هذه ليست مجرد كلمات حالمة معلقة في هواء الأماني السندسية.. هي دعوة للانتباه أننا نسير بلا هدى في طريق مجهول.. والمطلوب أن نصنع (الرؤية) الوطنية التي تنبت في تربتها آمالنا وتترعرع..
مفردات (الحلم السوداني) تقوم على سؤال بسيط.. ماذا نريد أن نكون؟؟.
هل نريد أن نكون مجرد أمة (نأكل مما نزرع... ونلبس.. ونتزوج.. ونحج.. ويا الله حسن الخاتمة..).. أمة (مانشيت) صحافتها (حاملة همها) هو (أزمة في غاز الطبخ).. وعندما تخرج من تلك الأزمة يقفز فوراً الـ (مانشيت) التالي له.. (أزمة في الخبز).. هل هذا هو (الحلم السوداني).. خبز وغاز وزيت وأرز إلى آخر قائمة همومنا القومية هذه الأيام..
الطالب المجتهد الذكي.. هل كل أحلامه أن يدخل كلية الطب ليتخرج طبيباً، ثم عيادة تحتشد بالمرضى، ومن خلاصة جيوبهم يبني البيت الجميل للعروس الجميلة، وتكتمل بهجة الحياة بكل الكماليات الأخرى.. هل هذا هو كل (الحلم) في عقل ذلك الطالب؟.
(الحلم السوداني) هو حلم قومي.. مستنبط من مجموع وخلاصة أحلامنا الشخصية.. فماذا نريد أن نكون؟؟.
تعالوا نبني هذا الحلم طوبة فطوبة.. فبدونه لن نمتلك الرؤية التي يجب أن تكون بوصلة طريقنا الطويل..
(الحلم السوداني) أن نصبح (دولة رائدة).. ولنترك الفضاء Domain المقصود بـ (الريادة) دون تحديد.. ريادة أفريقية... عربية.. شرق أوسطية.. عالمية.. فلتكن هي الريادة على قدر العزم تؤتى العزائم..
لنبني صورة هذا الحلم.. نحتاج إلى ثلاث روافع..
الأول: استدراك تأريخنا (المعاصر فقط) لنستلهم منه العبر..
الثاني: بناء الصورة التخيلية التي (كان) يفترض أن تتحقق لنا إذا ما سرنا عبر تأريخنا بصورة طبيعية حتى اليوم.. أين يفترض أن نكون الآن؟..
والثالث: بناء الحلم.. ماذا يمكن أن نحققه في مستقلبنا لنصنع الحلم السوداني؟..
هي ثلاث روافع سهلة.. لا تكلفنا مالاً ولا رهقاً فقط تحتاج إلى الرؤية الثاقبة والإرادة الصلبة.. والعقل.. لا أكثر..
يساعدنا في بناء وتحقيق هذا (الحلم السوداني) أننا:
جغرافية شاسعة موفورة النعم الطبيعية.. فوق وتحت الأرض.
وأننا تنوع بشري هائل ومدهش.. قوتنا في تنوعنا.. نستطيع أن نصنع من مفردات القبيلة وعصبيتها أقوى نسيج وطني معافى الوجدان والقلب.
لدينا العقول النيرة.. نحن شعب مستنير إلى أبعد مدى.. ونستطيع أن نستنطق هذه العقول لو فتحنا لها الأبواب مشرعة لتفكر بلا حدود.. لكن احتكار الحكمة.. وكتم الخطاب، هو مبلغ علتنا.. الخطوة الأولى التي نحتاجها أن نطلق عنان العقول.. انتهى عهد سخرة الضمير.. فالضمير المكبل بأغلال الرغبة والرهبة لا يبني وطناً.. بل يصنع حظيرة من الحيوانات البشرية.
عثمان ميرغني