من أصل 60 ألف وثيقة نشرتها ويكيليكس عن المراسلات السعودية كأول دفعة في سلسلة النشر التي ستستمر كما قال مؤسس الموقع أسانج يوجد اسم السودان في 94 وثيقة فقط. ونفت وزارة الخارجية السعودية في تعميم حقيقة هذه الوثائق مؤكدة أنها مزورة، وأن المقصود منها إحداث أضرار بالمصلحة الوطنية السعودية.
لفتت وكالة الأنباء الفرنسية في تقرير نشرته أمس (الأحد) تعليقا على تلك الوثائق التي نشرتها ويكيلكس عن نشاط الدبلوماسية السعودية لأن المراسلات الدبلوماسية الصادرة من طهران إلى الرياض تشير إلى أن الغضب الشعبي يزداد، وأن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يزيد من حدة الغضب والتوتر ضد الحكومة في طهران، وفي الخرطوم تشير المراسلات الدبلوماسية إلى معلومات مهزوزة عن وجود نشاط إيراني في السودان.
قالت وكالة الأنباء الفرنسية إنها استطاعت أن تستوثق من صحة عدد قليل من هذه الوثائق. وتصديقا لهذا الحكم أكد خبراء أمنيون في الوثائق استنطقتهم (اليوم التالي) أن عددا كبيرا من هذه الوثائق تكبر فيه شبهة التزوير، ولكن كذلك بعض هذه الوثائق تبدو صحيحة وموثوقة.
وثائق السودان: موضوعات في السياسة والمعلومات
تحدثت الوثائق التي ورد فيها اسم السودان عن قضايا متعددة جزء منها يصب في العلاقات السياسية بين البلدين وكذلك في القضايا الإقليمية وبعضها عبارة عن مراسلات بين السفارة السودانية في الرياض إلى رئاسة وزارة الخارجية في السعودية وكلها لا تخرج عن عمل السفارات الروتيني من معالجات قنصلية وإخطار بزيارات لكبار المسؤولين، وغيرها. من الوثائق التي وجدت اهتماما كبيرا في وسائل الإعلام موافقة المملكة على علاج وزير الدفاع السابق الفريق عبدالرحيم محمد حسين في السعودية وكذلك مقابلة مساعد رئيس الجمهورية موسى محمد أحمد للسفير السعودي وطلب مساعدة المملكة في بناء المدينة الرياضية، وكذلك مقابلة مولانا محمد عثمان الميرغني للسفير السعودي وطلبه تقديم مساعدة للحزب قبل إلغاء تسجيله لعدم التزامه بقيام مؤتمره العام. وهو ما سارع الحزب الاتحادي لنفيه على الفور.
وثائق مزورة وحقائق مشوهة
بحسب مراقبين زعمت بعض الوثائق التي تطفح بشبهات التزوير أن سلاح الجو الإيراني شارك في معارك هجليج لضرب المتمردين، وهو ما نفاه مصدر مسؤول وتساءل البعض عن الهدف والقصد من هذا التشويش من مصدر المعلومة في الأساس الذي نقلها للسفارة السعودية بالخرطوم. كما نشرت وثائق أخرى يشتبه في تزويرها عن وصول رجال مخابرات مصرية للاشتراك في قتل رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت وهي معلومة لا تحتاج إلى نفي رسمي كما فعل الناطق الرسمي باسم الخارجية أمس الأول لأن هذه المعلومة لا تتسق مع الحقائق السياسية المجردة ولا عمل الأجهزة المختصة. والسؤال: ماذا يستفيد السودان من مثل هذه المحاولة؟، وما مصلحة الحكومة المصرية في ذلك؟ وهذه الأسئلة توضح أن الوثيقة مزورة وغير صحيحة.
ولعل الوثيقة الخطيرة التي يجمع كل الخبراء على كذبها هي طلب نائب رئيس البرلمان الإيراني إنشاء قاعدة عسكرية لإيران في السودان ورفض السودان لهذا العرض. والسبب الرئيس للتشكيك في صحة هذه الوثيقة هي أن مثل هذا الطلب لا يأتي من البرلمان بل من الحكومة الإيرانية مباشرة، كما أن تسليم الطلب لرئيس المخابرات كما ورد في الوثيقة غير صحيح لأن السفراء يتعاملون مع الجهاز السياسي للدولة وليس المخابرات.
وأخيرا فإن الاجتماع الذي وصفته الوثيقة غير صحيح لأنها ذكرت أن كمال عبداللطيف وزير عدل، وهو غير صحيح كما أن الاجتماع تم في منزل نائب الرئيس السابق الحاج آدم وهذا غير صحيح أيضا.
الوثيقة الأخرى التي نالت قدرا من التشكيك والتكذيب في محتواها هي التي تتحدث عن إنزال آليات طرد مركزي من طهران في الخرطوم، وهي معلومات كاذبة أيضا.
تأكيد شكوك الحكومة السودانية
مصادر (اليوم التالي) قالت إن هذه الوثائق كشفت عن تأكيدات الحكومة السودانية التي أشارت من قبل إلى أن المملكة العربية السعودية تملك معلومات وتصورات غير صحيحة عن طبيعة وحجم العلاقات مع إيران. ويتضح من هذه الوثائق أن المعلومات المنقولة إذا ثبتت صحتها تعتبر مزورة ومشوهة للحقائق مما يشير إلى وجود طرف مستفيد من نقل مثل هذه المعلومات إلى الجهاز السياسي في السعودية.
فيما كشف خبير في المعلومات للصحيفة أن الأطراف التي تزود هذه الأجهزة بالمعلومات استغلت مخاوف دول الخليج من (فزاعة العلاقة مع إيران) فأصبحت تغذي هذه الشكوك والهواجس بمعلومات كاذبة ومغلوطة في مقابل مزيد من الثقة والعائد المادي ولكن النتيجة هي تضليل الجهاز السياسي في الخليج والإضرار بمصالح الوطن والكذب على من أولاه الثقة.
بالرغم من التشكيك الكبير وشبهات التزوير الواسعة حول هذه الوثائق إلا أنها ـ في حال صدق بعضها ـ تؤكد أن هناك فجوه في تبادل المعلومات على المستوى السياسي والأمني بين الجانبين مما ترك الباب واسعا لتدخل جهات غير معلومة لسد هذه الفجوة بتزويد الأطراف المختلفة بمعلومات غير حقيقية مما يزيد من شكوك الطرفين خاصة في ما يخص العلاقة مع إيران التي تم تجاوزها بشكل كامل وفق التطورات الأخيرة
اليو التالي