وأهمية المحافظة عليها.
الوطن القطرية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق