تناولت الوسائط الاعلامية الاسفيرية وغيرها عن تورط بعض افراد الشرطة في سرقة المحلات التجارية في مدينة الدبة بالولاية الشمالية وهذه هي ليست الحادثة اليتيمة بل هناك المئات مثل هذه الحادثات ! وقبل ايام قلائل ادانت قاضي بمحكمة الخرطوم شمال نظاميين يعملان بالاتجار علي الحشيش التي ضبطت كمعروضات وهنا تتداخل الجرائم ليس لكونها فقط الاتجار بالمخدرات بل الاخلال بواجبات الوظيفة ومقتضيات الامانة ….وبما ان مكافحة الجريمة امر وجوبي علي الكافة الا ان المهمة الرسمية بهذا الصدد انيطت للاجهزة الشرطية باعتبارها الواجهة التنفيذية لجهاز الدولة والتي هي من مقتضيات العقد الاجتماعي ….مع الاخذ في الاعتبار ان افراد الشرطة هم بشر مثلنا لهم ميولهم ورغباتهم ونزعاتهم الاجرامية ولكن السؤال الجوهري ، هل هذا مسوغ لارتكاب جرائم ماسة بلامن والشرف وتقويض اسس النظام الاجتماعي الذي أٌنيط بحمايتها وصيانتها ؟ هذا التساؤل يطرح استشكال في الكيفية التي يتم بها اختيار أعضاء الأجهزة الشرطية ، في الدول التي تتولي الشرطة مهامها بالوجه الاكمل في الحفاظ علي امن المواطن ومقتنياته بل الشرطة هي حبيبة الشعب لأنها الأقرب لحاجياتها ولاهمية الدور التي تقوم بها في صيانة من اهم احتياجات الإنسان في الأرض وهي حاجة الانسان للامن ..في مثل هذه الدول هناك ضمانات موضوعية وإجرائية لاختيار أفراد الشرطة حيث ضرورة الإلمام والمعرفة بتاريخه وصحيفته وسوابقه مما يمكنهم في معرفة ما اذا كان المنتسب لجهاز الشرطة لديه نزعات اجرامية ام لا …لانه ليس من المعقول ان تُنصب الذئب امينا وحارسا للغنم فاذا قام بافتراسهم فتحتج بها عليه ؟ حقا النتيجة متوقعة بل مؤكدة ! .
لابد لجهاز الدولة في الشرطة ان تجري مراجعات جوهرية في الخلل البنائي الذي أصاب هذا الجهاز الحيوي عبر وضع أليات موضوعية في الاختيار ، وحتي بعد الاختيار لابد من تصميم اليات مراقبة ومتابعة لسلوك وأداء منسوبيها ..صحيح ان هناك الية أنشأت ولكنها غير كافية كما ان هنالك اختلالات أساسية مما اثر سلبا علي مجمل العملية ….
وعلي الرغم من قناعتي ان طبيعة الأنظمة الشمولية لا تريد من جهاز الشرطة ان تكون جهازا مهنيا فاعلا لأنها بذلك تزحزح الارض تحت اعضاءها الفاسدين لذلك تعمل الانظمة الشمولية اما بتحويلها الي جهاز قمعي يحرس ويحمي مصالح النظام الاستبدادي او ان يتم اهماله بخلق اجهزة ومليشيات موازية لديها نفس سلطات وصلاحيات الشرطة وهذا هو الحال ! لانه في الوقت الذي يتوه فيه اعضاء جهاز الأمن علي زحمة من النعم يقوم بعض النظاميين المنسويبن للشرطة بسرقة جراكانات زيت لإشباع حاجياتهم ! وفي الوقت الذي يتقاضى فيه بعض أفراد الشرطة مرتبات لا يسمن ولا يغني من جوع يكون لبعض الميلشيات ميزانيات مفتوحه ! ومن سخريات الزمان قد منحت لافراد جهاز الامن في التعديل الاخير لقانونهم ذات سلطات وصلاحيات الشرطة باعتبارهم قوة نظامية !….هذا الاهمال والاقصاء المقصود قد اثر علي اداء الشرطة مما جعل بعض افرادها يتورطون في ارتكاب جرائم لسد حاجياتهم ، اذن اليس من الاجدر وبدلا من البكاء والعويل بواسطة مديرهم تحت أيقونة ” ان الشرطة عين ساهرة وحامية للشعب “ان يعمل جادا لحل مشاكل منسوبيه ؟!.
صحيفة اليوم التالي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق