الجمعة، 5 يونيو 2015

“حنبنيهو” مع اعلان البشير انه رئيس الجميع حتي المقاطعين.. هل نقرا تدشينه لولايته الجديدة بابيات شاعر اليسار الراحل كاشارة لتحولات قادمة


كان البشير يخاطب ضيوف البلاد ونواب البرلمان من داخل القبة أمس الأول معلناً استمرار حزبه في التأكيد على تطبيق الشريعة الإسلامية باعتبارها مشروع الإسلاميين الذي صعدوا به إلى الحكم ومن أجله في الوقت نفسه، لكن الرئيس الذي ابتدر خمس سنوات جديدة بأدائه القسم، أكد على أنه رئيس كل السودانيين لا فرق عنده بين الذي منحه صوته أو بين من لم يفعل ذلك هو رئيس حتى (المقاطعين).
يلون الرئيس صفحته الجديدة البيضاء التي أعلن عنها في البرلمان باللون الأحمر ويختار أن يخاطب احتفالات الشعب بعودته بكلمات الراحل محجوب شريف العضو الذي ظل ملتزما بـ(شيوعيته) حتى وفاته في أبريل من العام 2014 (حنبنيهو البنحلم بيهو يوماتي وطن شامخ وطن عاتي وطن خير ديمقراطي) بدا النشيد الذي أطلقه الرئيس على الهواء مباشرة مدخلاً لطرح مجموعة من التساؤلات تتعلق باستخدام الإسلاميين لأدبيات خصمهم الأزلي في معادلة الصراع السياسي بالسودان.. بدا المشهد وكأن الخطوة الجديدة هي إلباس (الساحة الخضراء) لون الزملاء بحمرته المعلومة.
لم يكن استخدام الرئيس المحسوب على الإسلاميين لغة هي من صميم أدبيات الشيوعيين هو المشهد الأول، فمشاهد الخرطوم التي احتفلت بصعود البشير احتشدت شوارعها بالصور التي تعبر عن ذات موضوع تبني الإسلاميين لأدبيات تصنف وفقاً لمعادلة السياسة السودانية بأنها نصوص أقرب لليسار منها لليمين. لكن بالعودة إلى النص المستخدم والقصيدة نفسها فهي كانت تصنف في إطار المعركة التي خاضها الحزب الشيوعي في مواجهة ديكتاتورية مايو وهو ذات النص الذي تغنى به وردي عقب الانتفاضة وكان إحدى القصائد التي برزت بشكل واضح في فترة مقاومة التجمع الوطني الديمقراطي وكثيراً ما استخدمها منسوبو الجبهة الديمقراطية في مواجهة حركة الطلاب الإسلاميين الوطنيين في الجامعات. ومعلوم بالضرورة حالة المواجهة حامية الوطيس بين الجانبين كإرث تاريخي في حركة تطور السياسة السودانية..
الماضي الذي بدا ذا تأثير بالغ على الحاضر، ومهددا أساسيا للمستقبل، وفقاً للرؤية التي يتبناها المؤتمر الشعبي باعتباره طرفا إسلاميا ذا تأثير بالغ، هذا الأمر دفع بالأمين السياسي للحزب كمال عمر قبل يومين من حفل تنصيب البشير لإرسال تحذيرات حزبه مما أسماها حالة الاستقطاب الحادة بين اليمين واليسار ومردودها السلبي على الاستقرار أو حالة المواجهة بين الإسلاميين والعلمانيين يطرح الأمين السياسي لحزب الترابي كمال عمر رؤيته ثم يمضي في اتجاه مهاجمة قوى الإجماع الوطني المصنفة يسارا بحسب مسارات السياسة السودانية والمحسوبة على القوى العلمانية وفقاً للتصنيف ذاته، وهو الأمر الذي يدفع بالبعض للتحليل في إطار مواجهات ومماحكات السياسة اليومية، يقول في هذا الجانب الدكتور عوض أحمد سليمان أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين بأن التصنيف على الأساس الأيدلوجي بات من التاريخ وإن صراع الراهن يبدو مختلفاً تماماً.. يرفض سليمان استدعاء الماضي والتفسير على أساسه مطالباً بتجاوز هذه الأمور والسعي لإيجاد حلول موضوعية للإشكاليات السياسية في البلاد التي تتجاوز بالطبع حالة أنها مواجهة بين إسلاميين وعلمانيين إلى حالة يمكن أن تتطور لتصبح مواجهة بين الشعب والسلطة نفسها. وهو ما يتطلب بالضرورة تجاوز هذه الصراعات والعمل على إعادة بناء علاقات سياسية وفقاً لأسس جديدة.
ويرى أن الأسس الجديدة البعض تم تدشينها في خطابات الحكومة الأخيرة. فالبشير كان يرسل تطميناته للشعب بأن قفة الملاح ستكون هي الأولوية في النسخة الجديدة.. قراءة الحديث مع الحديث المتعلق بأنه رئيس كل السودانيين في الفترة القادمة يفسر البعض على أساسها لجوء الأخير لاستخدام اللغة المبسطة في إرسال أمنيات الشعب في قادم المواعيد.
كما أن احتشاد الشوارع بالصور ونصوص الأغنيات في الأيام الماضية ربما تعبر عن مزاج جديد، المزاج الذي برز في تعليق كلمات أغاني مصطفى سيد أحمد في إحدى اللوحات التي تضم الرئيس البشير ورئيس اللجنة القومية لترشيحه الإسلامي الآخر عبد الرحمن سوار الدهب: (نمشي في كل المداين وننثر الأفراح درر) نص يبدو متلائماً مع النص الجديد (حنبنيهو) يقرأ البعض أن ثمة لبنات جديدة يتم وضعها في سبيل السعي لإنجاز المستقبل، ولا يهم من أي مكان يمكن أن تأتي هذه اللبنات.
ويحتفظ الأرشيف بحديث سابق للبشير متغزلاً فيه في السكرتير السابق للحزب الشيوعي محمد إبراهيم نقد.
لكن سرعان ما تحتشد الأسافير بصراعات السياسة القديمة وبالاتهامات المتبادلة بين أهل اليمين وأهل اليسار حين يقولون إن الأمر يهدف للتكويش على الإرث الثقافي لليسار ونسبه لنفسه بل إن البعض حاولوا استخدام التكنولوجيا لرسم الصورة القادمة حين وضعوا صوراً لقيادات الوطني وكتبوا عليها (ماشين في السكة نمد) مرثية الرفاق لقاسم أمين التي تصل في خواتيم كلماتها إلى تسجيل الجريمة ضد الإسلاميين أنفسهم باعتبارهم أكبر المستفيدين من غيابه. من الممكن تجاوز كل ذلك عبر الوقوف في الخطابات التلقائية لرئيس الجمهورية الذي يميل في كثير من الأحوال لاستخدام النصوص الخاصة بالأغنيات الوطنية خصوصاً المرتبطة بالدعوة للسودانية كما هو الحال في كلمات إسماعيل حسن، وهو ما يجعل ما دار في الساحة الخضراء غير بعيد من هذا الاتجاه النقاش قد ينحرف في اتجاهات السياسة والإبداع أيهما يقود الآخر وامكانية توظيف الأخير من أجل صناعة استقرار يستفيد منه الكل وعلى رأس هؤلاء الراحل محجوب شريف الذي كان يحلم بوطن حدادي مدادي من أجل عيون شعبه كله، الشعب الذي كان يتجاوز عنده السلطة بمختلف توجهاتا وحتماً هو أكبر من الحزب بل إن محجوب شريف كان حزباً سودانياً قائماً بذاته ومختلفاً عن الأخير وإن ما صاغه شعراً مؤكد هو التوصيف الأنبل لمستقبل يمكن أن يعيشه الوطن وإن نصوصه كانت لكل الشعب الذي توجه شاعراً له ومتحدثاً بأحلامه.
الأمر في نهايته يتم وضعه في إطار المواجهة السياسية، فالإسلامي محرم عليه أن يلجأ لاستخدام أدبيات الشيوعيين وهو ما يمكن تطبيقه في الجانب اليسار من المعادلة وهو ما يبرر بدوره حالة الدهشة التي برزت على الكثير من الوجوه عقب بروز النسخة الجديدة من الخطاب الحكومي وهي نسخة مطلوبة ومطلوب أكثر تنفيذها على أرض الواقع أو هكذا ينتظر الشعب رد جميله.
اليوم التالي

