الرئيس السوداني يصل إلى بلده قادما من دولة جنوب إفريقيا، التي طلبت منها المحكمة الجنائية الدولية القبض على البشير وتسليمه إياها.
الخرطوم- من ناجي موسى
تنفس السودانيون الصعداء، وعادت الأجواء إلى طبيعتها في البلاد، اليوم الثلاثاء، بعد أن شهدت العاصمة والولايات، خلال اليومين الماضيين، موجة عارمة من القلق والتوتر، إثر الأنباء الواردة من جوهانسبرج، بشأن قرار المحكمة العليا في جنوب إفريقيا القاضي بمنع الرئيس، عمر البشير، من مغادرة أراضيها تمهيداً لتسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وكان الرئيس السوداني وصل إلى مطار الخرطوم أمس الإثنين قادماً من جنوب إفريقيا. وأظهرت لقطات تلفزيونية البشير وهو يترجل من الطائرة ويحيي عشرات المستقبلين.
وتسببت مطالبة المحكمة الجنائية الدولية في جنوب إفريقيا بالقبض على البشير، في حالة من القلق والشد والجذب في السودان، كما شهدت فيه أروقة الدولة والحزب الحاكم حركة مكوكية واجتماعات مكثفة، وسط تكهنات متضاربة كان أغلبها توقع أن يعود الرئيس سالما إلى البلاد، لكن دون تحديد وقت معين.
ولم يقتصر الحال على الشارع العام في الخرطوم، إذ أضافت صدمة قرار المحكمة العليا في جوهانسبرج صخباً غير مسبوق في مواقع التواصل الإجتماعي والإعلام المحلي، ولم تخلُ أي صفحة للمشتركين السودانيين من التعليقات، تهكماً على الرئيس أو تضامنا معه.
واعتبر الكثير من المراقبين ما شهده السودان خلال اليومين الماضيين، “أكبر حدث هز الساحة السياسية والمواطن السوداني منذ احتجاجات أيلول/ سبتمبر الشهيرة عام 2013.
وفي الأثناء، أعاب البعض على الرئاسة السودانية “المغامرة بالمشاركة في القمة الإفريقة بوفد رفيع يقوده رئيس البلاد، بالرغم من صدور مذكرتي توقيف بحقه من قبل المحكمة الجنائية الدولية، علماً بأن دولة جنوب إفريقيا عضو موقع على ميثاق روما، الذي تأسست على إثره المحكمة الجنائية الدولية”.
ويرى مراقبون أن قرار الرئاسة السودانية بالمشاركة في القمة الإفريقية، “أتى لإعادة البريق للحكومة الجديدة، وخلق تأييد في الشارع السياسي الغرض منه الحصول على مزيد من التأييد للحكومة المنتخبة الجديدة؛ لا سيما أن الانتخابات الأخيرة شهدت عزوفاً واضحاً من قبل الجماهير وتميزت بإقبال ضعيف للناخبين مقارنة بانتخابات عام 2010″.
وعلى الصعيد الرسمي والمعارضة، اشتدت حرب التصريحات، حيث اتسمت المواقف الحكومية بالتقليل من قرار منع الرئيس من السفر وتسليمه للجنائية الدولية، وصرحت الخارجية السودانية، مرارا بأن “ما تناقلته وسائل الإعلام عن تنفيذ طلب المحكمة الجنائية الدولية وتوقيف البشير لم يكن إلا دعاية إعلامية معروفة المرامي”.
وقال وكيل وزارة الخارجية السودانية، كمال إسماعيل إن “البشير محمي بقرار الاتحاد الإفريقي القاضي بعدم الالتزام بقرارات المحكمة الجنائية الدولية”، وطمأن الشارع السوداني بأن “موقف البشير سليم في جنوب إفريقيا.. حركته عادية.. ولا توجد أي عقبات أمنية أو سياسية، في مواجهة الرئيس ووفده”.
وفي المقابل، اتخذت المعارضة السودانية موقفاً صريحاً من التطورات الأخيرة في جوهانسبرج، وأعلنت بشكل قاطع “تأييدها القبض على البشير تحقيقا للعدالة وإحقاقا للحق”، على حد تعبيرها.
وأعلن تحالف المعارضة السودانية المعروف بقوى “نداء السودان”، “دعمه الكامل لقرار المحكمة الجنائية الدولية ومن بعدها المحكمة العليا في بريتوريا”، واعتبر قرار المحكمة العليا “انتصاراً للقضاء الإفريقي والعدالة والقانون في القارة الإفريقية”.
من جهتها، أشارت الحركة الشعبية لتحرير السودان/ قطاع الشمال، إلى أن جنوب إفريقيا، عضو موقع على ميثاق روما، “وعليها الالتزام بضرورة اعتقال كل مطلوب للعدالة الدولية، وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية”.
واعتبرت الحركة مشاركة البشير في قمة جوهانسبرج “أكبر تحد أمام القضاء المستقل في جنوب إفريقيا وتاريخ حزب المؤتمر الوطني الإفريقي في مكافحة العنصرية وجرائم الحرب”.
وطالبت المحكمة الجنائية الدولية حكومة جنوب إفريقيا بـ”القبض على البشير وتسليمه لها بموجب مذكرة توقيف صادرة بحقه عام 2009، بشأن ضلوعه في جرائم حرب وإبادة جماعية في إقليم دارفور”.
واستجابة لذلك، طالبت المحكمة العليا في جنوب إفريقيا بمنع الرئيس السوداني من السفر لحين النظر في الأمر، لكن السلطات لم تنفذ الأمر؛ كونها استصدرت قبل عشرة أيام قرارا يمنح الوفود المشاركة في القمة الإفريقية الحصانة الكاملة. وأُعلن في وقت سابق أن البشير غادر أمس الإثنين جنوب إفريقيا متجهاً إلى بلده.
إرم