سجل سعر الدولار،الأحد ، إرتفاعا جنونيا مقابل الجنيه السوداني،الذى تراجع الى مستوى غير مسبوق، ليبلغ 9.85 للبيع مقارنة بـ 9.50 جنيهات في العاشر من أغسطس الجاري، فيما بلغ سعر الشراء 10 جنيهات. وأفاد تجار بالسوق الموازي للعملات "سودان تربيون" أن سعر الدولار إرتفع على نحو غير مسبوق، وقال عمر الذي ينشط في تجارة العملة بالسوق السوداء " السعر اليوم لم يكن متوقعا، على الأقل خلال هذه الفترة."
وأفاد أن السعر السائد في السوق بلغ 9.85 للكميات القليلة، والمتوسطة من الدولار، ولكن الكميات الكبيرة يمكن أن يصل سعرها الى 9,90 جنيها .
وأكد عدد من صغار التجار أن كبار المضاربين في سوق العملة يتحكمون في السعر غير أنهم عادوا وقالوا أن العرض والطلب يعتبران عنصرا أساسيا في إرتفاع سعر الدولار وإنخفاضه، متوقعين أن يتخطى سعره حاجز الـ10 جنيهات، في ظل الندرة وتزايد الطلب في السوق السوداني مؤخرا.
وتشير "سودان تربيون" الى أن الدولار يشهد إرتفاعا ملحوظا على المستوى العالمي، اثر تدهور سعر اليورو في مواجهته نتيجة لأزمة الدين اليوناني.
وعزا أحد كبار المضاربين، مفضلا حجب إسمه أرتفاع أسعار الدولار، إلى زيادة الطلب، مشيرا إلى أن سياسات بنك السودان، المتعلقة بإشتراطات فتح الإعتمادات التي وصفها بالمعقدة، تدفع المستثمرين والتجار إلى الإستعانة بالسوق الموازي لتوفير العملات الصعبة.
وأكد أن عدد كبار المضاربين في السوق لا يتعدى الـ 15 تاجرا ، وأن معظمهم معروف لدى سلطات الأمن الاقتصادي، غير أنها تتقاضى عنهم، لأن التعرض لهم قد يحدث فوضى في سوق العملة ، مشيرا إلى أنهم يضخوا ملايين الدولارات في السوق يوميا، حال أمسكوا عن ذلك من الممكن أن تحدث ندرة شديدة في الدولار ويبلغ رقما خرافيا، يؤدي لفقدان الحكومة السيطرة عليه.
الصرافات تخالف التوجيهات
وعمدت الصرافات الرسمية، الى مخالفة توجيهات بنك السودان، واتجهت مؤخرا للتعامل مع الجمهور بسعر السوق السوداء، بدلا عن سعر البنك المركزي، الذي يتسم بالانخفاض برغم أن بنك السودان يوفر لها حصة يومية من العملة الصعبة .
وقال صاحب صرافة فضل حجب اسمه ( نحصل على كميات قليلة من بنك السودان وفي كثير من الاحيان لا تتوفر، لذا نشتري من السوق السوداء ونبيع مثلنا مثل غيرنا).
وأوضح أنهم في السابق كانوا يحصلوا على 50 ألف دولار في اليوم، بينما تبلغ حصة بعض الصرفات أكثر من 100 ألف دولار في اليوم، ولكن الحصة تقلصت إلى 10 ألف دولار وفي بعض الأيام لا تتوفر نهائيا.
ويشار الى أن بعض الصرافات في العاصمة السودانية،الخرطوم، تحظى دون غيرها بحصة كبيرة من مدفوعات بنك السودان المركزي بسبب تبعيتها لجهات نافذة في الدولة، كما يتشارك أفارقة من إحدى الدول المجاورة، إدارة بعض الصرافات في قلب العاصمة حيث تنشط في تحويلات الأجانب سيما من الأفارقة، بجانب تعاملها مع الجمهور، وبعضها يتعامل بسعر أقل بقليل من سعر السوق ولكنه أعلى من السعر الرسمي، الذي لم يتخطى الأحد عند الشراء حاجز 6,077 جنيها، و6,075 للبيع.
حظر التحويلات البنكية
وبحسب خبراء ، فان الحظر المفروض على التحويلات البنكية، في إطار الحصار الاقتصادي الأمريكي على السودان، أسهم بقدر كبير في أرتفاع سعر الدولار، وخلق ندرة في العرض، إضافة إلى أسهامه بصورة مباشرة، في فتح مزيد من القنوات الموازية للنظام المصرفي.
وقال عدد من المستثمرين إن التعامل مع النظام المصرفي في السودان، في تحويلات بالدولار أمر مستحيل، موضحين أن المستثمرين، لجأوا إلى تجاوز النظام المصرفي، للتعمل مع عملائهم في الخارج.
وقال أحد المستثمرين مفضلا حجب هويته لـ"سودان تربيون"( أبتكرنا طريقة جديدة، وهي ان تدفع لتجار العملة المبلغ بالجنيه في الخرطوم، وتستلم بالدولار في أي مكان في العالم، دبي، جده ، بكين ،أي مكان) وأشار إلى أن سعر الدولار في هذه الحالة أعلى من السوق وأضاف ( لا يوجد حل آخر، مع الحظر).
الحكومة أكبر مشتري
وأكد خبراء اقتصاديين، إن الحكومة تعد المشتري الأكبر للدولار، من السوق الموازي – السوق السوداء-، مشيرين إلى أن البنك المركزي، وبعض المؤسسات الحكومية تنشط في شراء الدولار عبر صرافات تتبع لها، أو تجار عملة، وأفاد خبير إقتصادي أن "الحكومة فقدت معظم الموارد التي توفر عملات صعبة، وإعتمادها على الذهب لا يحقق 30% من المطلوب، وتحتاج مدخلات كثيرة للدولار مثل الجازولين والقمح والعقاقير الطبية."
موجة غلاء محتملة
وقال تجار أن السوق يتأثر بشكل مباشر بسعر الدولار، وترتفع أسعار السلع، المستوردة منها والمحلية على حد سواء، واشتكى التجار من أن ارتفاع الأسعار يعني الكساد وندرة في الشراء والذي هو كاسد أصلا على حد تعبيرهم.
وأوضحوا أن الأسعار لم ترتفع مباشرة خوفا من الكساد غير أنهم أكدوا ازديادها في غضون أسابيع، فور دخول بضائع جديدة للسوق.
ويخشى خبراء من ان تتجه الحكومة إلى رفع الدعم عن السلع، مشيرين أن أنها ستجد نفسها مجبرة على ذلك.
وقال الخبير الاقتصادي محمد دفع الله ( نتخوف من مزيد من رفع الدعم عن السلع، مع موجة ارتفاع الدولار، بسبب عجز الحكومة عن توفيره، مع فقدانها للبترول وعائده، وتراجع انتاج حقول الجنوب بسبب الحرب وبالتالي فقدان ما يتم تحصيله من رسوم نقل البترول عبر الانابيب) .
سودان تربيون