متمردو جنوب السودان ينفون تسلم اسلحة من الخرطوم



جوبا – (أ ف ب) – نفى المتمردون الذين يواجهون منذ كانون الاول/ديسمبر 2013 جيش جنوب السودان، الجمعة تسلم اسلحة من السودان المجاور، كما ذكرت منظمة غير حكومية في لندن، مؤكدين في المقابل ان حكومة جوبا تشتري اسلحة من الخرطوم.
وقال المتحدث باسم المتمردين جيمس قديت داك في بيان، “رغم دقة المعلومات التي تدل على مصدر الاسلحة، فذلك لا يعني بالضرورة ان هذه الاسلحة قد سلمت الينا مباشرة”.
واضاف ان “قواتنا المسلحة استولت على اسلحة وذخائر بما فيها دبابات من قوات حكومة الرئيس سالفا كير. وللذين لا يعرفون، فان حكومة جنوب السودان تشتري اسلحة من السودان”، موضحا ان جوبا اشترت ايضا اسلحة من الصين.
قال المتحدث ان “وجود اسلحة مصنوعة في السودان او في الصين امر ليس مفاجئا. ويجب الا يتخذ ذلك دليلا على حصولنا على اسلحة من الخرطوم”.
وجاء في تقرير لمجموعة “كونفليكت ارممنت ريسرتش” صدر الثلاثاء، ان فريقا من منظمة غير حكومية في لندن جمع معلومات عن مخبأ اسلحة للتمرد عثر عليه جيش جنوب السودان في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي في ولاية جونقلي في شرق البلاد.
واضاف التقرير ان الاضرار اللاحقة بالاسلحة تكشف انها القيت من طائرة واظهرت صور وجود علامات تجارية عائدة لتجار اسلحة سودانيين.
ووصلت من الصين اسلحة اخرى فحصها افراد الفريق.
انفصل جنوب السودان عن السودان في 2011 على اثر معاهدة سلام انهت حربا اهلية استمرت 22 عاما، لكن العلاقات بين البلدين ما زالت متوترة منذ ذلك الحين.
وتنفي الخرطوم اي تورط في الحرب الاهلية الدائرة منذ 15 كانون الاول/ديسمبر 2013 بين القوات الموالية للرئيس سالفا كير وبين القوات الموالية لنائب الرئيس السابق رياك ماشار.
القدس العربي

انقلاب البشير السادس

عبد الوهاب الأفندي
عبدالوهاب الأفندي
1) يبدو أن بعض الإخوة الذين يكثرون من نقدنا لما يتهموننا به من عدم إلمامنا بما يجري في بلدنا الحبيب على حق، لأننا صحونا فجأة هذا الأسبوع على ثورة جديدة، أعلنت نهاية الظلم والفساد، ووعدت بالرخاء وبسط العدل، وإرساء قيم المواطنة المتساوية، والمشاركة السياسية للجميع، واتباع سياسة خارجية معتدلة وعقلانية. فكانت هذه مفاجأة لم نحسب لها حساباً، وواقعة غيبتنا الغفلة. فقد كنا نظن –وكثير من الظن إثم- أن بلادنا كانت محكومة بقيادة رشيدة مقتدرة. ولكن الحمدلله، برح الخفاء وانكشف المستور، وظهر أن الحكام كانوا ظلمة مفسدين، حتى تصدى لهم من يردعهم ويقضي فيهم بما يستحقون.
(2)
ولا بد أولاً من أن نهنىء الشعب السوداني الصابر بهذه الثورة المباركة، وبالقيادة الجديدة الرشيدة التي انتفضت على الظلم والفساد وانعدام الكفاءة. وفي الوقت نفسه نحذر أنصار النظام السابق من الفاسدين والمرتشين ومرتكبي الكبائر من عواقب شين أفعالهم. وننصحهم، خاصة أولئك المعروفة أسماؤهم للقاصي والداني، بسرعة الاختفاء أو الضرب في أرض الله الواسعة، قبل أن ينالهم العقاب الرادع.
(3)
لا نود أن ندخل في جدل عقيم كشأن إخواننا في مصر عما إذا كان ما حدث انقلاباً أو ثورة. ومهما يكن فإن الزعيم المحترم المحبوب عبدالفتاح السيسي قد قطع هذا الجدل، عندما شرف إعلان الثورة المباركة هو والزعيم روبرت موغابي والثائر أدريس دبي والزعيم المنتخب اسماعيل عمر جيلي وبقية رموز الديمقراطية في افريقيا. فهي ثورة مباركة إذن، لا ينكرها إلا حاقد أعماه الغرض، أو منتفع من فلول نظام البطش والعدوان السابق.
(4)
قائد هذه الثورة المباركة هو أيضاً معروف لساحات النضال الثورية، فهو يضاهي الزعيم الراحل وملك ملوك افريقيا، وقائد الثورة المستدامة في ليبيا والعالم، القائد الملهم العقيد معمر القذافي، الذي ظل يثور حتى على نفسه بين حين وآخر. فهو قائد ثورة الإنقاذ التي أودت بنظام الطائفية الفاسد المتهالك في عام 1989، ثم هو أيضاً قائد ثورة الرابع من رمضان المباركة في عام 1999 ضد التطرف والطغيان. وهو أيضاً قائد ثورة الجنجويد المباركة التي انطلقت في دارفور الفتية منذ عام 2003، ولا تزال مستمرة لتطهير أرض دارفور المباركة السعيدة من كل مارق أشر.
(5)
لم يكتف الثائر الميمون بذلك، حيث قاد ثورة 2010 الشعبية التي اطاحت باتفاق نيفاشا المفروض دولياً، وحررت السودان من الجنوب، وأراحته من الاحتراب والنفط وكل المنغصات الأخرى. ثم ما لبث في خريف عام 2013 أن ثنى بثورة مباركة أخرى أطاحت بمراكز القوى، وطهرت الدولة والساحة السياسية من رموز الظلم والفساد، فصيرتهم أثراً بعد عين، وتركتهم عبرة لمن اعتبر، وآية لمن يذكر.
(6)
وها هو ثائرنا الهمام يكمل ما بدأ، ويحسن الختام بكنس كل من بقي من الفلول، بدءاً من البرلمان الذي أقصى من قيادته كل فاسد ضال، وعهد به إلى القوي الأمين، فاصبح أطوع له من بنانه. ثم ثنى بالجيش، فاطاح فيه بكل من حامت حوله الشبهات، ولم يدرك فضل قوات الدعم السريع، والحشد الشعبي الباسل. وهو الآن مقبل على كل مخابئ الفلول ومكامن الفاسدين المفسدين، حيث لن يدع منهم دياراً. فصح فيه قول المتنبي في عضد الدولة: لما أصار القفس أمس الخالي/ وقتل الكرد عن القتال/ سار لصيد الوحش في الأجبال. فلله دره من قائد ميمون. ونحن نقول لمن بقي الفلول: انج سعد فقد هلك سعيد، والثورة ماضية إلى نهاياتها وغاياتها.
(7)
لتبشر الأمو السودانية إذن، بفجر جديد أشرق، فقد أصبح الصبح، فلا السجن ولا السجان باق. ولله الحمد من قبل وبعد على عظيم مننه، وجلائل نعمه. أليس هو القائل جل وعلا: «وما للظالمين من أنصار»؟
٭ كاتب واكاديمي سوداني

د. عبدالوهاب الأفندي
القدس العربي

محجوب محمد صالح يكتب : لا تستهينوا بدعاوى تقرير المصير لدارفور!

