عُرف الشعب السوداني بجميل الخصال من الكرم والمروءة ونجدة الملهوف على مر الأزمان، وحتى الدولة قامت بدورها في استضافة ملايين اللاجئين منذ عشرات السنوات من دول الجوار رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، ولا غرو في ذلك، فهذه سمات الشعب السوداني التي ذكرناها، ولكن ما يدهش فعلاً أن تتكفل الدولة بدفع الرسوم الدراسية لإخوتنا السوريين أو هذا ما نص عليه قرار وزير التربية والتعليم بولاية الخرطوم قبل عدة أيام.
حسناً، دعونا نتساءل: هل وجد أي من أهلنا السودانيين الذين هم لاجئون بدول الجوار هكذا اهتمام من الدول التي تؤويهم، بل هل تم الحفاظ أصلاً على آدميتهم أو دمائهم دعك من دراسة أبنائهم. دعني أحيلك لما قامت به السلطات المصرية قبل عدة أعوام، عندما اعتصم آلاف من اللاجئين السودانيين بميدان مصطفى محمود أمام مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة لعدة شهور، هل تعلم سيدي الوزير ماذا فعلت السلطات المصرية عندما ضاقت بهم، لقد فرقتهم بالماء والهراوات والخرطوش، فكان أن سقط منهم عشرات ما بين قتيل وجريح.
دعك من هذا، هل يجد النازحون السودانيون داخل بلادهم في المعسكرات إعفاءً من الرسوم الدراسية، بل كم منهم من يدرسون أصلاً في المدارس ولم يتجهوا لمهن هامشية فصاروا فاقداً تربوياً.
فلنتجاوز كل هذا سيدي الوزير، كم ألف أسرة في الخرطوم نفسها لا تجد من يدفع رسوم أبنائها الطلاب في المراحل الدراسية المختلفة، كم من أبناء ولايتك يجرون الدرداقات ويغسلون العربات ويبيعون في الطرقات، جل هؤلاء سيدي هم طلاب لم يستطع آباؤهم أو أولياء أمورهم دفع الرسوم، فهجروا الدراسة وتركوا أحلامهم وآمال أهليهم، فصاروا يهيمون على وجوههم صباح مساء من أجل لقمة العيش.
إننا لا نستنكر أن تقوم الدولة بإعفاء الرسوم للاجئين السوريين أو غيرهم، ولكن على الدولة أولاً أن تعفي الرسوم الدراسية لكل حملة الجنسية السودانية في المدارس الحكومية، لكل هؤلاء الغبش في كل أصقاع السودان، وبعد ذلك يمكن لها أن تعفي من شاءت من اللاجئين من رسوم الدراسة والنفايات والعوائد، ولا ضير أن تقوم بالزواج الجماعي وتضع مبلغاً محترماً لأي من المواليد!!
سيدي الوزير هذا بوبار حكومي، إن لم تستطع إعفاء السودانيين المحتاجين من الرسوم، فقط دلنا على دولة تقبل بنا لاجئين مع توفير فرص التعليم للأبناء، أرجوك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق