الخرطوم: أحمد يونس
شنفت آذان سكان الخرطوم المهتمين بالتذوق الموسيقى بليالٍ موسيقية باذخة مازجت بين التصوف والفن المحلي والعالمي، وهي تهدف للارتقاء بالأرواح، أو كما أورد منظمو مهرجان «ساما الموسيقي»، الذي شاركت فيه فرقة الإنشاد العرفاني وفرقة عقد الجلاد السودانية، وفرقة «فيز فوس» الألمانية، ضمن مهرجان «ساما الموسيقي».
وشهدت مسارح كلية الموسيقى والدراما بجامعة السودان، ومركز الفيصل الثقافي، وقاعة «اسبارك ستي» بالخرطوم خلال الفترة من 9 – 11 يونيو (حزيران) الحالي، حفلات التذوق الموسيقى نظمها المركز الثقافي الألماني «معهد جوتة» بالتعاون مع مركز الفيصل الثقافي، وفندق كورنثيا، والخطوط الجوية التركية، وبرعاية وزارة الثقافة السودانية.
ويهدف مهرجان «ساما الموسيقي» لخلق حالة تبادل الموسيقى بين السودان وموسيقى باقي دول العالم، ولعكس تراث البلاد الثري وتنوعها الموسيقي الموغل في التاريخ، الذي تمتد جذوره إلى آلاف السنين، وللدمج بين الفنون الشعبية والحديثة لشعوب العالم.
وتعني كلمة «ساما» الارتقاء الروحي من خلال تفاعلها مع الموسيقى، واستطاع منظمو المهرجان خلق تجربة فريدة استمتع خلالها الحضور بفن راقٍ وأصيل، امتزجت فيه الموسيقى السودانية و«مدائح المتصوفة» بالموسيقى الألمانية.
وقالت مديرة المهرجان رندا حامد، إن تجربة المهرجان الأولى سلطت الضوء على الفن الصوفي، باعتباره فنًا أصيلاً، ذا جذور ضاربة في أعماق التراث السوداني منذ القرن السادس عشر. وأضافت: «من خلال استضافة الطريقة البرهانية، وبالتعاون الفريد مع فرقة عقد الجلاد ومشاركة فرقة (فيز فوس) الألمانية ذات الأصول التركية، استطعنا تقديم تجربة غنية بالألوان، قدمت خلالها الفرقة الألمانية نماذج موسيقية من إسبانيا وإيطاليا وإيران وتركيا ودول شمال أفريقيا».
وأقامت فرقة «فيز فوس» والطريقة البرهانية ورشة عمل في كلية الموسيقى والدراما بجامعة السودان شارك فيها طلاب من الكلية، إضافة إلى محاضرة عن الموسيقى الصوفية قدمها الموسيقار أنس العاقب والناقد مصعب قدمت خلالها نماذج صوفية من أداء فرقة الشيخ عبد الله الحبر.
واختتم «مهرجان ساما» ليلة الخميس بحفل جماهيري بقاعة «اسبارك ستي» بضاحية بري شرق الخرطوم، قدمت خلالها فرقة «فيز فوس» أعمال موسيقية عالمية، وشاركتها الليلة فرقة الغناء الكورالي السودانية الشهيرة «عقد الجلاد». وقال القاص عبد الغني كرم الله تعليقًا على ليلة الختام الخميس، إنه من طرفه سرح وحلّقت روحه في ألق فصيح، وأضاف: «بدعوة من روح الشاعر العظيم جوتة، حيث تجسد حبه للحياة في شكل مراكز باسمه في نواحي الكوكب، أقام مركز جوتة ليلة للإنشاد الصوفي، فأنشد الإخوة البرهانيون، بالطواقي الحمر، والروح الأخضر، والثياب البيض، قصيدة (يا سائق الأظعان)، والأنشودة الصوفية (المدحة) للشاعر الصوفي العظيم عبد الغني النابلسي، صاحب البروق الآتية من سدة القدس، في لبوس معان، وفي ستار حروف».
ويضيف كرم الله: «عبد الغني النابلسي شاعر عارف، يستخدم الرمز والقصيد واللحن، في توصيل فكرته، بل إلهامه، وما غرفه من سدة القدس، في جسمه السعيد بحواس نضر».
ودرج معهد جوتة الألماني بالخرطوم على الاهتمام بالموسيقى والثقافة والسينما والتشكيل، وقالت مديرة المهرجان رندا عنه وفي تفسير للدور الكبير لاهتمام المركز بتراث وثقافة السودان: «نحن حريصون على إشباع الذوق السوداني لتجربة موسيقى جديدة ممزوجة بالنفس الصوفي».
الشرق الأوسط