محجوب محمد صالح
(محجوب محمد صالح)
لا تستهينوا بدعاوى تقرير المصير لدارفور!
في تطور مثير للقلق كشف أركو مناوي أحد قادة الحركات الدارفورية السودانية المسلحة أنهم سيطرحون فكرة تقرير المصير لإقليم دارفور، ليقرر أهل دارفور إن كانوا سيظلون جزءاً من السودان أم يفضلون الانفصال ليؤسسوا دولة دارفور المستقلة على غرار ما حدث بالنسبة لجنوب السودان. وقد قلل د.أمين حسن عمر المسؤول عن ملف دارفور في رئاسة الجمهورية من أهمية هذا التصريح، معتبراً أنه صادر بغرض الإثارة وأنه تصريح (لا قيمة له)، وأن الحركات المسلحة قد هزمت في الميدان، ولذلك تلجأ لهذه المزايدات السياسية بحثاً عن وضع مستقبلي لقادتها– فهل نحن أمام سيناريو جديد يمكن أن يؤسس لحركة انفصالية في دارفور؟
قضية دارفور في مختلف مراحل صراعها مع المركز وحتى بعد انفجار ذلك الصراع في مواجهة مسلحة منذ أكثر من عقد من الزمان كانت قضية مشاركة في السلطة والثروة في سودان لم يشكك أهل دارفور قط في انتمائهم إليه وإيمانهم به ككيان سياسي واحد، ولم يعبر أي من قادتهم في أي مرحلة عن نزعات انفصالية، ومجرد طرح هذا الشعار تحت ظروف السودان الحالية وبعد تجربة انفصال الجنوب أمر لا بد من أن يثير قلق أي مواطن يقرأ الواقع السياسي السوداني قراءة راشدة، وسواء كان الدافع لطرح الشعار إحساساً باليأس أو بخيبة الأمل أو قناعة بأن أحوالهم كجزء من السودان، ليست مرشحة لتغيير إيجابي وشيك فإن البيئة السياسية والأمنية والاقتصادية في دارفور اليوم تعاني من انسداد الأفق الذي يخلق أجواءً مواتية لانتشار مثل هذا الشعار لدى أوساط دارفورية معتبرة، مما يستوجب التعامل مع هذا الطرح بجدية.
هذا هو الدرس الذي تعلمناه من تجربة أزمة جنوب السودان، ذلك لأن أجواء مشابهة جعلت مطلب (الفيدرالية) والعدالة والإنصاف والمشاركة الفاعلة في السلطة والتنمية والثروة يتراجع تماماً ليحل محله مطلب الانفصال وانحياز الأغلبية له، فالنار من مستصغر الشرر– والملايين من أبناء دارفور يعيشون الآن إما في معسكرات اللجوء الخارجي أو النزوح الداخلي أو في المنافي مع انهيار الأمن الداخلي وتصاعد الصراعات الدموية، بل وإن طلاب دارفور في العاصمة القومية باتوا على قناعة بأنهم مستهدفون بحملة عنصرية باغية، وذلك كله يغري الكثيرين بقبول أطروحات تقرير المصير.
غير أن سوء الأحوال في دارفور لا ينبغي أن يجعل البعض يقفز إلى النتيجة الخاطئة فيتصور (الانفصال) علاجاً لأزمة الإقليم السياسية والاقتصادية والأمنية، لأن أزمة دارفور –مثلما كانت أزمة الجنوب– جزء من أزمة السودان الشاملة، ولن تحل إلا في إطار ذلك الحل الشامل الذي يعيد إلى السودان كله أمنه المفقود وسلامته واستقراره ويؤسس فيه لنظام حكم يقوم على المساواة الكاملة والمشاركة الفاعلة في إدارة شأنه العام والعدل والإنصاف في اقتسام ثروته وتنمية موارده والمساواة الكاملة لكل مواطنيه، بصرف النظر عن اختلاف أعراقهم ومواطنهم وثقافاتهم يتعايشون في وطن يسوده حكم القانون العادل ويتبادلون السلطة فيه سلماً.
الاندفاع العاطفي والقراءة الخاطئة لأوضاع الجنوب دفعت قياداته السياسية للتنكر لمبدأ حل أزمة الجنوب في إطار السودان الواحد، وصوروا للجماهير (الانفصال) كوصفة سحرية لعلاج كل معاناتهم، فإذا بهم اليوم يحصدون النقيض تماماً، إذ تفجرت وسطهم كل التوترات القبلية الكامنة ليعيشوا اليوم في كنف حرب مأساوية ترتفع درجة معاناة المواطن فيها إلى أضعاف أضعاف ما كان يعانيه في السودان الموحد، وبات القتل على (الهوية القبلية) سُنة راسخة وممارسة يومية، وباتت الدولة الوليدة -التي انفرط أمنها وتراجع اقتصادها- على وشك الانهيار!
إننا لا نستهين بدعوة تقرير المصير التي أطلت برأسها في تصريح مناوي، ولا بد أن يتعامل معها المجتمع السياسي بالجدية المطلوبة ويوضح بصورة قاطعة الخلل في المنطق الذي تنبني عليه دعاوى الانفصال خاصة ومجتمع دارفور يعاني اليوم –فوق صراعه مع المركز- من أزمة حادة تجلت في الحرب المأساوية التي تدور بين قبائله المتصارعة بسبب المنافسة الحادة على موارد طبيعة متناقصة، وهو سيناريو مرشح للاستمرار والتداخل مع الصراع ضد المركز، فيوهن النسيج الاجتماعي ويغري بمزيد من الاحتراب الداخلي، والقوى السياسية المختلفة مطالبة بأن تتعامل مع أطروحات تقرير المصير الذي يفضي للانفصال بالجدية المطلوبة، وإذا كانت الأصوات التي تردد الشعار اليوم محدودة وخافتة الصوت، فإن تطورات الأحداث قد تشعل نيرانها إذا تجاهلناها وقللنا من شأنها، وإذا استمرت الحرب والاقتتال.
وهي ليست دعوة (معزولة) مثلما يروج البعض فإن همساً يدور حولها في أوساط بعض أبناء دارفور في المركز خاصة بين الطلاب الذين ارتفعت أصواتهم ضد العنصرية التي يعانون منها، بل وتجاوزت ذلك إلى مقالات منشورة في مواقع اسفيرية، وكان آخر ما اطلعت عليه في هذا الصدد مقال كتبه المثقف الدارفوري المقيم في أميركا د.آدم محمد آدم (سودا نايل 30 مايو 2015) تحت عنوان (دارفور 2017)، وهو يرشح ذلك التاريخ لقيام دولة دارفور المستقلة بعد فترة انتقال مداها عامان تنتهي بتقرير المصير الذي يفضي للانفصال، وهو يرى أن دارفور لم تكن تاريخياً جزءاً من السودان، بل وظلت خارج إطار سودان الحكم الثنائي حتى مطلع العشرينيات من القرن الماضي بعد احتلال حكومة الخرطوم لها عام (1916)، وهو يعدد أسبابه للانفصال ويصل إلى نتيجة مؤداها (الانفصال هو خيارنا الصحيح ولا يصح إلا الصحيح)، فليقرأ ما كتبه أولئك الذين يقللون من أهمية هذا الطرح، وبصرف النظر عن موقف الحكومة أو استهانتها بهذا الطرح، فإن القوى السياسية السودانية خاصة المعارضة مطالبة بإدارة حوار جاد مع الصفوة الدارفورية والقوى الحية في المجتمع وهي –أيضاً- مطالبة بخلق (حاضنة اجتماعية) متجاوبة مع محنة دارفور حتى يشعر الدارفوريون أن لهم وجعاً في محنتهم الراهنة!
  • mahgoubsalih@maktoob.com
  • حريات  

