الخرطوم -
أقرّت وزارة السياحة السودانية بافتقار البلد إلى البنيات الأساسية الخاصة بالمقاصد السياحية، في وقت أكدت فيه تميز البلد وحضارته منذ آلاف السنين.
وأعرب وزير السياحة محمد أبوزيد مصطفى، عن حاجة السودان إلى الترويج لآثاره ليتمكن الناس من معرفته أكثر، ونوّه باهتمام الدول الخارجية وإدراكها لمكنونات السودان الأثرية، لكن العائدات السياحية تبقى ضعيفة مقارنة مع الدول العربية الأخرى إذ سجلت البلاد دخول 700 ألف سائح خلال العام الماضي.
وقال الوزير مصطفى “هناك خبراء أجانب يحدثوننا عن أنفسنا في وقت نعجز فيه عن الحديث عن أنفسنا”، منبّها إلى حاجة السودانيين إلى إعادة النظر في حضارتهم وقراءة تاريخهم، وأضاف قائلا “إن للسودان حضارة قديمة تبلغ أكثر من 7 آلاف سنة، كما أن له مزايا يتفرد بها دون الدول والشعوب”، واستند في ذلك إلى كبر مساحة البحر الأحمر البالغة 700 كلم والتي تحوي أكثر من 1600 جزيرة.
وقد شجع الاستقرار الأمني السودان على القيام بحملات ترويج قوية لأهدافه السياحية في معرض برلين الدولي للسياحة الذي امتدت فعالياته على مدى يومين في 12 و13 من شهر مارس 2016 وحضرته غالبية دول العالم.
وركزت هذه الحملات على تشجيع السياحة الداخلية والسياحة من دول الجيران ودول منطقة الخليج.
ويعد السودان أكبر قطر في أفريقيا من حيث المساحة، ويقطع فيه نهر النيل أطول مسافة في مجراه، ويحتوي على بيئات طبيعية متنوعة بين غابات وأدغال وأنهار وشواطئ وصحراء مما أتاح وجود مقاصد سياحية عدة للاستجمام ورحلات السفاري والاستشفاء والرياضات البحرية والنهرية والصحراوية.
وللبلد ميزة خاصة وهي أن النيل الذي يعدّ من أهم المجاري المائية في العالم يحيطه من كل جانب، وما يزيده روعة وجود شلالات منها شلال “السبلوقة” وهو من أهم الجوانب السياحية في هذه منطقة التي تعرف بمناخها شبه الصحراوي وطبيعتها الجبلية مما جعلها منطقة سياحية بكل المواصفات.ويتمتع السودان كذلك بتنوع حضاري ثري يختصر لقاء الغابة والصحراء والبحر في منظومة سكانية جعلت للمكان سحره، لا سيما وأن البلد يحتل موقعا استراتيجيا، فهو أولا يمثل حلقة الوصل بين أقطار العالم العربي ودول القارة السمراء، وله حدود مشتركة مع عشر دول، وعلى امتداد أراضيه الشاسعة يعيش ائتلاف فريد من الأعراق ويتكون من قبائل عربية ونوبية وأفريقية.
ويعتبر شرق السودان المنطقة السياحية الأولى في البلد وذلك لما تمتاز به من جواذب سياحية بحرية وبرية تحت الشمس الساطعة طوال العام والآثار التاريخية القديمة والقبائل المتعددة التي تختلف في عاداتها وتقاليدها الاجتماعية وفنونها الشعبية.
ومن أهم المدن في شرق السودان مدينة “بورتسودان”، وهي ميناء رئيسي ومركز تجاري وصناعي وسياحي هام، كما تمتاز كذلك بأحيائها الشعبية والحديثة. ومن أهم الأنشطة السياحية بهذه المدينة نجد سباق الهجن، الذي يقام كل يوم الثلاثاء من كل أسبوع.
| |
ومن أهم المدن أيضا مدينة “سواكن” وهي مدينة تاريخية قديمة مبنية على جزيرة مرجانية ويحيط بها سور فتحت به خمس بوابات لمراقبة الداخلين والخارجين. ويربط الجزيرة بالساحل جسر وعلى بعد حوالي ميلين من الجزيرة توجد ثمانية أبراج للمراقبة. وتمتاز مباني سواكن بأنها مبنية من الحجارة المرجانية إضافة إلى جمال نقوشها وتصميمها.
ولا يمكن كذلك التجول على الضفاف الشرقية للنيل دون زيارة أهرامات مدينة “مروي” وهي مدافن لملوك وملكات من الأزمنة القديمة وقد وقع تشييدها على أفخم طراز بحيث أصبحت تشبه في شكلها أهرامات مصر.
واستخدمت الأهرامات لأول مرة كمدفن ملكي، ومعظمها يحتوي معابد جنائزية ورسومات ونقوش جدارية تصور الحياة الدينية المروية.
ويعدّ الساحل السوداني الذي يتلألأ به البحر الأحمر بنقاء مياهه وشفافيتها من أكثر المناطق الطبيعية جاذبية، حيث يستقطب حاليا جزءا كبيرا من السياح، خاصة من رواد هواية الغطس تحت الماء والرياضات المائية الأخرى، فضلا عن أنه أصبح يتمتع بسمعة ممتازة على مستوى العالم ويزخر بالشعب المرجانية كما توجد به جزيرة “سنقنيب” وهي الجزيرة الوحيدة كاملة الاستدارة وتزخر بالأحياء المائية.
ويضم هذا الساحل كذلك جزرا وقرى تغري روادها بالغوص على غرار “سنجيب” وهي جزيرة مرجانية بها فنار لإرشاد السفن وتكثر بها الشعب المرجانية والأسماك خاصة أسماك القرش والدلفين، كما تعتبر الجزيرة من أجمل مناطق الغوص في العالم. وهناك أيضا قرية “عروس” السياحية التي بنيت كقاعدة لممارسة الغوص والتصوير تحت الماء.
