عمان ـ «القدس العربي»:
يختبر الجدل الباطني حول دفن جثمان القيادي في الحكم العراقي السابق طارق عزيز «إنتاجية» العلاقة الأردنية ـ العراقية المفتوحة على كل احتمالات الاضطراب بين الشارع الأردني والحكومة العراقية هذه المرة وليس بين الحكومات فقط في البلدين.
خلافا لكل الانطباعات البصرية الأولى لا تبدو العلاقة بين حكومة عمان وحكومة حيدر العبادي في بغداد متزنة وفعالة رغم ما تردد في الماضي عن اتفاق بين الجانبين لتدريب وتأهيل العشائر السنية العراقية في منطقة الأنبار تفاعلا مع استراتيجية الأردن في مواجهة نمو تنظيم «الدولة الإسلامية – داعش» المصنف بالإرهاب في عمق الخاصرة الشرقية للأردن.
العاهل الأردني كان قد تحدث علنا عن استراتيجية الدفاع بعمق عن حدود ومصالح الأردن عندما يتعلق الأمر بالعراق تحديدا، ترجمة هذه المعطيات تطلبت زيارة مسؤولين كبار في الأردن لبغداد بينهم رئيس الوزراء عبدالله النسور ورئيس الأركان الجنرال مشعل الزبن.
الأهم أن الأردن دخل في حلقة تعاون استراتيجية مع حكومة بغداد لم تنفذ بعد ولها علاقة بالسعي لتسليح وتأهيل عشائر الأنبار السنية التي تعتبر صديقة لعمان، لكن خلف الستارة لم يكتب للبرنامج الأردني عمليا النمو وحتى الولادة بسبب تعقيدات الموقف «الطائفي» في العراق وبسبب سعي رموز الحشد الشعبي تحديدا للإبقاء على جذوة الصراع ببعده الطائفي، حسب تقييم غرفة القرار الأردنية التي تراقب بدورها كل صغيرة وكبيرة مما يحصل في العراق.
وجهة نظر سياسي بارز في المعادلة الأردنية استمعت لها «القدس العربي» مباشرة وكانت تؤشرعلى تلك المعادلة التي تقول بأن تنظيم «داعش» والتشكيلات السنية المسلحة والمتشددة في العراق لا زالت تتغذى على الأداء الطائفي أولا للحكومة العراقية وعلى «ضعف الجيش العراقي» ثانيا بحيث تصل عمان استنتاجات تؤشر على أن قادة التحريض الطائفي في الجانب الحاكم يعمل على إدامة الصراع ويوفر الذخيرة لكي يصبح «داعش» الملاذ الوحيد لأهل السنة عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن مصالحهم الوجودية.
في مكتب رئاسة الوزراءالأردنية استنتجت «القدس العربي» أن النمو الكبير لدور كتائب الحشد الشيعي الشعبية على حساب دور الجيش العراقي الوطني المتراجع «لا يقدم المساعدة المطلوبة» ويزيد من تعقيدات موقف معقد أصلا.
في القراءة نفسها يتم التأشير أردنيا وفي غرف التقييم المغلقة على ضعف هوامش المناورة أمام حكومة عبادي الذي تم التعامل معه كصديق وفتح كل آفاق التعاون معه أردنيا دون فائدة على الأرض فقد تم الاتفاق على برنامج تأهيل عشائر السنة في الأنبار مع حكومة عبادي، لكن عند التطبيق اكتشف الأردنيون أن أطرافا أقوى في معادلة القرار العراقية لا زالت تؤمن بإدامة الصراع الطائفي، وبالتالي وضعت مطبات في مواجهة حتى التواصل الأردني مع عشائر الأنبار السنية.
وفي التقييم الأردني أيضا لا يخفي المسؤولون والسياسيون شعورهم بأن قادة وأركان اللعبة في المعادلة العراقية يعملون على إعاقة حكومة العبادي التي تقدم ضمانات «لفظية» للسنة لا تستطيع إلزام الأطراف الفاعلة بها ولا تستطيع ضمانها والحديث هنا عن دور نشط في «الحشد الشعبي الشيعي» لعائلة الحكيم ولبعض «أمراء الحرب» العراقيين ولنوري المالكي وغيره في إعاقة حتى ترتيب أوراق الجيش العراقي النظامي الذي يرى الأردنيون انه يتنازل ببساطة وبقرارات سياسية ميدانية عن أراضيه ومخازن سلاحه وعتاده لمقاتلي «داعش» وبدون اشتباك وبصورة مريبة في الكثير من الأحيان.
يحصل ذلك لسبب في قياسات المؤسسة الأردنية ومسؤول كبير في الأردن أفاد أمام «القدس العربي» بأن الوضع معقد جدا في بغداد لأن كل الأطراف ضد كل الأطراف حتى داخل الطائفة الواحدة ولأن قواعد «التمثيل السني» تتآكل وتفقد شرعيتها بسبب مضايقات الإدارة المركزية في بغداد العاصمة.
لإن الوضع بهذا المستوى من التعقيد داخل العراق وفي عمق إدارته حرصت الحكومة الأردنية، وكما المح الناطق الرسمي الدكتور محمد مومني على عدم التدخل بالجدل الذي أثاره تشييع جثمان طارق عزيز، فجثمان الراحل كشف عمليا وعلى نحو أو آخر عن «مظاهر العيب والتحفظ» في العلاقات الأردنية العراقية رغم عشرات الملفات والاتفاقيات والأوراق التي وقعت تحت عنوان التعاون الثنائي عندما زار العبـادي عمـان مـع سـبعة وزراء كمـا فعـل النسـور وهـو يـزور بغـداد.
جثمان طارق عزيز كشف «عيوب العلاقة الثنائية»: تآكل «التمثيل السني»… والعبادي لا يسيطر و«الحشد» أقوى من الجيش و«الجميع ضد الجميع» في العراق
بسام البدارين |