قوات الأمن الليبية تقبض على سوداني (داعشي) متنكراً في زي امرأة


ألقت الأجهزة الأمنية الليبية القبض على سوداني (داعشي) متنكر في زي امرأة أثناء محاولته دخول مدينة (إجدابيا) ، عبر ﺑﻮﺍﺑﺔ (ﺍﻟﺠﻠﻴﺪﻳﺔ) ، أمس الأول 3 يونيو.
ونشرت مواقع مقربة للجيش الوطني الليبي صوراً للرجل وهو يتنكّر في زي امرأة ، قالت انه تم القبض عليه أثناء محاولته دخول مدينة (إجدابيا) للإنضمام للجماعات الإرهابية هناك .
وقال باسم فرج الفاخرى عضو اللجنة الأمنية بمدينة (إجدابيا) ، في تصريح لصحيفة (اليوم السابع) المصرية ، ان الأجهزة الأمنية ألقت القبض على أحد عناصر تنظيم (داعش) الإرهابى ، مؤكدًا أن المتهم يحمل الجنسية السودانية ويخضع للتحقيق من قبل قوات الجيش.
جدير بالذكر انه سبق وأعلن تنظيم (داعش ) الإرهابي ، عن مشاركة السودانى أبوسليمان في تفجير فندق (كورنثيا) بليبيا ، والذي أودى بحياة (9) أشخاص بينهم أمريكي ، فرنسي ، وثلاثة آسيويين ، 27 يناير الماضي.
كما سبق وأعلن التنظيم الإرهابي ، ان الإنتحاري الذي فجر نقطة أمنية في منطقة (هراوة) بالقرب من مدينة (سرت) الليبية ، 21 مايو الماضي ، سوداني الجنسية ويُدعى أبوعبدالله.
اقرأ روابط متعلقة بالخبر :
http://www.hurriyatsudan.com/?p=173646
http://www.hurriyatsudan.com/?p=180822
 صورة منشت داعش الثالثة الاخيرة صورة منشت داعش الثانية

د. عمر القراي يكتب : الرئيس .. والفساد !!