وتعد “أمبريا”، وهي عبارة عن باخرة أُغرقت بالبحر الأحمر، من أجمل مناطق الغوص والتصوير تحت الماء لما تتميز به من روعة شعابها المرجانية.
ولا يمكن إغفال مصيف “أركويت” أو كما يطلقون عليه “فردوس الشرق” الذي حبته الطبيعة بطقس غاية في الاعتدال والسحر في فصل الصيف، حيث يتميز بهطول الأمطار في فصلي الشتاء والصيف، لذلك فهو موقع خصب لنمو أنواع الأشجار المختلفة، وتحفّه الجبال من كل الجهات بارتفاعات متفاوتة توفر الراحة والهدوء.
ويتميز السودان بمصنوعاته الشعبية الخاصة ومن أشهر الصناعات اليدوية فيه الحليّ النسائي المصنع من الفضة والنّحاس.
وإن كان وزير السياحة السوداني قد أقرّ بافتقار بلاده للبنية الأساسية للمقاصد السياحية كالفنادق والمنتجعات والطرق المعبدة والخدمات للمقاصد السياحية، فقد دعا لتوفير تلك الخدمات بهدف تيسير وصول السائح إلى السودان والبقاء فيه، لينعم الزائر بروائع البلد منذ وصوله إلى العاصمة الخرطوم ملتقى النيل والشواطئ الرملية والمعالم الطبيعية الخلابة.
أما الشمال فهو وجهة مناسبة لمحبّي الثقافة حيث المناطق الأثرية والمعابد والمتاحف وشواهد الأمم والحضارات التي نشأت وشهدها تاريخ السودان كالحضارات الفرعونية والقبطية والإسلامية. وقد قامت جهات عالمية بتسجيل عشرة مواقع أثرية في السودان كجزء من التراث الإنساني.
وتمتاز الصحراء في السودان بوجود منطقة “المصورات الصفراء” التي تشتمل على مركب هندسي عجيب عرف بالسور الكبير وهو مبنى ضخم يشبه المتاهة، يرجع تاريخه إلى القرن الأول للميلاد.
وتعتبر الحياة البرية في السودان مصدرا هاما من مصادر السياحة، فهي تضمّ العديد من المحميات الطبيعية مثل محمية “الدندر” التي تعتبر أكبر حظيرة للحيوانات والطيور في قارة أفريقيا وتوجد بها البحيرات والبرك وملتقيات الأنهار الصغيرة والغابات، بالإضافة إلى مركز للعلاج الطبيعي في أماكن المياه الكبريتية.
ويعتبر جنوب السودان بأكمله منطقة جذب سياحي قوية حيث تغطي أراضيه الأنهار والغابات والأدغال، وتتعدد فيه أنماط الحياة الاجتماعية والفنون الشعبية والمصنوعات اليدوية، بالإضافة إلى تنوع كبير في الحياة البرية ووجود طقس معتدل طوال العام.
ومن أبرز ولايات الجنوب التي تظهر فيها مقومات السياحة ولاية دارفور التي تضم “جبل مرة” الذي يجتذب السائح بطقسه المعتدل وشلالاته وبحيراته البركانية المحاذية له، كما يتمتع الجبل بانفراده دوليا بمجموعات كبيرة من الحيوانات النادرة والأليفة.
وتوجد بإقليم الجنوب أيضا منطقة “قلول” ذات الغابات الكثيفة والشلالات الدائمة إلى جانب منطقة “مرتجلو” وبها أيضا شلال جذّاب وتكثر فيه أنواع من القرود والحيوانات البرية الأخرى ومنطقة “سوني” المرتفعة، إضافة إلى منطقة “ضريبة” وهي تمثل الفوهة البركانية للجبل وتوجد بها بحيرتان.
وهنالك محمية “وادي هور” التي تزخر بأنواع كثيرة من الحيوانات البرية بجانب الآثار القديمة وبها المياه الكبريتية في “عين فرح” وكذلك مناطق “وادي أزوم” التي تصلح لهواة التصوير وهواة المغامرات والطبيعة الوعرة.
أما الولايات الوسطى فتضم مدينة “ود مدني” التي تحتوي على عدة أنواع من الحيوانات البرية كما أنها تعتبر منتجعا لأنواع كثيرة من الطيور النادرة.
وقد أوضح وزير السياحة محمد أبو زيد مصطفى “نطمع في أن تكون ‘ود مدني’ مأوى للسياحة العلاجية لما لها من إمكانيات وقدرات صحية وعلاجية سواء أن كانت مؤسسات صحية أو مختصين وأطباء ذوي تخصصات نادرة”.
ومن ناحية أخرى تعتبر ضفاف النيل الأزرق بانحداره الشديد مجالا رحبا لممارسة أنواع مختلفة من الرياضات المائية، إلى جانب ضفاف النيل الأبيض بتياره البطيء وتعرجاته الكثيرة ومستنقعاته المغطاة بالأعشاب والغابات، وتعتبر من أشهر مناطق صيد الطيور في السودان.
ولا يمكن للسائح أن يغفل عن مناطق ومواسم الصيد في السودان، حيث يتمتع هذا البلد بتباين النطاق المناخي والبيئي ويتضح ذلك جليا في وجود ثروة كبيرة من الحيوانات وأنواع متعددة من الطيور، كما أن شركات السفاري التي تقوم بتنظيم الصيد تضع خبراتها ووسائلها ومعداتها في خدمة هواة الصيد بما يمكنهم من الحصول على أكبر قدر من المتعة.
العرب