د. عمر القراي
(د. عمر القراي)
الرئيس .. والفساد !!
 (آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)
صدق الله العظيم
 (أعلن الرئيس السوداني المشير عمر البشير، عن تكوين “هيئة عليا”، للشفافية لمكافحة الفساد، بصلاحيات واسعة، تتبع للرئاسة. وتعهد في أول خطاب له، بعد أداء القسم لفترة رئاسية جديدة، يوم الثلاثاء، أن يكون رئيساً لجميع السودانيين)(الراكوبة 2/6/2015م) ومع أن هذا الخبر، من الأخبار التي لن يصدقها أحد من السودانيين، ولا حتى أعضاء المؤتمر الوطني أنفسهم، لأنه أمر ليس جديد، غفد تكرر من قبل، فبدأت الحكومة من قبل، ب ” آلية” لمحاربة الفساد، ثم تحدثت عن إنشاء ” مفوضية” لمكافحة الفساد، ثم تحولت الى ” لجنة” متابعة الفساد، ثم جاءت تصريحات بعض كبار المسؤولين، تنكر بشدة وجود أي فساد، وتتحدى من يقدم دليلاً على وجوده في حكومة المؤتمر الوطني، ثم ها نحن اليوم، ورئيس الدولة يعلن إنشاء ” هيئة عليا” لمكافحة الفساد.
وبالرغم من كل ذلك، فإن الخبر مهم، وذلك لأنه إعتراف رسمي من قمة السلطة بعد ربع قرن من الحكم، بوجود الفساد .. وهذا يعني، ضمناً، أن السلطة لم تستطع القضاء على الفساد في ال 25 سنة الماضية فهل ستستطيع القضاء عليه في ال 5 سنوات القادمة. كما أن الخبر يعني ان الفساد ليس بسيطاً في حجمه ومدى انتشاره، ولا هو عارضاً، أو سهل المحاربة، أو يقوم به صغار الموظفين، و إلا لما احتاج السيد الرئيس ان يتحدث عنه، في خطابه الأساسي، في حفل تنصيبه، وكأنه سيكون أهم واجبات الحكومة الجديدة، ويعين لمحاربته ” هيئة عليا”، يكون هو نفسه على رأسها. وإعتراف السيد الرئيس بالفساد، يعني علمه به، فلماذا لم تتم محاسبة أي من المفسدين الكبار، طوال هذه المدة ؟! بل لماذا حين تصل قضايا الفساد الكبرى الى المحاكم، وتتناولها الصحف، تتدخل جهات رسمية، فتوقف القضايا، أو تجعل اللصوص “يتحللون” منها، ثم يفلتون من المحاكمة، دون ان يعيدوا كل المبلغ المسروق، كما نص القانون.
ولماذا في قضايا الفساد الكبرى، مثل قضية شركة الاقطان، وقضية مكتب الوالي، يموت شاهد الإتهام الأساسي، بعد تصريحه بأن لديه أدلة تدين الكبار، وأنه لا يقبل أن يكون كبش فداء لفسادهم ؟! من الذي قتل شاهد قضية الاقطان أمام منزله بعد صلاة العشاء ؟! ومن الذي قتل غسان، ثم أظهر الأمر وكأن هناك حادث حركة مات غسان بسببه ؟! ولماذا فصل النقيب أبوزيد من منصبه، وحوكم، وسجن، مع أنه لم يرتكب أي جريمة .. بل كتب تقريراً عن الفساد الموجود في الشرطة، وفي قوات الدعم السريع، واستطاع ان يوصل مذكرة مكتوبة، الى السيد رئيس الجمهورية. وكان يعتقد ان السيد الرئيس، لا يمكن ان يكون على علم بهذا الفساد، الذي أزهقت فيه أرواح، ثم لا يتدخل لوضع الأمور في نصابها .. فكان ما حدث هو أن الرئيس قرأ مذكرته، ثم بعد ذلك تم احضاره، من مكان عمله معتقلاً، وحوكم وسجن، ولم يسأل عن صحة المعلومات التي وردت في مذكرته، وإنما عوقب على أنه أوصلها الى السيد الرئيس !! وحين استأنف الحكم، وهو في السجن، وقضت محكمة الاستئناف ببراءته، وشطب البلاغ، تدخل السيد الرئيس في حكم القضاء، وطالب المحكمة بإعادة المحاكمة، وعزل القاضي الذي حكم ببراءة أبوزيد، بعد ان كان أبوزيد قد سجن لأكثر من سنتين.
وإذا كان هناك فساد في الماضي، ولم تتم محاسبة أحد عليه، فإن هذا دليل لا يقبل الشك، على أن من هم في قمة المسؤولية، في جميع الأجهزة التنفيذية، أما مشاركون في الفساد، أو أنهم غضوا الطرف عنه، أو لم يعرفوا أنه تم أصلاً .. وأي صفة من هذه الصفات الثلاث، كافية لأن تبعد المسؤول عن وظيفته. فلماذا جاءت الحكومة الجديدة، بنفس الوجوه القديمة، في أرفع وأقوى المناصب، وكأن السلطة لعبة كراسي بين نفس الوجوه؟! لماذا لم يبعد حتى الذين حامت حولهم شبهات الفساد، إذا كانت هناك رغبة حقيقية، في القضاء على الفساد ؟!
إن السيد رئيس الجمهورية، لن يستطيع ان يفي بوعده، فيحد من الفساد، أو يعاقب المفسدين، مهما أنشأ من هيئات، ومهما عقد من إجتماعات .. وذلك لسبب واضح، وبسيط، وهو أنه هو نفسه، ضالع في الفساد، وفاقد الشئ لا يعطيه.
ومن أكبر مظاهر الفساد، أن يترشح السيد الرئيس للرئاسة، بعد ان استوفى المدة القانونية التي يسمح بها الدستور، فتجئ حكومته الجديدة، مخالفة للدستور، وفاقدة للشرعية الحقيقية، فيحكم البلاد لخمس سنوات دون وجه حق. كما ان المدة الماضية، التي حكم فيها لأكثر من 25 سنة، كانت نتيجة إنقلاب عسكري، أطاح بالشرعية، وأزال نظاماً ديمقراطياً، مهما قيل عن قصوره.
ومن الفساد ان يعتبر الرئيس نفسه فائزاً في الإنتخابات الأخيرة، وهو يعلم ان الشعب في جملته قد كان مقاطعاً لها. ولقد وضعت صور المراكز الفارغة من المقترعين، في جميع المواقع الالكترونية. كما ان الإنتخابات الأخيرة قد تمت فيها كافة صور التزوير، فلم تجد اعترافاً دولياً. ولقد رفعت عدة شكاوى للجنة الانتخابات، لكنها لم تحقق فيها، مما أدى لإنسحاب بعض المرشحين.
ومن الفساد ان يخبرنا السيد الرئيس بأنه سوف: ( يكون رئيساً لجميع السودانيين) ثم في الاحتفال الشعبي بتنصيبه، في مساء نفس اليوم، يبدأ برفع صوته، بشعار الأخوان المسلمين المشهور ( في سبيل الله قمنا نبتغي رفع اللواء لا لدنيا قد عملنا نحن للدين فداء فليعد للدين مجده أو ترق دونه الدماء) !! وهو شعار كاذب، لم يقم الاخوان المسلمون المصريون الذين ألفوه، بتطبيقه .. بل إنهم تحالفوا مع الملك، على عهد حسن البنا، ثم تآمروا ضده . وتحالفوا مع عبد الناصر، ثم حاولوا اغتياله. وتحالفوا مع السادات، ثم قاموا باغتياله. وتحالفوا مع حسني مبارك، وحين ثار الشعب ضده، ترددوا في البداية، ثم لحقوا بالثورة، حين رأوا أنها منتصرة .. وحين وصلوا للسلطة لأن منافسهم كان من رموز العهد البائد، إنفردوا بها، وأبعدوا معارضيهم من المناصب الكبيرة، وتآمروا على الشعب المصري، فخرج في وجههم، واسقطهم، وجاء بالرئيس السيسي، الذي قدمهم للمحاكمات، التي قضت بإعدام قادتهم، وسجنهم السجن الطويل.. ومن عجب أن رئيسنا، الذي يتغنى عشية تنصيبه بشعارات الاخوان المسلمين، يدعو الى حفل تنصيبه الرئيس الذي قتلهم !! ولأن السيد الرئيس لا يساوي بين الاخوان المسلمين وغيرهم من السودانيين، جرت في عهده أكبر تصفية للخدمة المدنية، من الكوادر المؤهلة، ليضع في وظائفهم اعضاء جماعته، وسميت هذه المجزرة الجائرة بالصالح العام، الذي فصل بموجبه الآف المواطنين، وشردوا من عملهم دون جريرة، إلا حاجة تنظيم الاخوان الى وظائفهم، لتمكين كوادره من السلطة والثرورة.
ومن الفساد تدخل الرئيس في عمل القضاء، وإلغاء قرارات المحاكم، كما حدث في محكمة النقيب ابوزيد، وكما حدث حين اصدر قراراً جمهورياً، اطلق بموجبه سراح رجل الدين الذي اغتصب الطالبة، وحكمت عليه المحكمة بعشر سنوات سجن. فكان بذلك عوناً على الفساد الأخلاقي. وكما يتدخل الرئيس فيلغي احكام القضاء، يتدخل أحياناً ليلغي قرار مجلس الوزراء، ليحمي مصالح المفسدين، فقد جاء (أوقف الفريق طه عثمان مدير مكتب البشير، اجراءات تصفية “شركة شواهق الهندسية”، في الوقت الذي كانت تستعد فيه لجنة التصرف في المرافق العامة، لتصفية الشركة استنادا الى قرار مجلس الوزراء بالرقم 126 الذي قضى بتصفيتها ضمن 22 شركة حكومية اخرى. وباغت الفريق طه عثمان مدير مكتب البشير، لجنة التصرف في المرافق العامة، وقام بتسليمها – بصورة فجائية – قراراً ينص على أن “شركة شواهق الهندسية” ليست ضمن الشركات التي قضى قرار مجلس الوزراء بتصفيتها. وقال الفريق طه في قراره: “إن الرئيس البشير وجّه بخصخصة خمسة شركات من ضمنها شركة شواهق الهندسية. وهو ما اوجد حالة من التشكيك والاستغراب لدى فريق المراجعة القومي التابع لحكومة السودان، على اعتبار ان قرار مجلس الوزراء اوصى بتصفية تلك الشركات وليس خصخصتها، وهو ما اعتبره مراقبون بمثابة فساد مالي واداري كبير، لجهة ان عملية بيع الشركة تجاوزت كل الطرق المتبعة في الخصخصة، على نحو ما سيرد لاحقاً. واكد تقرير حكومي اطلعت عليه “الراكوبة” أن مجلس الوزراء اصدر القرار رقم 126 بالتصرف في تصفية (22 شركة حكومية، من ضمنها شركة شواهق الهندسية، التي تضم ورشة الالمونيوم، ومصنع الخرصانة وفندق سنديان وفندق شواهق السياحي بشارع السيد عبد الرحمن)( الراكوبة 2/6/2015م).
ومن أبشع الفساد، حماية المجرمين، ومقاضاة أو إعتقال من يهاجمهم .. فقد وجه السيد الرئيس بمقاضاة واعتقال عدد من الشخصيات السودانية البارزة، لأنهم نقدوا قوات الدعم السريع. وهي قوات غير نظامية، يقودها قتلة مأجورون، لا معرفة لهم بالقانون، ولا السياسة، يقومون بنهب القرى، وقتل الأبرياء، واغتصاب النساء، في وحشية وتخلف.. وهي مليشيات تستغلها الحكومة، في حربها التي اشعلتها في دارفور. هؤلاء المجرمون، منحتهم الحكومة حصانة، كما منحت كل ضباط وجنود جهاز الأمن، فارتكبوا المجازر، واعتقلوا السياسيين، واختطفوا النساء، وعذبوهن، واجبروهن بالتهديد بالإغتصاب، وقتل الاقارب، حتى اضطروهن للتنازل عن قضاياهن، وتبرئة جهاز الأمن منها !! فلماذا لم يوقف السيد الرئيس كل هذا إذا كان جاداً في مواجهة الفساد؟!
والسيد الرئيس يعلم انه يحكم شعباً فقيراً، لا يملك معظمه قوت يومه. ويعلم ان الوضع الاقتصادي المتردي جعل المرتب، لا يفي بأكثر الضرورات إلحاحاً. ولو كان السيد الرئيس لا يعرف أي شئ عن الثراء الفظيع، الذي يتمتع به قادة حزبه، وكبار النافذين في حكمه، وهم يعيشون وسط هذا الشعب المعدم، ولا يعلم ما لديهم من عمارات في الخرطوم، وفي دبي، وفي ماليزيا، وفي غيرها، فهو بلا شك يعرف أنه هو شخصياً، قد كان ضابطاً في الجيش السوداني، ومن أسرة مستورة، تسكن بيتاً متواضعاً، في حي شعبي بمدينة بحري. وأن اخوانه ذوي وظائف عادية، لا تجعل صاحبها ثرياً، ثم بعد ان أصبح رئيساً، أصبح يملك مزرعة تدر عليه الملايين، دون ان يتفرغ لها، كما ذكر في لقائه مع الجالية السودانية في دبي .. ولديه الفلل في كافوري وغيرها، والسيارة التي يفوق ثمنها ال 3 مليون دولار. وأصبح أخوه الذين كان مجرد طبيب، صاحب أكثر من عشر شركات كبيرة، وعمارات، ومزارع، وغيرها. وأخوه الثاني صاحب مليارات، من صفقة الوالي الشهيرة، لأنه الشريك الأساسي للوالي .. واصبحت زوجة الرئيس الجديدة، صاحبة أملاك داخل وخارج السودان. فإذا لم يكن هذا من ضمن الفساد فماذا يكون ؟! وهل يمكن ان يصلح الرئيس فساداً دون ان يبدأ بنفسه وبأهل بيته؟!
ومن الفساد ان يصرف ببذخ على حفل تنصيب الرئيس في شعب جائع فقد جاء (نقد ناشطون ومواطنون ما وصفوه ” بالصرف البذخي” لمراسم تنصيب المشير عمر البشير لفترة رئاسية جديدة ، في وقت تأكد فيه عدم مشاركة قادة السعودية وقطر في حفل التنصيب. وسبق ان طلبت اللجنة العليا لتنصيب البشير من عدد المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة المساهمة ماديا في حفل التنصيب وحررت خطابات رسمية بذلك. وعلمت ” التغيير الالكترونية” ان الميزانية المرصودة لحفل التنصيب الذي سيستمر لساعات قليلة وصل الى ٣٥٠مليون جنيه “350مليار جنيه بالقديم”. وانتشرت ملصقات دعائية للرئيس البشير في الشوارع الرئيسة في الخرطوم وبالقصر الرئاسي وبالقرب من مقر البرلمان حيث أدى اليمين الدستورية هنالك. وتعاقدت اللجنة الإعلامية مع شركة انتاج إعلامي اجنبية وبالآلاف من الدولارات لتغطية الحدث. واستأجرت الشركة طائرات هيلكوبتر لتصوير جزء من حفل التنصيب من الجو بالاضافة الى معدات واجهزة تصوير حديثة تم توزيعها في القصر الجمهوري والبرلمان والساحة الخضراء، وألقى الرئيس خطابه بعد اداء القسم في البرلمان ومن ثم التقي في مأدبة غداء مع ضيوفه بالقصر الرئاسي قبل ان يلقي خطابه بالساحة الخضراء مساء اليوم.(التغيير 2/6/2015م)
ومن فساد رئيس حزب المؤتمر الوطني، أن يقوم حزبه بشراء 50 سيارة، جديدة، للطلاب المنتسبين للحزب، قيمة السيارة الواحدة منها حوالي 450 ألف جنيه، دون ان يتفوقوا في قيم علمية أو خلقية، وإنما اعطوا السيارات، مكافأة لضربهم لزملائهم من أبناء دارفور، المخالفين لهم سياسياً، بالسواطير وبمسدسات أجهزة الأمن في الجامعات. هذا بينما معظم الطلاب، لا يجدون حتى مبلغ المواصلات ليصلوا الى جامعاتهم. هذه المبالغة في الإهتمام بشباب الحزب، وضرب من عداهم من الشباب، بواسطة مليشيات الحزب والأمن، لا تؤهل رئيس الحزب، ليدعي انه سيكون رئيساً لكل السودانيين.
د. عمر القراي
omergarrai@gmail.com
حريات  

بيان من (الجبهة السودانية للتغيير) حول خطاب تنصيب المشير عمر البشير


الجبهة السودانية للتغيير
بيان
حول خطاب تنصيب رئيس المؤتمر الوطني
أيها الشعب السوداني العظيم
بعد نجاح ثورتكم الصامتة بمقاطعة إنتخابات الدم والكذب والتزوير ورفعكم لشعار إرحل، أدرك النظام المتداعي الذي ظل يبحث عن شرعيته المفقودة منذ سطوه الغادر على السلطة الديمقراطية قبل أكثر من ربع قرن من الزمان بأن البحث عن موافقتكم ومباركتكم لسياساته هدف لا يمكن بلوغه بالكذب والتدليس وتغبيش الوعي عن طريق آلته الإعلامية وترسانته الأمنية والعسكرية للتنكيل بالوطنيين الشرفاء وانتهاج سياسة القتل والاغتصاب والبطش والترهيب والتعذيب وتكميم الأفواه وقمع الرأي الحر ومصادرة وسائل التعبير ومطاردة أبناء السودان على السحنة والهوية.
إن موقفكم الوطني المشرف من انتخابات الزور والتزوير قد أصاب النظام في مقتل وأفقده توازنه المصطنع، فأصبح خطابه السياسي لا يعبر إلا عن أوهام ذاتية ووعود سرابية كاذبة تناقض الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني المنهار.
أيها الشعب السوداني الصامد
جاءت مسرحية حفل تنصيب رئيس المؤتمر الوطني تعويضاً لهزيمة نفسية قاسية انعكست في خطابه الحالم الذي وعد فيه الشعب السوداني بتحقيق ما عجز عنه لأكثر من نصف قرن من الإنفراد بالسلطة والقرار، فجاءت كلماته فارغة وجوفاء تعبر عن رغبة من صاغها لتصادف هوى من يتلوها، فلم تكن هناك خطة عمل أو برنامج سياسي واضح لمخاطبة جذور أزمات الدولة السودانية المتفاقمة والمستفحلة وتقديم حلا ناجعا لها، ولم يكن الخطاب إلا نسخة معادة ومكررة لخطاب إنقلاب صبيحة الثلاثين من يونيو ١٩٨٩م، المشؤوم، وتلك التي تلته من خطابات ليحصد نتائجها الشعب السوداني دمار وقتل وخراب وتشريد وجوع ومرض وجهل.
لهذا ترى الجبهة السودانية للتغيير التالي:ـ
١ـ إن الصرف البذخي والتبذير المبالغ فيه لموارد الدولة على شحها وانفاقها انفاق من لا يخشى الفقر على حفل التنصيب الرئاسي يدل على فقدان قادة النظام للحس الإنساني السوي في بلد يموت أطفالها من سوء التغذية الحاد ويمتن نساؤها في غرف التوليد لانهيار النظام الصحي في البلاد، ويعاني السواد الأعظم من الشعب السوداني الذي أدمن حياة العوز والفاقة والمسغبة.
٢ـ إن إستجداء النظام للشرعية الإقليمية والدولية عن طريق إعلامه الكاذب بأن ملك السعودية وأمير قطر وغيرهم من الأمراء ورؤساء الدول سيكونون حضورا ليشهدوا زورا نتائج انتخابات المهزلة لتنصيب الرئيس يدل على استخفافه وتغافله عن عزلته الإقليمية والدولية قبل تجاهله لرغبة وإرادة الشعب السوداني الذي قال كلمته الواضحة بمقاطعة هذه الانتخابات ورفع شعار إرحل.
۳ـ  خلا الخطاب تماما من الإشارة والاعتراف بمشاكل وأزمات الدولة السودانية كأنها لم تكن، وتناول أمنيات وأحلام لا يمكن تحقيقها في ظل هذا الوضع السياسي المحتقن والمأزوم.
٤ـ كرس الخطاب لمزيد من سلطة الفرد الديكتاتورية والعسكرية، وأكد الدولة الدينية واستمرارية  مشروعها الفاشل في دولة تتعدد دياناتها وأعراقها واثنياتها.
٥ـ قدم الخطاب مكرمة رئاسية بالعفو والصفح عن حملة السلاح في إشارة لخلط الأوراق وإظهار الضحايا في ثوب جناة يستحقون العفو والمسامحة للعودة لحظيرة الوطن.
٦ـ تطرق الخطاب إلى الحوار مع القوى السياسية وأغفل شروطه ومعاييره ومستحقاته، ولم يشر إلى الحوارات السابقة التي ظلت وحتى ساعة خطابه هذا دون نتائج.
۷ـ تناول الخطاب تكوين مفوضية للشفافية ومكافحة الفساد برئاسة الراعي الأول لدولة الفساد، ولم يتطرق إلى دور اللوائح المحاسبية المرعية ودور القانون وإطلاق يده في مطاردة ومحاسبة الفاسدين والمفسدين في دولة تقوم أعمدتها على الفساد ويعتبر قوة الجذب الوحيدة للانتهازيين والمنتفعين لتحريك دولاب الدولة المتداعية والمنهارة.
أيها الشعب السوداني الصابر
إن الحل يكمن في أن تتوحد قوى المعارضة وتقف خلف هذا السند الشعبي الجارف الذي قال كلمته في هذا النظام ولخص رغبته في كلمة واحدة وهي إرحل، فلتكف القوى السياسية عن تلبية دعوات الحوار المراوغ والعدمي وتركز جهودها ووسائلها في تعبئة الشعب لإسقاط النظام. ونعمل بدأب ومثابرة لتوحيد صفوفنا في ثورة عارمة تقتلع هذا النظام المعزول من جذورة لنجعل رغبة الشعب السوداني في الخلاص منه واقعا معاشا في بناء دولة الديمقراطية والحرية والمواطنة.
عاش كفاح الشعب السوداني
الجبهة السودانية للتغيير
٤  يونيو ٢٠١٥م